"أكوام من القمامة في منطقة المُنيب بمحافظة الجيزة في مصر، ناتجة من تراكم مخلفات الأهالي لأشهر عدة، من دون أدنى تدخل من أجهزة الحكومة أو الشركات المتعاقدة معها لجمعها، لدرجة أن المنطقة باتت أشبه بصندوق قمامة نحيا بداخله"، بهذه الكلمات المقتضبة يعبر عمرو ممدوح (27 عاماً) عن حال عشرات الآلاف من سكان حي المنيب.
ويرى ممدوح أن الأزمة ناجمة عن تراخي المسؤولين عن المحافظة، في متابعة أحوال كل منطقة أو حي. فهم يتحدثون باستمرار عن تسخير المعدات المجهزة للتعامل مع صناديق الزبالة، ولكن لا نرى أي شيء يحدث على أرض الواقع.
الكارثة الحقيقية التي يلقي ممدوح الضوء عليها تتمثل باضطرار المواطنين إلى إلقاء مخلفاتهم في الترع الرئيسية وتفريعاتها، مثل المريوطية والزُمر، نتيجة عدم تخصيص الحكومة صناديق للقمامة. وتكمن الكارثة في أن هذه الترع تستخدم في ري الأراضي الزراعية، أي "إننا نأكل محاصيل مخلوطة ببقايا مخلفاتنا".
اقرأ أيضا: تدوير النفايات: استثمار عربي مربح
هذه الحالة المزرية لا تقتصر على الأحياء السكنية المزدحمة، والتي تقع في نطاق محافظات القاهرة الكبرى التي تعج بملايين السكان، الأمر الذي يتخذ منه المسؤولون حجة لتبرير تفشي المخلفات. فالمشهد نفسه يتكرر بالمحافظات ذات الكثافة السكانية المنخفضة. وأبرز مثال على ذلك هو محافظة الإسماعيلية، والتي لا يزيد تعداد مواطنيها عن المليون نسمة، بما يعادل 1.1% من سكان البلاد.
"وسط استقبال الإسماعيلية لوفود رفيعة من رؤساء وملوك العالم للاحتفال بافتتاح تفريعة قناة السويس، كانت شوارع المحافظة التي تقع في الأحياء الشعبية، مملوءة بمخلفات القمامة والصرف الصحي من كل جانب"، تقول علياء نور (30 عاماً). وتوضح أن "المحافظ كان يتباهى باستمرار بشعار الإسماعيلية تتزين من أجل استقبال حفل قناة السويس. وفي المقابل، يكشف الواقع أن "أعمال التشجير والنظافة اقتصرت على الأحياء والشوارع الرئيسية".
اقرأ أيضا: 4 خطوات لإقامة مشروع تدوير المخلّفات في الوطن العربي
حملات مناهضة
أدى تفاقم أوضاع المخلفات إلى إطلاق المواطنين بالإسكندرية شمال البلاد، حملة "حل أزمة القمامة أمن قومي"، آملين انتشال المحافظة من تلال القمامة التي أصبحت ترافقهم في كل مكان حتى باتت تعوم بجوار المصيفين بالشواطئ.
الأكثر غرابة، بنظر المراقبين، أن الحكومة تحصل رسوماً نظير خدمة جمع القمامة ونقلها إلى مقالب المخلفات لمعالجتها، وكأنها جباية تفرض على المواطنين من دون أن تقابلها أية خدمات.
يقول محمد عنتر (28 عاماً) من محافظة البحيرة بالوجه البحري: "نسدد ثلاثة جنيهات شهرياً، حتى تقوم الجرارات بإزالة القمامة، ومع ذلك تتخلف الجرارات عن القيام بعملها في كثير من الأيام، ما يسفر عن تفشي القمامة".
