تلقى جميع العاملين المصريين في القطاع الحكومي تعليمات شفهية من رؤسائهم في العمل، اليوم الاثنين، بضرورة المشاركة في انتخابات مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان)، والمقرر إجراؤها على مدار يومي الثلاثاء والأربعاء، مع تهديدات بتوقيع جزاءات مالية وإدارية في حالة التخلف عن المشاركة من دون عذر.
وأفادت مصادر حكومية متطابقة، لـ"العربي الجديد"، بأن "التعليمات تضمنت منح كل موظف ساعتين (إذن بالغياب عن العمل)، للإدلاء بالصوت في اللجنة الانتخابية المختصة، مع توجيه الموظفين والعاملين في كافة مؤسسات الدولة بالتصويت لصالح (القائمة الوطنية من أجل مصر)، والتي ترشحت منفردة على جميع مقاعد القائمة في الانتخابات، وتحتاج إلى نسبة 5% من مجموع أصوات الناخبين لإعلان فوزها".
وقالت المصادر إن "التعليمات نفسها وردت للعاملين في أغلب شركات ومؤسسات القطاع الخاص، بناءً على اتصالات جرت بين الجهات الأمنية، لا سيما جهاز الأمن الوطني، وأصحاب هذه المؤسسات، على مدار اليومين الماضيين، من أجل التصويت لصالح المرشحين المدعومين من أجهزة الدولة، وتحقيق النسبة المطلوبة لفوز القائمة التي يقودها حزب مستقبل وطن".
وتتزامن انتخابات مجلس الشيوخ مع تحذيرات وزارة الصحة المصرية من إمكانية مواجهة البلاد "موجة ثانية" من تفشي وباء كورونا، عقب تزايد الأعداد تدريجياً خلال الأيام الأخيرة، في حين فتحت بعض مستشفيات العزل أبوابها مجدداً أمام الحالات المصابة بالعدوى بعد توقفها عن استقبالها، على غرار مستشفى "النجيلة" في محافظة مطروح، ومستشفى 15 مايو في العاصمة القاهرة.
ويسعى النظام المصري لإضفاء صفة الشرعية على انتخابات مجلس الشيوخ الصورية، والمحسومة نتائجها سلفاً لصالح القائمة الموالية للرئيس عبد الفتاح السيسي، في وقت تمتلئ فيه السجون بالمعارضين السياسيين والناشطين في الأحزاب الشرعية، في ظل سياسة تكميم الأفواه، وإشهار تهمة "الإرهاب" بحق كل من يختلف مع السلطة الحاكمة في مصر.
وفي مواجهة ضعف الإقبال المنتظر في تلك الانتخابات، سخّر نظام السيسي وسائل الإعلام لبث حملة ترويجية مكثفة لشحذ مشاركة المواطنين، متبوعة بحملات ابتزاز أمنية بحق الموظفين في القطاعين العام والخاص، وسط ضغوط متزايدة على العاملين للمشاركة والتصويت لصالح قائمة حزب "مستقبل وطن" المسماة "من أجل مصر".
وعلى الصعيد الميداني، بدأ الجيش الانتشار على مستوى المحافظات، ممثلاً في عناصر الشرطة العسكرية والقوات الخاصة لتأمين اللجان، من خلال اتخاذ القيادة العامة للقوات المسلحة كافة الترتيبات والإجراءات المرتبطة بالتعاون مع أجهزة وزارة الداخلية، والهيئة الوطنية للانتخابات، وكافة الأجهزة المعنية بالدولة، "من أجل توفير مناخ آمن للمواطنين للإدلاء بأصواتهم، انطلاقاً من مسؤوليتها الوطنية تجاه الشعب المصري".
يسعى النظام المصري لإضفاء صفة الشرعية على انتخابات مجلس الشيوخ الصورية، والمحسومة نتائجها سلفاً لصالح القائمة الموالية للرئيس عبد الفتاح السيسي
ويشترك الجيش المصري في تأمين الانتخابات بعناصره في نطاق الجيوش الميدانية والمناطق العسكرية، مع إعداد قوات التأمين الثابتة والاحتياطات القريبة والبعيدة، ودوريات التأمين المتحركة، والتأكد من فهم جميع القوات المشاركة للمهام المكلفة بها لحماية المواطنين، والتصدي لكافة التهديدات التي تمكن مجابهتها، بالتعاون مع قوات الشرطة المدنية، وعناصر الأمن في محيط اللجان.
من جهته، أعلن رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات، المستشار لاشين إبراهيم، أن الهيئة تدرس بجدية توقيع عقوبة غرامة 500 جنيه على كل من يتخلف عن أداء واجبه الوطني بعدم الإدلاء بصوته في انتخابات مجلس الشيوخ من دون عذر، وهي الورقة التي يلعب عليها النظام المصري دوماً في كل انتخابات لتخويف المواطنين، استناداً إلى نص معيب، ولا يتحقق على أرض الواقع، في قانون مباشرة الحقوق السياسية.
وصرح إبراهيم أن "الدولة تتحمل أعباءً كثيرة وتكاليف باهظة من أجل إتمام الاستحقاق الدستوري المتمثل في انتخابات مجلس الشيوخ، بما يحتم على المواطنين ضرورة المشاركة بكثافة في تلك الانتخابات، وعدم التقاعس عن أداء دورهم تجاه بلدهم"، مستطرداً أنه "عقب انتهاء الاقتراع في الانتخابات، ستعمل الهيئة على حصر جميع أسماء من تخلفوا عن الإدلاء بأصواتهم، ورفعها إلى النيابة العامة لاتخاذ اللازم"، حسب زعمه.
وشدد إبراهيم على ضرورة ذهاب المواطنين للجان الانتخاب مرتدين الكمامات للوقاية من فيروس كورونا، وتوفير كمامات لمن لا يحملها، وتوفير موظف مختص للكشف عن درجة الحرارة للناخبين، مع تعقيم اللجان بصفة دورية، وتوفير موظفين لتنسيق الطوابير، ومراعاة التباعد الاجتماعي، والسماح بدخول ناخبين اثنين فقط في وقت واحد، واختيار عدد مرشحين مساوٍ لعدد المقاعد في الدائرة الانتخابية حتى لا يكون الصوت باطلاً.