تترقب الشركات العقارية في مصر، الزيادات الجديدة في أسعار الوقود، المنتظر أن تقرها الحكومة خلال الأسابيع المقبلة، من أجل رفع أسعار منتجاتها، على الرغم من القفزة الكبيرة التي شهدتها السوق في قيمة العقارات منذ نهاية عام 2016، عقب الإجراءات الحكومية، التي شملت تحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية ورفع أسعار الوقود عدة مرات وإقرار ضريبة القيمة المضافة.
وقال حسين صبور الرئيس السابق لجمعية رجال الأعمال، ورئيس مجلس إدارة شركة الأهلي للتنمية العقارية، إن أسعار العقارات مرشحة للزيادة مع اتخاذ الحكومة قراراً جديداً بتحريك أسعار المواد البترولية، حيث سيكون لذلك انعكاس على تكلفة النقل ومواد البناء وتشغيل المعدات.
وأضاف صبور في حديث لـ"العربي الجديد" أن الطفرات التي شهدتها السوق العقارية خلال العام الماضي ارتبطت بأكثر من محدد، منها أسعار المنتجات البترولية والكهرباء وتحريك أسعار الفائدة وتعويم الجنيه الذي نجم عنه ارتفاع سعر صرف الدولار لنحو الضعف.
وتوقع ارتفاع أسعار العقارات بنسبة 20% حال زيادة أسعار الوقود، معتبرا أنه رغم ارتفاع الأسعار خلال الفترة الماضية، فإن الطلب على العقارات ارتفع، بخاصة في ظل تدني القيمة الشرائية للجنيه.
وأظهرت دراسة قبل أيام، أن أسعار العقارات سجلت ارتفاعاً كبيراً سواء في مختلف المحافظات المصرية، لا سيما في المناطق العمرانية الجديدة على أطراف العاصمة القاهرة.
وأوضحت الدراسة الصادرة عن شركة متخصصة في التسويق العقاري، والتي رصدت مستويات الأسعار منذ تحرير سعر صرف الجنيه في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 وحتى فبراير/ شباط 2018، أن أسعار الوحدات السكنية في مدينة القاهرة الجديدة شرق العاصمة قفزت بنسبة 48%، ليتراوح سعر المتر بين 8800 جنيه و18500 جنيه. ورغم هذا الارتفاع في الأسعار، فإن الطلب على الشراء قفز بنسبة 80%.
وقفزت الأسعار في مدينة الشيخ زايد غرب القاهرة بنسبة 58%، ليتراوح سعر المتر بين 8400 جنيه و12 ألف جنيه، في حين تراوحت نسبة الزيادة في باقي أحياء القاهرة بين 28% و38%، فيما وصل الطلب في بعض المناطق إلى 100%.
وقال طارق شكري، رئيس شعبة الاستثمار العقاري، إن الإقبال على الشراء يتركز في الوحدات الصغيرة والأماكن المميزة بالمدن الجديدة، لافتا إلى أن غالبية الشركات وضعت سيناريوهات لرفع الأسعار بنسب تتراوح بين 10% و15% بسبب توقعات ارتفاع أسعار مواد البناء على خلفية زيادة أسعار الوقود.
كان مسؤول بارز في وزارة المالية، قد كشف في إبريل/ نيسان الماضي عن تفاوض الحكومة مع صندوق النقد الدولي، على آلية لربط سعر الوقود في السوق المحلية بالأسعار العالمية، مشيراً إلى أنه من المقرر تنفيذ هذه الخطوة بشكل تجريبي بدءاً من العام المقبل.
وقدرت الحكومة سعر برميل النفط في موازنة العام المالي المقبل الذي يحل في الأول من يوليو/ تموز، بنحو 67 دولاراً، فيما توقعت مصارف غربية أن يصل إلى 80 دولاراً خلال الشهور المقبلة.
واتفقت الحكومة مع صندوق النقد في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 على برنامج اقتصادي، يتضمن إلغاء دعم الوقود بشكل تدريجي، وتحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة، وذلك مقابل قرض بقيمة 12 مليار دولار يصرف على ثلاث سنوات.
وتظهر بنود مشروع الموازنة المقبلة، أنه سيتم خفض إجمالي مخصصات دعم الوقود والكهرباء بنسبة 23.6% تعادل 33.1 مليار جنيه، حيث سيتراجع دعم المواد النفطية إلى نحو 89 مليار جنيه (5 مليارات دولار)، مقارنة بـ 110.1 مليارات جنيه في العام المالي الحالي.
كما سينخفض دعم الكهرباء إلى 16 مليار جنيه، من 30 مليار جنيه في الموازنة الحالية 2018/ 2017، ما يعني زيادة أسعار الوقود بنسبة كبيرة خلال الشهور القليلة المقبلة.
