تزايد الخلاف بين خبراء الاقتصاد المصريين في الأيام الماضية بعد بيانات للبنك الدولي جاء فيها أن 30% من المصريين تحت خط الفقر، وأن 60% إما فقراء أو عرضة له.
وجاءت أرقام البنك الدولي في إطار الحديث عن قرار تمديد استراتيجيته الحالية في مصر لمدة عامين لتنتهي في 2021 بدلا من 2019.
وقال البنك تحديدا إنه "وعلى الرغم مما تحقق من نتائج مهمة في المجالات الثلاث السابق ذكرها، لا تزال هناك ثغرات. وهناك حاجة إلى بذل مزيد من الجهود لتسريع الاحتواء الاقتصادي واستيعاب القوى العاملة المتنامية. فحوالي 60% من سكان مصر إما فقراء أو عرضة للفقر، كما أن عدم المساواة آخذ في الازدياد"
وأضاف البنك أن " معدل الفقر الوطني اقترب من 30% عام 2015، ارتفاعًا من 24.3% عام 2010 كما ورد في إطار الشراكة. وهناك تباينات جغرافية مذهلة في معدلات الفقر، إذ تتراوح من 7% في محافظة بورسعيد إلى 66% في بعض محافظات الصعيد. علاوة على ذلك، أثرت الإصلاحات الاقتصادية على الطبقة الوسطى، التي تواجه ارتفاع بعض تكاليف المعيشة نتيجة للإصلاحات".
الوزير السابق والخبير الاقتصادي د.زياد بهاء الدين أكد في مقال له تعقيبا على أرقام البنك الدولي أن "نسبة الفقر إذن لم ترتفع من 30 إلى 60% على نحو ما شاع على صفحات التواصل الاجتماعى خلال الأيام الماضية".
ولكن بهاء الدين في ذات الوقت أشار إلى أن برنامج الإصلاح الاقتصادي "لم يحقق تحسنا في معيشة المواطنين بل عرضهم لغلاء شديد وتدهور في الخدمات العامة على نحو أثر على المجتمع كله وبخاصة طبقته الوسطى، وذلك بسبب عدم نمو الاستثمار في المجالات الإنتاجية، وبالتالي عدم استحداث فرص عمل مستدامة ولا زيادة كافية في الدخول".
وأضاف أن "عدم تغيير المسار الحالي لكي يكون أكثر شمولا وعدالة وتحقيقا لاحتياجات الناس لا يعني فقط استمرار معدل الفقر الحالي، بل يهدد أيضا نسبة لا يستهان بها من المواطنين لا يعتبرون اليوم فقراء ولكن لا يعتبرون أيضا متجاوزين لخطر الوقوع في دائرة الفقر لأن ظروفهم الحالية لا تمنحهم الحماية والطمأنينة الكافيتين".
أرقام حقيقية
أما الخبير الاقتصادي د. عبدالنبي عبد المطلب فيرى أن 60% من الشعب المصري فعلا فقراء، مشيرا إلى أن النتيجة التي توصل إليها البنك الدولي سليمة بكل المقاييس العلمية.
ويبرهن عبد المطلب على ذلك بالقول إنه "إذا نحيت من المعادلة 20 مليون مواطن مصري يحصلون على 80% من الناتج المصري، سيكون هناك 80 مليون مواطن مصري يحصلون على 20% من الناتج المصري، وإذا حذفت منهم 20 مليون شخص يحصلون على 10% من الناتج ستكون النتيجة أن 60 مليون مصري يحصلون على نحو 10% من الناتج المصري".
ويضيف عبد المطلب أن "الناتج المصري يبلغ نحو 4 ترليون جنيه، أي حوالي 240 مليار دولار، وتكون نسبة الـ 60 مليون مواطن هي 24 مليار دولار، وبذلك يكون متوسط دخل الفرد حوالي 400 دولار في العام وبذلك فإن متوسط دخل الفرد يوميا سيكون 1.1 دولار يوميا"، مؤكدا أن ما خلص إليه البنك الدولي في مجمله صحيح علميا.
حجب البيانات
كانت صحيفة "البورصة" المحلية قد أكدت أن الحكومة المصرية قامت بتأجيل إعلان مؤشرات بحوث الإنفاق والدخل الذي كان من المفترض الإفصاح عنه في فبراير/شباط الماضي، لارتفاع معدل الفقر.
وقالت مصادر ذات صلة للصحيفة أول أمس الإثنين، إنه تم الانتهاء من مراجعة وتدقيق المؤشرات النهائية لبحوث الإنفاق والدخل منذ شهرين، إلا أن ارتفاع معدل الفقر أدى إلى اعتراض "جهات عليا" على النتائج لتعارضها مع "الإنجازات التي قامت بها الدولة خلال العامين الماضيين".
وأضافت المصادر أنه طلب من القائمين على البحث مراجعة النتائج مجددا قبل إعلانها حتى تتوافق مع تلك “الإنجازات”.
ويحدد البنك الدولي 1.9 دولار في اليوم تعادل (1026 جنيها تقريبا في الشهر) حدًا للفقر المدقع عالميا.
إجراءت تقشفية
وتمهد الحكومة المصرية لاتخاذ إجراءت تقشفية جديدة في موازنة 2019-2020 تبدأ أول يوليو/تموز المقبل، حيث تستهدف خفض الدعم المقدر للمواد البترولية إلى 52.9 مليار جنيه من نحو 89 مليار جنيه، في ميزانية 2018-2019 .
كما كشفت تصريحات رسمية، صدرت خلال الأيام القليلة الماضية، عن توجه الحكومة المصرية لإلغاء الدعم التمويني على مراحل، حيث أكد وزير التموين المصري، علي المصيلحي في تصريحات صحافية أنه اعتبارًا من شهر مايو/أيار الجاري سيتم تصنيف مستحقي الدعم إلى فئتَين: "الأكثر احتياجا والأقل احتياجا"
وكشف هيثم الحريري، عضو مجلس النواب في بيان عاجل إلى رئيس البرلمان الشهر الماضي، عن قرار بمنع صرف المقررات التموينية والخبز المدعم لمن تجاوزت دخولهم الشهرية 1500 جنيه (85 دولاراً تقريباً).
كما كشفت مصادر في لجنة الطاقة بمجلس النواب المصري (البرلمان) أن زيادة أسعار الكهرباء المقررة مع بداية العام المالي الجديد، في الأول من يوليو/ تموز المقبل، ستتراوح بين 33 و60 في المائة للشرائح الأقل استهلاكاً، و5 و22 في المائة للشرائح الأعلى استهلاكاً، وذلك في إطار خطة لإلغاء الدعم، اعتباراً من العام المالي المقبل 2020/2021.
خفضت حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي دعم الكهرباء في موازنة العام المالي الجديد 2019/2020، إلى 4 مليارات جنيه (231 مليون دولار)، مقابل نحو 16 مليار جنيه مقدرة في موازنة العام المالي الجاري، بنسبة خفض بلغت 75 في المائة، حسب مشروع الموازنة العامة للدولة المعروض على البرلمان حالياً.