استمرت الضغوط المصرية على جماعة الإخوان المسلمين في مصر، ومنها ما أعلنته مصادر قانونية في فريق الدفاع عن سبعة من المتهمين بتمويل الجماعة، بكشفها أن "محكمة الأمور المستعجلة أصدرت أحكاماً ابتدائية برفض التظلمات المرفوعة منهم ضد قرار لجنة التحفظ على أموال الجماعات الإرهابية بمصادرة جميع الأموال والأملاك التابعة لهؤلاء المتهمين، وصدور قرار قاضي الأمور الوقتية بمحكمة الأمور المستعجلة بتأييد هذه المصادرة في سبتمبر/أيلول الماضي".
وأضافت المصادر أنه "من المقرر أن يطعن المتهمون على الأحكام الابتدائية خلال الأسبوع الحالي، وأن تصدر محكمة مستأنف الأمور المستعجلة حكماً نهائياً في هذا الشأن خلال شهر من تاريخ قيد الاستئناف بجداولها، وإذا تم تأييد الحكم، كما هو متوقع، فسوف تنتقل الأملاك الخاصة بالمتهمين إلى ملكية الدولة الخاصة، فيما يعتبر مصادرة نهائية للأموال".
وكان "العربي الجديد" قد نشر تقريراً في 28 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ذكرت فيه مصادر حكومية أنه "في حكم المؤكد صدور حكم برفض التظلمات وتأييد المصادرة"، علماً بأن الأحكام لم تصدر إلا بخصوص المتهمين الذين بادروا لتقديم تظلم على قرار المصادرة وأثبتوا إخطارهم بالقرار، أما غالبية المتهمين، والذين لم يتم إخطارهم بالقرار حتى الآن، ومنهم لاعب كرة القدم السابق محمد أبوتريكة ورجل الأعمال صفوان ثابت، فاختار محاموهم عدم التقدم بتظلمات في انتظار إخطارهم رسمياً بمصادرة أموالهم وفق نص القانون. وأكد عدد من محامي المتهمين داخل السجون وخارجها وداخل مصر وخارجها أن "اللجنة لم تخطر أي متهم بهذا التصرف حتى الآن، بعد مرور أكثر من شهرين على إعلان قرارها، رغم أنها أعلنت إتمامها هذه الخطوة الإجرائية الجوهرية. وعندما توجه المحامون للاستفسار عن إمكانية تقديم التظلمات في محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، فوجئوا بأن الموظفين يطالبونهم بالتوجه إلى المحاكم الابتدائية التي يسكن كل متهم في دائرتها".
وكان المحامون قد فطنوا الشهر الماضي إلى أن اللجنة التي تتحكم فيها الأجهزة الأمنية والاستخباراتية (تضم ممثلين للمخابرات العامة والأمن الوطني والأمن القومي) لم تخطر المتهمين فعلياً بالقرار، وتحاول توجيه المحامين إلى المحاكم الابتدائية ليتسلموا بأنفسهم هذا الإخطار بدلاً من اتباع الإجراءات المقررة في قانون المرافعات والمتمثلة في وصول الإخطار إلى المتهم على يد محضر على محل سكنه أو محل عمله. وأدت هذه العقبة المصطنعة إلى تعقيد الإجراءات بصورة أكبر، وإهدار المدة المقررة قانوناً لإخطار المتهمين، كما تهدف اللجنة لإهدار مدة التظلم عليهم أيضاً، مع ترجيح المحامين أن تقدم اللجنة إلى محكمة الأمور المستعجلة (المعروفة بتحكم الدولة فيها وإصدارها الأحكام لصالح النظام) بمستندات تفيد إعلانها المتهمين بالقرار على غير الحقيقة.
