أعلنت وزارة المالية المصرية، الخميس الماضي، نجاح إصدار سندات دولارية بقيمة اسمية تبلغ 1.5 مليار دولار لمده 10 سنوات، لكن اقتصاديين ومصرفيين مصريين انتقدوا بشدة سعر الفائدة الممنوح لهذه السندات والبالغ 6.25% سنوياً.
وقال خبراء مصرفيون، في تصريحات إلى "العربي الجديد" إنه لولا سعر الفائدة العالي مقارنة بالأسعار الممنوحة على القروض في الأسواق الدولية ما نجحت الحكومة في تسويق قرضها الأخير.
وتولت ترتيب الإصدار مصارف بي.إن.بي باريبا وسيتي غروب وجيه.بي مورغان ومورغان ستانلي وناتكسيس.
وبحسب الخبراء، فإن "أسعار الفائدة للسندات الدولية التي حصلت عليها مصر الخميس الماضي عالية جداً بسبب المخاطر السياسية والأمنية التي تمر بها البلاد خاصة والمنطقة العربية بشكل عام"، مؤكدين أن أي سندات في هذه الحالة لن يقبل بها المستثمرون إلا بفائدة عالية مثل هذه.
وانتقدت الخبيرة المصرفية بسنت فهمي، عائد هذه السندات، مؤكدة أن الفائدة عالية جداً ولكنها تعكس درجة المخاطر الاقتصادية، وأضافت: "غياب بشائر قدوم عملة أجنبية لمصر سواء من خلال استثمارات أو وسائل أخرى بالإضافة لارتفاع الدين الخارجي ونقص الاحتياط الأجنبي، هذه العوامل تجعل من المستحيل أن تحصل مصر على سندات دولية بفائدة أقل من 6% سنوياً".
وأضافت في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد" أن الحكومة المصرية اضطرت لرفع سعر الفائدة على سنداتها الأخيرة حتى تتمكن من جذب المستثمرين".
واستنكرت فهمي سعي الحكومة لإصدار سندات من الأصل وزيادة الدين الخارجي، في الوقت الذي لا يوجد فيه برلمان، ولم تعلن الحكومة عن الجهة التي ستوجه لها هذه السندات، مؤكدة أنه لا يمكن الاستمرار في الاقتراض كما تفعل الحكومة المصرية الحالية من دون برلمان يحاسبها.
وكان هاني قدري دميان وزير المالية قد أكد في بيان صحافي الخميس الماضي، أن إصدار السندات الدولارية الأخير "يعتبر خطوة رئيسية مهمة في مسار الاقتصاد المصري وقدرته على توفير احتياجاته التمويلية من خلال أسواق المال الدولية بأسعار مناسبة"، كما أكد أن "الإقبال الكبير على شراء السندات يعكس ردود الفعل الإيجابية للمستثمرين على خلفية التحول في الاقتصاد المصري، كما أنه يعكس الدعم الدولي والإقليمي للمستثمرين".
مخاطر اقتصادية
وقالت مدير إدارة الأصول ومسؤولة مخاطر السوق والسيولة في بنك الاتحاد الوطني - مصر، أمل قطب، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن أسعار الفائدة التي قدمتها مصر سعياً للحصول على السندات الدولية عالية، لافتة إلى أن أسعار الفائدة يتم تحديدها بناء على المخاطر الاقتصادية في البلدان التي تعرض هذه السندات.
وأضافت: "نظراً لأن مصر تعاني نقصاً في العملة الأجنبية وعجزاً في الاحتياطي الأجنبي فكان حتماً عليها رفع سعر الفائدة، بالإضافة للوضع الاقتصادي العام"، مؤكدة أن هذه السندات تعد عبئاً على الموازنة العامة لأنها دين بفائدة عالية جداً.
وتابعت:" حتى لو تم توجيه السندات للاستثمار فلا يوجد استثمار بالوقت الحالي تصل فائدته إلى 6.25%".
