ارتفعت وتيرة الحملة الأمنية لاستهداف الحقوقيين والسياسيين في مصر، خلال الآونة الأخيرة، لأسباب يُرجعها بعض لـ"خشية النظام من حراك باطني يمهّد لانتخابات الرئاسة في 2018".
وبلغت حدة الحملة الأمنية إلى حد حبس المحامي الحقوقي، ومؤسس حزب العيش والحرية -تحت التأسيس - خالد علي، 24 ساعة، على خلفية محضر مقدّم ضده يتهمه بارتكاب "فعل فاضح"، ورفع يده بإشارة "مسيئة" عقب الحكم بمصرية "تيران وصنافير".
وأمرت نيابة الدقي في الجيزة، مساء اليوم، بحبس خالد علي 24 ساعة على ذمة التحريات، بعدما رفض علي الإجابة على كافة الأسئلة الموجهة إليه، مكتفياً بترديد "ألتزم الصمت".
وخلال أقل من أسبوع، ألقت قوات الأمن المصرية القبض على سبعة من أعضاء حزب العيش والحرية فقط، من محافظات مختلفة في أنحاء مصر، وهو ما أرجعه بعضهم لـ"الحملة المزمع العمل عليها لترشيح وكيل مؤسسي الحزب والمحامي الحقوقي والعمالي خالد علي للرئاسة".
وفي هذا السياق، أصدرت ست منظمات حقوقية مصرية، بياناً مشتركاً أعربت فيه عن "إدانتها الشديدة للحملة البوليسية المتصاعدة التي طاولت العشرات من النشطاء عبر المطاردة والاعتقال، خلال الشهر الأخير، والتي كانت من ضمن حلقاتها مداهمة منزل زوجة الصحافي اليساري إبراهيم الصحاري السابقة، بحثاً عنه".
واعتبرت المنظات تلك الحملة الأمنية بأنها "تمثل عودة لظاهرة زوار الفجر البغيضة التي انتشرت خلال عهد الدكتاتور المخلوع حسني مبارك".
وفيما تواصل الأجهزة الأمنية في مصر هجماتها الشرسة وملاحقاتها العشوائية للمدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين بشكل عام؛ كان المحامي الحقوقي اليساري، خالد علي، يتصدّر الصفوف الأمامية للمتظاهرين في الميادين، ومنصات المحاكم بجوار المحامين المدافعين عن حقوق الإنسان، مهما تعالت نبرات التخوين والتحريض والإرهاب.
فطالما كان في صفوف العمال أو المتظاهرين، وحمل على عاتقه الدفاع عنهم أمام المحاكم، متشبثاً بحلم دولة القانون والعدل، وكان ولا يزال راسخا على أرضية الميدان الواسعة وأهداف ثورة الخامس والعشرين من يناير/ كانون الثاني 2011، مهما اختفى الجمع من حوله، أو تفرقت بهم السبل.
هو محامٍ وسياسي مصري ومرشح سابق في أول انتخابات رئاسية تشهدها مصر عقب ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، عمل مديراً للمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية -منظمة مجتمع مدني مصرية-، وشارك في تأسيس مركز هشام مبارك للقانون - منظمة مجتمع مدني مصرية - وعمل مديراً تنفيذياً له لفترة. ترشح في انتخابات الرئاسة المصرية 2012 التي أقيمت في يونيو/ حزيران، وحل فيها سابعاً بعد الحصول على نحو 0.5% من الأصوات. انضم إلى حزب التحالف الشعبي الاشتراكي في نوفمبر/ تشرين الثاني 2012، وأسس فيما بعد حزب العيش والحرية، والذي لا يزال تحت التأسيس.
لا يبحث عن الأضواء، ولكن حضوره القوي وهتافاته المخلصة تلفت الأنظار إليه، وهذا ما حدث يوم الجمعة الماضي 15 إبريل/ نيسان من العام الماضي، فيما عُرفت بمظاهرات "الأرض هي العرض"، إذ قاد علي مسيرة من شوارع وسط القاهرة، متوجها بها إلى الاحتشاد الضخم والأول من نوعه في عهد الرئيس المصري الحالي، عبد الفتاح السيسي، أمام نقابة الصحافيين، رفضاً لتنازل مصر عن جزيرتي تيران وصنافير لصالح السعودية، بموجب اتفاقية ترسيم الحدود البحرية التي وقعتها مصر والسعودية، خلال زيارة الملك سلمان لمصر.
ويوم "جمعة الأرض" تمكن علي من إقناع الحشود الغاضبة بإنهاء فعاليات اليوم، والعودة مجددا لأرض الميدان يوم 25 إبريل/ نيسان من العام الماضي، بالتزامن مع احتفالات مصر بعيد تحرير سيناء.
وقبل كل تلك الفعاليات، كان علي قد بادر إلى رفع دعوى قضائية ضد التنازل عن الجزيرتين، مؤكداً "هذه ليست قضية شخصية، ولهذا فإن القضية متاحة لكل من يرغب من المواطنين للانضِمام إليها من خلال محاميه الخاص أو من خلال الاتصال بي أو بزملائي الأساتذة المحامين، كما أن القضية تحتاج إلى جهد بحثي وقانوني كبير على المستوى التاريخي والجغرافي والدولي والاستراتيجي والدستوري، لذلك ندعو كل من لديه القدرة على تقديم المعاونة البحثية في هذه القضية ألا يبخل علينا بعلمه أو بما تحت يديه من وثائق"، بحسب دعوته التي طرحها عبر حسابه الخاص على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".
ولد خالد علي عمر، في قرية ميت يعيش، التابعة لمركز ميت غمر بالدقهلية بدلتا مصر، في 26 فبراير/ شباط 1972. هو ثاني الأبناء بين خمس بنات وثلاثة أولاد. التحق بكلية حقوق الزقازيق عام 1990 وتخرج منها عام 1994.
شهد عام 1996 بداية مشوار خالد علي كمحامٍ مدافع عن حقوق الإنسان، خاصة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، إذ ضمه المحامي أحمد سيف الإسلام عبد الفتاح إلى فريق العمل على ملف القضايا العمالية بمركز المساعدة القانونية والذي أسسه هشام مبارك عام 1995 ليقدم العون القانوني مجاناً لمن يحتاجه في قضايا حقوق الإنسان. وقد كون أحمد سيف الإسلام فريقاً للعمل على ملف النقابات العمالية، إذ جرت عام 1996 انتخابات النقابات العمالية، وقد عرف المئات من العمال، والذين كان الاتحاد العام والأمن يعرقل ترشحهم، طريقهم إلى المركز الذي تبنى قضاياهم.