وتعد الزيادة المرتقبة في سعر الوقود، الرابعة منذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى سدة الحكم في يونيو/ حزيران 2014، إذ كانت الأولى في يوليو/ تموز 2014، بنسب اقتربت من الضعف، والثانية في الرابع من نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، بنسب تراوحت ما بين 30% إلى 47%، ثم جاءت الزيادة الأخيرة في الثلاثين من يونيو/ حزيران الماضي بنسب تصل إلى 55%.
وكشف مصدر في لجنة الطاقة في مجلس النواب (البرلمان) في تصريح لـ"العربي الجديد" يوم الجمعة الماضي، أن حكومة بلاده تدرس اقتراحاً بتقديم موعد زيادة أسعار الوقود إلى منتصف مايو/ أيار الجاري، بدلاً من نهاية يونيو/ حزيران المقبل، بهدف تخفيف الضغط على الموازنة الجارية، إثر ارتفاع سعر برميل البترول العالمي.
وشهدت أسعار مواد البناء ارتفاعات كبيرة على مدار الـ 12 شهراً الماضية، وفق البيانات الرسمية الصادرة عن الإدارة المركزية للاحتياجات ومواد البناء التابعة لوزارة الإسكان.
وقفزت أسعار حديد التسليح خلال إبريل/ نيسان الماضي إلى 12550جنيها للطن (713 دولارا)، مقابل 9550 جنيها في نفس الشهر من العام الماضي، بعد ما يقرب من 6 أشهر على قرار التعويم، بزيادة بلغت نسبتها 31.4%.
كما زادت أسعار الإسمنت بنسبة 31%، مسجلا 950 جنيها للطن الشهر الماضي، مقابل 725 جنيها في الفترة المناظرة من 2017. وارتفعت أسعار باقي مواد البناء بنسبة تتراوح بين 18.4%، و21.8%، بينما زادت أسعار مواد التشطيب من دهانات وغيرها بنسب تراوحت بين 6.9% و52.2%.
وتواصل أسعار الحديد ارتفاعها منذ أصدرت وزارة التجارة والصناعة قراراً في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بفرض رسوم نهائية لمكافحة الإغراق على واردات حديد التسليح، المصدرة من الصين وتركيا وأوكرانيا لمدة 5 سنوات، مبررة ذلك بحماية الاقتصاد القومي، ومنع الضرر عن مصنعيه المحليين.
وبينما استفادت السوق العقارية من التراجع الحاد في قيمة الجنيه أمام الدولار وباقي العملات الأجنبية، حيث وجهت شرائح من أصحاب الدخول المرتفعة والكثير من المصريين العاملين الخارج مدخراتهم نحو شراء أصول عقارية للحفاظ على أموالهم من التآكل، إلا أن الارتفاع الكبير في أسعار مواد البناء وفي النهاية قيمة العقارات ينذر بركود كبير وانفجار ما يصفها خبراء بالفقاعة التي وصلت إليها السوق على مدار الأعوام الأخيرة.
وتشير بيانات حديثة صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، إلى أن عدد الوحدات السكنية يبلغ حوالي 23 مليون وحدة، منها نحو 53 % تمليكاً و7% بنظام الإيجار القديم، فيما تبلغ نسبة الوحدات بنظام الإيجار الجديد 7.2% من إجمالي الوحدات.
وتعد العقارات أبرز القطاعات التي تحرك الاقتصاد المصري، ما يجعل من توقف العمل بالمشروعات حال حدوث ركود بالسوق، يهدد أكثر من 90 صناعة ويشرد ملايين العمال، وفق علاء والي، النائب في البرلمان، الذي تقدم ببيان نيابي في إبريل/ نيسان الماضي لوزير التجارة والصناعة طارق قابيل، يطالبه فيه بوضع حلول عاجلة لمواجهة الارتفاع المستمر في أسعار الحديد والإسمنت.
وقال أحمد الرفاعي، المسؤول في إحدى شركات التسويق العقاري: "هناك استغلال كبير من جانب الشركات العقارية لشرائح واسعة ممن تتوفر لديهم سيولة مالية، حيث يجري اللعب بقوة على وتر أن العقارات هي الملاذ الأكثر أمانا، وأنه مخزن حقيقي للمدخرات"، مستفيدة في ذلك من التداعيات التي أحدثتها الإجراءات الحكومية من زيادة معدلات التضخم بنسب كبيرة أدت إلى تآكل القيمة الشرائية للمدخرات.
وأضاف الرفاعي أن مناطق شرق العاصمة، بخاصة في القاهرة الجديدة والمربعات القريبة منها كانت الأكثر ارتفاعا في الأسعار، حيث يجري الترويج لقربها من العاصمة الإدارية الجديدة الجاري بناؤها من قبل الحكومة، والتي تشهد أسعار الوحدات السكنية فيها مبالغات كبيرة على الرغم من أن كل التقديرات تشير إلى عدم صلاحيتها للعيش قبل عشرة أعوام على أقل تقدير.