في منتصف عام 2006، أجرى الاتحاد العام لنقابات عمال مصر "الرسمي"، وكان مجلس إدارته حينها يضم 23 عضواً، منهم 21 عضواً بالحزب الوطني المنحل، التابع لمبارك، الانتخابات النقابية، التي طُعن بها لاحقاً، ولكنها استمرت حتى انتهاء الدورة النقابية كاملة لعام 2011. كما فاز بالتصويت وليس بالتزكية، رئيسا نقابتي البناء والأخشاب والسياحة والفنادق نفسيهما، منذ انتخابات 2006، في الانتخابات التي أجريت بعد 12 عاماً.
وكانت اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات العمالية قد انتهت، الأربعاء الماضي، من قبول إيداع أوراق مجالس إدارة 27 نقابة عامة للترشح لانتخابات المرحلة الثالثة والأخيرة لانتخابات مجالس إدارة الاتحادات النقابية العمالية، التي تبدأ اليوم السبت، على أن تعلن أسماء المرشحين في اليوم التالي، والطعون والبت فيها يوم الاثنين المقبل، على أن تعلن الكشوف النهائية يوم الثلاثاء المقبل، على أن تجرى الانتخابات يوم الأربعاء المقبل، وتُعلن النتائج وتودع الأوراق في اليوم التالي.
"مهزلة بكل المقاييس"، كان وصف رئيس "دار الخدمات النقابية والعمالية"، وهي منظمة مجتمع مدني خاصة بالشأن العمالي، كمال عباس، للانتخابات بنتائجها، إذ رأى أن "التعتيم الصحافي والإعلامي على انتخابات تخص 28 مليون عامل نقابي مصري، كان مهزلة. كما أن عدم أحقية المرشح في ممارسة حقه الانتخابي كعمل دعاية له، لأن قوائم المرشحين كانت تظهر قبل ساعات قليلة من موعد انطلاق الانتخابات، كان مهزلة أخرى، وأن استبعاد المرشحين لصالح الاتحاد الحكومي وممثلي وزارة القوى العاملة كان مهزلة ثالثة، إضافة إلى مهازل أخرى تخص عملية فرز الأصوات وكانت عبثية، لأن 90 في المائة من المرشحين ومندوبيهم لم يدخلوا اللجان أثناء عملية الفرز".
وفي تقرير لـ"دار الخدمات النقابية والعمالية" بعنوان "انتخابات النقابات العمالية.. هيمنة الوجوه القديمة"، ذكر أنه "رغم ما قالته الحكومة المصرية أمام منظمة العمل الدولية بأن انتخابات النقابات العمالية أفرزت تنظيماً نقابياً جديداً بنسبة 85 في المائة، نجد أن تغييراً لم يحدث على مستوى مجالس إدارات النقابات، فاحتفظ أغلب رؤسائها بمقاعدهم لدورة نقابية أخرى، وما تغير في باقي النقابات هو انتقال أمينها العام أو أمين صندوقها لمنصب الرئيس، ليظلّ الاتحاد العام لنقابات عمال مصر على شكله القديم اتحاداً بيروقراطياً غير ديمقراطي وخاضع تماماً للحكومة وتحكمه الإملاءات الأمنية والعلاقات والمصالح الشخصية ومطامع توريث المنصب والأهواء الفاسدة".
مع العلم أن مصر مصنفة ضمن أسوأ 10 دول بالعالم في ما يتعلق بحقوق العمال، وفقاً لمؤشر الاتحاد الدولي للنقابات العمالية لعام 2018، بالإضافة إلى دول الجزائر والسعودية وتركيا وكازاخستان وبنغلاديش وغواتيمالا وكولومبيا وكمبوديا وغواتيمالا والفيليبين. ونالت مصر في تصنيفها 5 درجات، وهو ما يعني أنها لا تقدم أي ضمانة للحقوق، وفقاً للمؤشر، الذي يأخذ في الحسبان عوامل عدة، من بينها القدرة على تنظيم الإضرابات العمالية بسلام. وتشترك الدول العشر الأسوأ في ممارسات عدة تجاه العمال، منها التمييز وقمع الاحتجاجات العمالية واعتقالات جماعية وإساءة للعمال المهاجرين وغياب الإجراءات القانونية الملزمة، بحسب المؤشر. وكانت مصر قد رفع اسمها للمرة الأولى في تاريخها من قائمة الملاحظات القصيرة لمنظمة العمل الدولية، المعروفة إعلامياً بـ"القائمة السوداء" والتي تضم الدول المنتهكة للحقوق والحريات العمالية والنقابية عام 2011، عقب إصدار وزير القوى العاملة المصري، آنذاك، أحمد حسن البرعي، إعلان الحريات النقابية للمرة الأولى في مصر، قبل أن تعود مصر للقائمة من جديد في العام التالي وإلى الآن.