اقرأ أيضاً: 2.7 مليار جنيه ديوناً على المصريين كل يوم
وشددت مصادر مصرفية مصرية على أن الوضع السياسي والاقتصادي في مصر الآن في قمة التعقيد، بالإضافة للأوضاع في المنطقة العربية بشكل عام، خاصة البلاد المحيطة بمصر، وهو ما يرفع من مخاوف المستثمرين من الاستثمار بهذه السندات"، مؤكدين أن الوضع الآن في الحدود القصوى للمخاطر السياسية والاقتصادية في مصر والبلدان المحيطة بها.
ولفتت المصادر إلى أنه من أسباب ارتفاع فائدة السندات في مصر تأتي توقعات الصعود للدولار الأميركي وارتفاع الفائدة بالولايات المتحدة الأميركية، ما يحتم على مصر رفع فائدة سنداتها.
وأكدت المصادر أن هناك عدة تحديات أمام الحكومة المصرية عند طرحها لهذه السندات، ويأتي في طليعتها كيفية استغلال الحكومة لحصيلة هذه السندات، متسائلين عن استخدام الحكومة المصرية للسندات، وقالوا: "هل ستقوم الحكومة باستخدامها في تمويل مشروعات للطاقة والإنتاج وغيرها أم ستوجهها لسداد الديون أم أن جزءاً منها سيكون لسداد الديون وآخر للاستثمار؟".
وكانت وزارة المالية المصرية قد أكدت الخميس الماضي، أن مصر تنوي استخدام حصيلة السندات لتمويل عجز الموازنة.
وبحسب المصادر، فإن التحدي الآخر الذي تواجه الحكومة المصرية هو حل مشاكل الطاقة والتصنيع التي تواجهها مصر هذه الأيام، والتي تؤثر على النمو الاقتصادي، مؤكدين أن هناك جزءاً أكيداً من هذه السندات لسداد الديون، وأن جزءاً كبيراً منها سيوجه لمشاريع البنى التحتية في الأوضاع الطبيعية.
وفي أبريل/نيسان الماضي قررت وكالة موديز رفع التصنيف الائتماني لمصر إلى B3 مع إبقاء نظرتها المستقبلية للاقتصاد المصري مستقرة، وتلاها في منتصف مايو/أيار الماضي قيام مؤسسة "ستاندرد أند بورز" العالمية للتصنيف الائتماني برفع درجة تقييمها للاقتصاد المصري إلى نظرة إيجابية بدلاً من درجة مستقر.
وتواصل الحكومة المصرية الحالية سياستها في الاقتراض الخارجي والداخلي، وقال أحد الخبراء المصرفيين، والذي رفض الكشف عن اسمه، إنه: "عندما أعلنت الحكومة عن زيادة الاحتياطي النقدي للبلاد كان بقروض خليجية ولأسباب لم تعلنها الحكومة حالياً، فهي تسعى للحصول على سندات دولية بفائدة تصل لـ6.25%".
ويتجاوز الدين العام في مصر الآن التريليوني جنيه وتتجاوز نسبته 90%من الناتج القومي الإجمالي، وهو الدين الأكبر في تاريخ مصر حتى الآن.
وتصل ديون مصر الخارجية الآن وفقاً لآخر بيانات البنك المركزي المصري إلى 39.9 مليار دولار، كما يقدر الاحتياطي الأجنبي لمصر من الدولار وفقاً للمركزي بنحو 20 مليار دولار.
وتراجعت الاستثمارات الأجنبية التي كانت قد وصلت قبل أربعة أعوام إلى 13 مليار دولار خلال العام المالي 2007/2008 لتصل إلى أربعة مليارات دولار العام المالي الماضي، وفق تصريحات وزير الاستثمار المصري أشرف سالمان.
اقرأ أيضاً: مصر تقترض 28 مليار دولار في الربع الأول