مصر: مرضى الكبد يجربون "سوفالدي" بعد احتراق "الكفتة"

29 سبتمبر 2014
فحص أحد مرضى الكبد (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -
حدد وزير الصحة المصري، عادل عدوي، 16 مركزاً على مستوى المحافظات لاستقبال مرضى التهاب الكبد الوبائي، وسط تحفظات من كثيرين لارتفاع سعر العقار الجديد "سوفالدي"، ما يحرم غالبية المرضى منه، لينفرد الأغنياء بالاستفادة منه.
ومع انطلاق مرحلة الكشف الطبي، بدأت حالة من الأمل المشوب بالحذر تدب في نفوس أكثر من 9 ملايين مصري يعانون مرض التهاب الكبد الوبائي الفئة "سي"، بعدما أعلنت وزارة الصحة عن إبرام اتفاق مع شركة "جيليد ساينسيز" الأميركية تشتري بموجبه الحكومة العقار "سوفالدي" بمبلغ ثلاثمائة دولار للعلبة، التي تكفي لمدة شهر.
ولأن الشركة تتعرض لانتقادات متزايدة بسبب ارتفاع سعر عقارها الجديد، أعلن مسؤول فيها أنها عرضت توريد الدواء إلى مصر مع خصم كبير من سعره الأميركي، ما أثار تخوفات بين المرضى والأطباء، الذين أشار بعضهم إلى نية الشركة الأميركية تحويل المرضى المصريين إلى حقل تجارب لعقارها الجديد، على حد قول نقيب صيادلة محافظة الإسماعيلية سعاد حمودة. وفي محاولة فسرها البعض ببث الأمل في نفوس المصريين، ووصفها آخرون ببيع الوهم للمرضى، أعلن رئيس اللجنة القومية للفيروسات بوزارة الصحة، عميد المعهد القومي للكبد، وحيد دوس، أن اللجنة الاستشارية حددت قواعد وضوابط الحصول على العلاج الجديد، مشيراً إلى أن مصر لم تتعاقد على شراء العقار إلا بعد أن تم إجراء التجارب على 103 حالات من المرضى المصريين وبلغت نسبة الشفاء بينهم 89 في المائة، بالإضافة إلى إجراء الشركة الأميركية تجارب على 24 حالة مصابة بفيروس "سي" من الجيل الرابع في الولايات المتحدة ووصلت نسبة الشفاء إلى أكثر من 90 في المائة.
وقال دوس إن الأولوية في تلقي العلاج ستكون للحالات المتأخرة من مرضى التليف الكبدي، والذين فشل علاجهم بعقار الإنترفيرون والمسجلين بمراكز الكبد على مستوى الجمهورية، موضحاً أن المريض سيحصل على قرص واحد يومياً من العقار "سوفالدي"، مع 4 أقراص ريبافيرين، وجرعة إنترفيرون أسبوعياً، لمدة 3 أشهر.
ويطرح المتخوّفون وجهة نظرهم استنادًا إلى أن إدارة الغذاء والدواء الأميركية سبق أن وافقت أواخر العام 2013 على تداول عقار جديد لعلاج مرض التهاب الكبد الوبائي "سوفو بوفير"، هو عبارة عن أقراص يتم تناولها مرة واحدة يومياً لمدة 16 أسبوعاً، ولكن لم يتم تداوله على مستوى العالم.
وأشاروا إلى إمكان أن يكون العقار الجديد تطويراً للعقار السابق في محاولة لترويجه تجارياً، وهو السؤال الذي تجيب عنه الأيام المقبلة على أمل أن يتحقق الشفاء للمرضى ولا يجدوا أنفسهم أمام تجارب وهمية مثلها مثل جهاز "الكفتة" المنسوب للواء عبد العاطي، والذي توقف الحديث عنه بعد أن أثار ضجة كبرى خلال الشهور الماضية.
وكانت الهيئة الهندسية بالجيش المصري أعلنت قبل نحو العام عن اكتشاف جديد يقضي على العديد من الأمراض بينها فيروس "سي" وتعرض لهجوم واسع حول العالم من خبراء ومتخصصين، وصفوه بأنه ليس إلا كذبة كبيرة، فيما أصبح يطلق عليه إعلاميا عقار "الكفتة"، وفقاً لكلام منسوب للشخص الذي قيل إنه صاحب الاكتشاف، والذي قيل إنه لواء في الجيش المصري وسط شكوك واسعة.
وعلمت "العربي الجديد" أن نقابة الصيادلة اعترضت على السعر المحدد للعقار الأميركي لأنه يزيد بمبلغ 13 ألف جنيه عن الأسعار المحددة وفقاً لاستراتيجية العلاج الجديدة، التي تنص على ألا يزيد سعر أي دواء عن 2200 جنيه، فيما قررت وزارة الصحة بيع العقار الجديد بخمسة عشر ألف جنيه. وأوضح الصيدلي يسري فؤاد (الجيزة) أن الجرعات الست من الدواء يتجاوز سعرها 90 ألف جنيه مصري، فضلاً عن أن عدد المرضى يتفاقم يوماً تلو الآخر، لافتاً إلى أنه يعتبر سعراً مرتفعاً جداً، ولا يتناسب مع دخل أغلب المرضى الذين يقبع معظمهم تحت خط الفقر. وأكد أن الأمر يشوبه عدد من علامات الاستفهام، فلا يصح على سبيل المثال أن يكون أحد مفاوضي وزارة الصحة على تسعير الدواء، باحث في الشركة المنتجة له، وهو الدكتور وحيد دوس، الوثيق الصلة بالشركة الأميركية والذي لعب الدور الرئيسي في التفاوض على استيراده.
من جانب آخر، طالب عضو مجلس نقابة الصيادلة، أحمد فاروق، الدولة أن تعلن أن مصر منطقة وباء بفيروس "سي" الكبدي وهو أمر يساعدها، طبقا للاتفاقيات العالمية، مثل اتفاقية "التربس"، على تسعير الدواء إجبارياً دون استئذان الشركة المنتجة، بسعر بسيط في متناول أيدي المرضى، خاصة من لا يملكون تكلفة العلاج، كما يمكن في هذه الحالة استيراد الدواء من الهند أو أي دولة مماثلة، ولن يزيد حينها سعر الجرعة الواحدة من الدواء عن 1000 جنيه مصري.
المساهمون