في تطور مرتبط بقضايا التحرش الجنسي في مصر، تلقى أصحاب بعض الصفحات في مواقع التواصل الاجتماعي رسائل تهديد بالقتل، بسبب نشر هذه الصفحات عن جرائم التحرش والاغتصاب، كما أنّ بعض الضحايا من الفتيات تلقين كذلك رسائل تهديد بالقتل.
ويأتي ذلك بعد إغلاق صفحات فضح المتحرشين في مصر على موقعي التواصل الاجتماعي "فيسبوك" و"إنستغرام"، لا سيما صفحة "Assault Police"، التي فجرت قضية الطالب أحمد بسام زكي المتهم بالتحرش والاعتداء الجنسي بحق العشرات.
ومع تحول قضية الطالب زكي، الذي يحاكم حالياً، إلى ما يشبه كرة ثلج تكبر معها دائرة فضح المتحرشين والمغتصبين والمسكوت عنها منذ سنوات، أُعيد فتح قضية تحرش واغتصاب شهيرة في مصر تُعرف بـ"جريمة الفيرمونت"، وقعت عام 2014، حيث قامت مجموعة أصدقاء من أبناء الطبقة العليا في مصر، كانوا في سهرة بفندق "فيرمونت القاهرة"، بتخدير فتاة في الفندق واصطحبوها إلى غرفة حيث تناوبوا على اغتصابها، ثم حفروا الأحرف الأولى من أسمائهم على أجزاء حساسة في جسدها، وصوروا الواقعة بالكامل بالفيديو لابتزازها في ما بعد.
لاحقاً، نشرت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، وبعض المجموعات الحقوقية والنسوية، أسماء المتهمين في هذه الواقعة "جريمة الفيرمونت"، فتلقت تهديدات أمنية نظراً لنفوذ المتهمين وآبائهم وأغلقت الصفحات، وعلى رأسها صفحة "Assault Police"، فيما تلقت الفتاة ضحية الواقعة، وبعض المدافعين عنها تهديدات بالقتل.
ثم ظهر حساب آخر على موقع "إنستغرام" باسم "cairo gang rapists" واصل نشر تفاصيل القصة، وبعد أيام من نشر تلك القصة وأسماء المتهمين ظهرت روايات أخرى لأخريات تم اغتصابهن من المجموعة نفسها وبالطريقة نفسها، ما يشير إلى أنها لم تكن مجرد جريمة واحدة، بل هي منهج محدد لاستمتاع هؤلاء بالاغتصاب وإذلال الفتيات.
وكان من أبرز الأسماء المرتبطة بواقعة "جريمة الفيرمونت" التي تم طرحها، عمرو فارس الكومي، وعمرو السداوي، وخالد محمود، وعمرو حسين، وعمر حافظ، وتم تداول أسماء شبان آخرين، منهم "بيبو" خميس، نجل محمد فريد خميس، رجل الأعمال المعروف صاحب شركة "النساجون الشرقيون"، وأحمد طولان، نجل الكابتن حلمي طولان، مدرب الكرة السابق.
ويبدو أيضاً أنّ المتهمين في "جريمة الفيرمونت" من خلال نفوذ آبائهم حرصوا، خلال الفترة الماضية، على حذف مقطع الفيديو، الذي يعتبر حالياً دليل إدانة كافياً ضدهم، من تلك الصفحات، ما دفع البعض للتحريض على نشر الفيديو بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي، لا لفضح الضحية، ولكن لتصعيب الأمر على الجناة بمحاولة إزالته من نطاق واسع.
وبعد هذه التطورات السريعة في "جريمة الفيرمونت" ووصول الأمر لتدخلات سياسية قد تؤدي لتمييع القضية، تفاعل عدد من السياسيين والإعلاميين والمشاهير في مصر معها لتحويلها إلى قضية رأي عام، في محاولة لإحراج السلطات المصرية ومنع التعتيم على القضية.
كما تصدر وسم "جريمة الفيرمونت" موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، قبل يومين، للمطالبة بمحاسبة المتهمين في الواقعة، ونشر أسماء المتهمين وربط انتمائهم لعائلات وأسر ذات نفوذ في مصر.
وفيما لم يصدر أي تعليق أو تحرك رسمي على تلك الواقعة، نشر "المجلس القومي للمرأة"، وهو مؤسسة حكومية مصرية، بياناً بشأن تعرض بعض الفتيات للتهديدات، جاء فيه "تابع المجلس خلال الفترة الأخيرة الموضوع المتعلق بالتهديد بارتكاب العنف والإيذاء من قبل بعض الأشخاص ضد مؤسسي صفحات التواصل الاجتماعي، ومن بينها تطبيق إنستغرام، والتي تنشر بعض الوقائع لفتيات تعرضن للايذاء والاعتداءات الجنسية، وفي هذا الصدد، يؤكد المجلس القومي للمرأة أنه يقف بجوار كل سيدة وفتاة تتعرض لأى شكل من أشكال التهديد، من خلال تقديم سبل الدعم اللازم، ويهيب المجلس بمن تتعرض لمثل تلك التهديدات بالتواصل مع المجلس من خلال رقم مكتب الشكاوى 15115 حتى يتم اتخاذ اللازم".
وطالب المجلس، "كل فتاة وسيدة تتعرض للمضايقات والتهديدات بسرعة الإبلاغ عن طريق آليات الإبلاغ الرسمية للأجهزة المختصة بوزارة الداخلية والنيابة العامة المصرية، والتي تقوم بدورها بالبحث والتحقيق في شأن تلك البلاغات".
كما نشرت صفحة تحمل اسم فندق "فيرمونت" على موقع "إنستغرام" بياناً أوضحت فيه تفاعلها مع القضية، قائلة "نحن على دراية ونتابع ما يتم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي بشأن حادثة قد تكون وقعت في الفندق أثناء حفل خاص لأحد منظمي الحفلات والمناسبات في 2014، تواصل على الفور فريق عمل الفندق بالمجموعات المسؤولة عن تداول تلك الأخبار لتقديم المساعدة والدعم، حيث إن أهم أولوياتنا دائماً سلامة وأمن ضيوفنا، ويلتزم فريق إدارة الفندق وجميع الزملاء بمساعدة السلطات والجهات المعنية المخولة في حالة حال فتح تحقيق رسمي، وسنواصل تقديم دعمنا المطلق في هذا الشأن. وفي هذه الأثناء قلوبنا ودعواتنا لأي شخص قد يكون تأثر بهذا الحادث المؤلم".
وصنّفت القاهرة عام 2017، كأخطر مدن العالم بالنسبة إلى النساء، وأظهرت نتائج دراسة أجرتها هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، أن حوالي 99% من النساء المصريات قد تعرضن لصورة ما من صور التحرش الجنسي.
ولا تكف التقارير المحلية والعالمية عن الإشارة إلى المعدلات المخيفة للقضايا المجتمعية في مصر، بل وتحتل مصر المركز الأول عالمياً في ظاهرة التحرش الجنسي، بحسب دراسات وأبحاث عدة داخل مصر وخارجها.