اقرأ أيضا: فاس تولّد الكهرباء من نفايات المنازل
تشير أستاذة الهندسة الكيميائية مروة عبد الغفار في دراسة لها إلى أن أزمة القمامة تستفحل مع مرور الوقت، في ظل الزيادة السكانية من جانب، وإهمال الحكومات المتعاقبة من جانب آخر. فبعد أن كانت كمية القمامة في مصر تبلغ 15 مليون طن سنوياً، من المتوقع أن تتضاعف إلى 30.2 مليون طن بحلول عام 2016.
وتضيف أنه على الرغم من أن الكمية في تزايد مستمر، إلا أن الأجهزة المحلية لا ترفع أكثر من نصف حجم المخلفات. وفي المقابل ما زالت مصر تمتلك فرصة ذهبية لاستغلال هذه النفايات، إذ إن عملية تجميع وفرز وتصنيع الطن الواحد توفر فرص عمل لنحو 8 شباب، فضلاً عن أن تدوير الكميات الحالية سيساهم في إنتاج سماد عضوي يكفي لزراعة 13 – 14 مليون فدان، وإنتاج قرابة ثلاثة ملايين طن من الورق وأكثر من 300 طن من الزجاج و300 ألف طن من الحديد.
اقرأ أيضا: أزمة النفايات في لبنان: الحل بالفرز من المصدر
إعادة التدوير
"تفتقر الحكومة إلى استراتيجية واضحة لإعادة استغلال المخلفات، سواء كانت عضوية أم صلبة، خاصةً في ظل عدم وجود عدد كبير من شركات جمع القمامة واستمرار الاعتماد على عمالة فردية تتعامل مباشرةً مع المواطنين، ثم تقوم بإلقاء النفايات في مقالب محددة بهدف التخلص منها"، الحديث للاستشاري الهندسي في مجال تصميمات مصانع تدوير المخلفات أيمن الصاوي.
ويرى الصاوي أن هناك مرونة كبيرة لناحية أكلاف إنشاء مصانع التدوير، حيث تبدأ من 10 ملايين جنيه وتصل إلى 100 مليون، بحسب طاقة تشغيل المصنع. والميزة الأهم أن الطلب على منتجات هذه المصانع مرتفع جداً، سواء كانت منتجات بلاستيكية أم زجاجية أم معادن أم أسمدة عضوية.
ويرى ممدوح أن الأزمة ناجمة عن تراخي المسؤولين عن المحافظة، في متابعة أحوال كل منطقة أو حي. فهم يتحدثون باستمرار عن تسخير المعدات المجهزة للتعامل مع صناديق الزبالة، ولكن لا نرى أي شيء يحدث على أرض الواقع.
الكارثة الحقيقية التي يلقي ممدوح الضوء عليها تتمثل باضطرار المواطنين إلى إلقاء مخلفاتهم في الترع الرئيسية وتفريعاتها، مثل المريوطية والزُمر، نتيجة عدم تخصيص الحكومة صناديق للقمامة. وتكمن الكارثة في أن هذه الترع تستخدم في ري الأراضي الزراعية، أي "إننا نأكل محاصيل مخلوطة ببقايا مخلفاتنا".
اقرأ أيضا: تدوير النفايات: استثمار عربي مربح
هذه الحالة المزرية لا تقتصر على الأحياء السكنية المزدحمة، والتي تقع في نطاق محافظات القاهرة الكبرى التي تعج بملايين السكان، الأمر الذي يتخذ منه المسؤولون حجة لتبرير تفشي المخلفات. فالمشهد نفسه يتكرر بالمحافظات ذات الكثافة السكانية المنخفضة. وأبرز مثال على ذلك هو محافظة الإسماعيلية، والتي لا يزيد تعداد مواطنيها عن المليون نسمة، بما يعادل 1.1% من سكان البلاد.
