على غرار المشهد الشهير لفيلم "البريء" للمخرج المصري الراحل عاطف الطيب، الذي أدى بطولته الممثلان الراحلان أحمد زكي ومحمود عبد العزيز، تفقدت لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب (البرلمان) المصري، برئاسة النائب علاء عابد (ضابط شرطة سبق اتهامه بقضايا تعذيب)، الأحد، سجن القناطر، وذلك بدعوى الرد على "شائعات" التعذيب داخل السجون.
وبحسب بيان صادر عن اللجنة، فإنّ السجناء المصريين والأجانب يعاملون أفضل معاملة داخل السجن، ولا يتعرضون لأيّ انتهاكات لحقوقهم المكفولة دستورياً. وأشار البيان إلى أنّ السجناء الأجانب يمارسون الأنشطة المختلفة سواء لعب كرة القدم أو الرسم، ويشيدون بحسن المعاملة داخل السجن، وتمكينهم من لقاء ذويهم بشكل دوري، وفقاً لمواعيد الزيارة المحددة في لائحة السجون.
كان في استقبال الوفد البرلماني كلٌّ من مساعد وزير الداخلية لقطاع السجون اللواء زكريا الغامري، ومساعد وزير الداخلية لقطاع حقوق الإنسان اللواء محمود فؤاد، ومدير الإدارة العامة للتأهيل الاجتماعي اللواء ماهر الصالحي، ومدير الإدارة العامة للبحث الجنائي اللواء جمال نظيم، ونائب مدير الإدارة العامة للبحث الجنائي اللواء خالد فرغل، وهو ما يوحي بأنّ الزيارة محضّر لها سلفاً.
استهل الوفد البرلماني الزيارة بتفقد مستشفى السجن في قطاع الرجال، ومعرض المنتجات الخشبية التي يصنعها النزلاء، ومصنعي الملابس والأثاث، ومنافذ بيع منتجات قطاع السجون للنزلاء، التي تعرض من خلالها المنتجات الزراعية الخاصة بأراضي قطاع السجون في منطقتي القناطر ووادي النطرون، البالغة نحو 250 فداناً من الأراضي المخصصة لقطاع السجون.
وأشاد الوفد وفق البيان بجودة الخبز وحجمه، وبأنشطة نزلاء السجن، والمهارات التي يكتسبونها. وعلق رئيس اللجنة: "الشائعات التي تتردد بشأن سوء معاملة السجن غير صحيحة، والنزلاء يلاقون المعاملة الجيدة، ويكتسبون المهارات المختلفة، وهو ما يظهر للجميع أنّ سجون مصر بخير".
وزار الوفد البرلماني مدرسة الصنايع الثانوية التي تحمل اسم الشهيد يوسف عباس، وتضم ورشة سيارات، وأخرى للكهرباء، ومكتبة، وتضم نحو 29 طالباً يدرسون فيها المناهج نفسها التي يدرسها التلميذ في المدارس خارج السجن، ويحصل الطالب بعد إتمامه المرحلة الثانوية على شهادة معتمدة من وزارة التربية والتعليم.
وقال مساعد وزير الداخلية لقطاع السجون: "إن وزارة الداخلية رصدت 800 ألف جنيه لصالح تطوير هذه المدرسة نظراً لأهميتها"، موجهاً حديثه إلى السجناء: "نخاف عليكم، لكنّ أمامكم فرصة في التعلم لا تعوض، فأحسنوا استغلالها".
والتقى أعضاء اللجنة أحد النزلاء، الذي زعمت إدارة السجن أنه يستعد لمغادرته لمدة 48 ساعة من دون مرافق لزيارة ذويه. وقال مساعد وزير الداخلية، إنه يسمح لنزلاء السجن الذين لم يبق على سراحهم سوى عامين - إذا كانوا حسني السيرة والسلوك، ولا يشكل خروجهم ضرراً على الأمن العام، أو قد يتسبب لهم الخروج بضرر لهم - بالخروج لرؤية ذويهم لمدة 48 ساعة، ثم العودة إلى السجن مرة أخرى.
إلى ذلك، استهل أعضاء اللجنة زيارة سجن النساء بتفقد دار حصانة أبناء النزيلات، والأماكن المخصصة للأطفال، بالإضافة إلى مصنع الملابس المخصص للسيدات، ومستشفى السجن للاطمئنان إلى حسن معاملتهن، ووصولهن إلى الخدمات الطبية. وتفقد الوفد البرلماني كذلك المعرض المخصص للمشغولات اليدوية، والمنتجات التي تصنعها نزيلات السجن.
سبق للجنة نفسها زيارة ثلاثة من أقسام الشرطة السيئة السمعة في مجال تعذيب المحتجزين، رفقة عدد من قيادات وزارة الداخلية، في إطار الزيارات الشكلية لبعض مقارّ الاحتجاز، وأشادت بأوضاع المحتجزين الجيدة، وكيفية الاهتمام بتغذيتهم، ورعايتهم الصحية. ووصل الأمر إلى تصريح البرلمانية مارغريت عازر آنذاك بأنّ "قسم إمبابة 5 نجوم" على حدّ تعبيرها.
في المقابل، كانت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، قد نشرت في السادس من سبتمبر/ أيلول 2017، تقريراً عن تحوّل تعذيب المعتقلين في مقارّ الاحتجاز والسجون في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى "أمر روتيني"، موضحة أنه منذ الانقلاب العسكري في منتصف عام 2013 "جرى توقيف 60 ألف شخص على الأقل، وإنشاء 19 سجناً جديداً".