وأضافت المصادر أن "الحيثيات التي كتبتها محكمة الأمور المستعجلة في أحكام تأييد المصادرة تتناقض بوضوح مع القانون 22 لسنة 2018 بشأن لجنة أموال الجماعات الإرهابية الذي أصدره رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي في إبريل/نيسان الماضي، ذلك لأن المحكمة وصفت المصادرة بأنها (إجراء احترازي) رغم اعتبار القانون لها إجراءً نهائياً، وميّز بينها وبين التحفظ الذي هو إجراء احترازي مؤقت لمنع المتهمين من ممارسة نشاطهم الإجرامي المزعوم في تمويل جماعة الإخوان".
وكشفت المصادر القانونية أن "بعض المتهمين أخطروا من قبل لجنة التحفظ بوقف الرواتب الشهرية التي كانت تصرف لهم من أموالهم المدارة من قبل اللجنة طوال فترة التحفظ، والتي كانت تتراوح بين ألف (55.9 دولارا) وثلاثة آلاف جنيه (167.6 دولارا)، وذلك على سند من أن الأموال تمت مصادرتها بالفعل، ولم يعد من حق المتهمين شيء منها. ما يعكس تصاعداً في رغبة النظام في التنكيل بأعضاء الجماعة".
وفي السياق نفسه، قالت مصادر حكومية إن "هناك خطة لتصفية بعض المصالح الاقتصادية المتحفظ عليها والتصرف في أصولها بعد تنفيذ قرار المصادرة، وذلك لعدم استطاعة الدولة إدارتها، أو لاحتياجها خبرات نادرة تتطلب بقاء أصحابها فيها، وهو ما لم يعد مرغوباً كذلك". وأضافت أن "وزارة الصحة ووزارة التعليم مستمرتان في بيع كمية كبيرة من المنقولات والأدوات والآلات والأجهزة الموجودة بمستشفيات ومدارس متحفظ عليها منذ عام 2013، وبعض الكيانات التي تم التحفظ عليها أخيراً ضمن الموجة الأخيرة من التحفظات والمصادرة".
وسبق أن ذكرت المصادر لـ"العربي الجديد" أن "التصرف في تلك المنقولات يتم بالأمر المباشر دون اتباع المزايدات المطلوبة، وكذلك من دون انتظار ما ستؤول إليه تظلمات المتهمين بالتمويل من مصادرة أموالهم أمام محكمة الأمور المستعجلة، علماً بأنه لم يصدر حتى الآن أي أحكام نهائية بتأييد المصادرة". وحصلت "العربي الجديد" على أوراق من محكمة القاهرة للأمور المستعجلة كشفت أنها "عقدت 4 جلسات هذا الشهر لنظر تظلمات الأشخاص المقرر مصادرة أموالهم، وتم تأجيلها جميعاً إلى شهر نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل".
وكان الشهر العقاري بمختلف المحافظات قد أنهى الشهر الماضي حصر جميع الأملاك والعقارات المتعامل عليها والتي كانت مملوكة للمتهمين، وتم إرساله إلى مكتب وزير العدل حسام عبدالرحيم، استعداداً لنقلها إلى ملكية الخزانة العامة للدولة رسمياً، بعد صدور حكم مستأنف الأمور المستعجلة بتأييد المصادرة والمنتظر صدوره قبل نهاية العام إذا أتيح للمتهمين الطعن في المواعيد المقررة.
ويتعارض القانون الجديد الذي يتيح المصادرة صراحة مع المادة 40 من الدستور التي تنصّ على أن "المصادرة العامة للأموال محظورة. ولا تجوز المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائي"، فالمقصود بـ"المصادرة الخاصة" هنا، أن تحدد المحكمة الجنائية حصرياً الأدوات أو الأموال التي استخدمها الجاني في عمله الإجرامي، ومن ثم تحكم بمصادرتها بعد ثبوت استخدامها في مخالفة القانون، كمصادرة السيارات والأسلحة والمخدرات في قضايا التهريب والقتل والإرهاب، الأمر الذي يختلف تماماً عن حالة الأموال المتحفظ عليها جميعاً من أشخاص يشتبه في تمويلهم لجماعة الإخوان".