"وسط استقبال الإسماعيلية لوفود رفيعة من رؤساء وملوك العالم للاحتفال بافتتاح تفريعة قناة السويس، كانت شوارع المحافظة التي تقع في الأحياء الشعبية، مملوءة بمخلفات القمامة والصرف الصحي من كل جانب"، تقول علياء نور (30 عاماً). وتوضح أن "المحافظ كان يتباهى باستمرار بشعار الإسماعيلية تتزين من أجل استقبال حفل قناة السويس. وفي المقابل، يكشف الواقع أن "أعمال التشجير والنظافة اقتصرت على الأحياء والشوارع الرئيسية".
اقرأ أيضا: 4 خطوات لإقامة مشروع تدوير المخلّفات في الوطن العربي
حملات مناهضة
أدى تفاقم أوضاع المخلفات إلى إطلاق المواطنين بالإسكندرية شمال البلاد، حملة "حل أزمة القمامة أمن قومي"، آملين انتشال المحافظة من تلال القمامة التي أصبحت ترافقهم في كل مكان حتى باتت تعوم بجوار المصيفين بالشواطئ.
الأكثر غرابة، بنظر المراقبين، أن الحكومة تحصل رسوماً نظير خدمة جمع القمامة ونقلها إلى مقالب المخلفات لمعالجتها، وكأنها جباية تفرض على المواطنين من دون أن تقابلها أية خدمات.
يقول محمد عنتر (28 عاماً) من محافظة البحيرة بالوجه البحري: "نسدد ثلاثة جنيهات شهرياً، حتى تقوم الجرارات بإزالة القمامة، ومع ذلك تتخلف الجرارات عن القيام بعملها في كثير من الأيام، ما يسفر عن تفشي القمامة".
اقرأ أيضا: فاس تولّد الكهرباء من نفايات المنازل
تشير أستاذة الهندسة الكيميائية مروة عبد الغفار في دراسة لها إلى أن أزمة القمامة تستفحل مع مرور الوقت، في ظل الزيادة السكانية من جانب، وإهمال الحكومات المتعاقبة من جانب آخر. فبعد أن كانت كمية القمامة في مصر تبلغ 15 مليون طن سنوياً، من المتوقع أن تتضاعف إلى 30.2 مليون طن بحلول عام 2016.
وتضيف أنه على الرغم من أن الكمية في تزايد مستمر، إلا أن الأجهزة المحلية لا ترفع أكثر من نصف حجم المخلفات. وفي المقابل ما زالت مصر تمتلك فرصة ذهبية لاستغلال هذه النفايات، إذ إن عملية تجميع وفرز وتصنيع الطن الواحد توفر فرص عمل لنحو 8 شباب، فضلاً عن أن تدوير الكميات الحالية سيساهم في إنتاج سماد عضوي يكفي لزراعة 13 – 14 مليون فدان، وإنتاج قرابة ثلاثة ملايين طن من الورق وأكثر من 300 طن من الزجاج و300 ألف طن من الحديد.
اقرأ أيضا: أزمة النفايات في لبنان: الحل بالفرز من المصدر
إعادة التدوير
"تفتقر الحكومة إلى استراتيجية واضحة لإعادة استغلال المخلفات، سواء كانت عضوية أم صلبة، خاصةً في ظل عدم وجود عدد كبير من شركات جمع القمامة واستمرار الاعتماد على عمالة فردية تتعامل مباشرةً مع المواطنين، ثم تقوم بإلقاء النفايات في مقالب محددة بهدف التخلص منها"، الحديث للاستشاري الهندسي في مجال تصميمات مصانع تدوير المخلفات أيمن الصاوي.
ويرى الصاوي أن هناك مرونة كبيرة لناحية أكلاف إنشاء مصانع التدوير، حيث تبدأ من 10 ملايين جنيه وتصل إلى 100 مليون، بحسب طاقة تشغيل المصنع. والميزة الأهم أن الطلب على منتجات هذه المصانع مرتفع جداً، سواء كانت منتجات بلاستيكية أم زجاجية أم معادن أم أسمدة عضوية.