أعلنت الرئاسة المصرية أن القمة الأفريقية المصغرة حول سد النهضة، التي شارك فيها رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي، انتهت اليوم بالتوافق على "مواصلة المفاوضات والتركيز في الوقت الراهن على منح الأولوية لبلورة اتفاق قانوني ملزم بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، على أن يتم لاحقاً العمل على بلورة اتفاق شامل لكافة أوجه التعاون المشترك بين الدول الثلاث فيما يخص استخدام مياه النيل"، في إشارة هي الأولى من نوعها من مصر لاحتمالية إعادة المحاصصة في مياه النيل، وهو ما كانت تطالب به إثيوبيا منذ وقت مبكر وترفضه مصر.
وبذلك تكون القمة التي حضرها رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد ونظيره السوداني عبدالله حمدوك، وترأسها رئيس الاتحاد الأفريقي وجنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، قد أخفقت في التوصل إلى اتفاق، بعد الفشل الذي منيت به المفاوضات الفنية والقانونية الأخيرة.
ولم تعقب الرئاسة المصرية في بيان مقتضب عما تم خلال القمة على ما أعلنته إثيوبيا من إتمامها للمرحلة الأولى من ملء سد النهضة، بالمخالفة لما كانت مصر تطالب به مرارا هي والسودان، وما خاطبت مجلس الأمن لتحقيقه دون طائل.
وصدر البيان المصري عن القمة ونتائجها خاويا من أي تطور، وبدا متجمدا عند نفس النقطة، بالتمسك بالمفاوضات دون أفق لحل الأزمة، خاصة بعد تجاوز إثيوبيا واقعيا لمسألة الملء الأول المبكر المنفرد بإرادتها السيادية.
وبحسب البيان؛ أعلن السيسي استمرار الرغبة الصادقة لدى مصر لتحقيق تقدم على صعيد القضايا الخلافية، والتي تعد جوهرية في أي اتفاق عادل ومتوازن يتم التوصل إليه بشأن سد النهضة.
وأضاف السيسي أن "الاتفاق يتطلب توافر الإرادة السياسية للتوافق حول تلك القضايا العالقة، بما يعزز فرص وجهود التوصل للاتفاق المنشود، ويدعم بناء الثقة والتعاون لتحقيق المصلحة المشتركة بين الدول الثلاث".
وسبق وكشفت مصادر فنية حكومية ودبلوماسية مصرية واسعة الاطلاع على مجريات التفاوض أن "وزارتي الري والخارجية تتلقيان باستمرار رسائل طمأنة من جهاز المخابرات العامة والدوائر اللصيقة برئاسة الجمهورية بأن الموقف المصري الفعلي في القضية قوي، وأن العلاقة بين السيسي والرئيس الأميركي دونالد ترامب سيكون لها أثر إيجابي في التوقيت الحاسم من القضية، وأن الاتصالات الجارية مع الروس والفرنسيين وحتى الصينيين تؤكد عدم قبول أي من تلك الدول إيقاع الضرر بمصر".
وتوضح المصادر أنه "على الرغم من كون الطمأنة السياسية من قبل تلك الدول أمر إيجابي بحد ذاته، لكن المقلق أنه لا يتطور في الواقع إلى ممارسة ضغوط ذات بال على الإثيوبيين الذين يخرجون من كل جولة تفاوض كما دخلوها، بنفس الإصرار على رفض جميع المقترحات المصرية والسودانية الوسيطة، وهو ما يدفع المفاوضين للتشكيك في تلك التطمينات، خاصة بعد تعثر المساعي المصرية السياسية الخالصة في استصدار قرار من مجلس الأمن، لإلزام إثيوبيا بالتوصل إلى اتفاق ملزم والامتناع عن الملء المبكر قبل ذلك الحين، وكذلك عدم قدرتها حتى الآن على استصدار بيان رئاسي أو حتى إعلامي من المجلس بهذا الشأن".
في المقابل، قال وزير الري والموارد المائية السوداني، ياسر عباس، في تصريحات صحافية، إن "القمة استمعت لخطاب من رئيس الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي؛ و إلى تقرير من الخبراء الذين شاركوا في جولة المفاوضات السابقة كمراقبين؛ مشيرا إلى أن الخبراء تضمن تقريرهم الجوانب القانونية بالتركيز على عقدة التفاوض الخاصة بالمشاريع المستقبلية على النيل الأزرق، وذلك لارتباطها بالجانب الفني والقانوني"، مبيناً أن "حجة إثيوبيا تركز على أن اتفاقية سد النهضة تحجم أي تنمية مستقبلية في النيل الأزرق".
وأضاف الوزير أن "الخبراء أمنوا على مقترح السودان لتجاوز هذه النقطة"؛ لافتا إلى أن "المقترح يعطي الحق لإثيوبيا في التنمية المستقبلية، سواء كان عبر بناء خزانات أو مشاريع أخرى؛ بشرط أن تكون وفق القانون الدولي للمياه؛ وإعلام السودان ومصر بها".
وأكد أنه "بمجرد التوافق على هذه النقطة، يحق لإثيوبيا تعديل بعض الأرقام المتعلقة بطرق التشغيل"؛ مشيرا إلى أن "اعتماد المقترح سيفك الارتباط العضوي بين التنمية المستقبلية، والوصول إلى اتفاق فيما يخص الملء الأول وتشغيل سد النهضة".
وأبان الوزير السوداني عن أن رؤساء الدول الثلاث خاطبوا القمة؛ وأكد أن "الاجتماع عقد في جو إيجابي؛ أمن فيه الجميع على الحلول الأفريقية للمشاكل الأفريقية،كما اتفقت القمة على مواصلة النقاش والتفاوض في الفترة المقبلة، من أجل التوصل لتقريب وجهات النظر في النقاط المتبقية والنقطية الرئيسية"؛ مبيناً في هذا الصدد أن "التوصل إلى حل النقطة الرئيسية يسهل التوصل إلى اتفاق في بقية النقاط"، منوهاً إلى أن "وجهات نظر المراقبين والاتحاد الأفريقي أمنت على أن مقترح السودان يمكن أن يصلح مادة للتفاوض، خاصة وأن إثيوبيا وعدت بدراسته".
وأوضح عباس أن "رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك أبلغ القمة باعتراض السودان على الإجراءات الأحادية من قبل إثيوبيا فيما يلي قرار إثيوبيا بملء الخزان".
إثيوبيا تعلن إنهاء المرحلة الأولى من الملء
بالتوازي مع ذلك، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، الثلاثاء، أن المرحلة الأولى من عملية ملء خزان سد النهضة المتنازع عليه تحققت بسبب موسم الأمطار في المنطقة.
وذكر المكتب، في بيان أوردته وكالة "الأناضول": "لقد أصبح من الواضح على مدى الأسبوعين الماضيين في موسم الأمطار أن عملية ملء سد النهضة في السنة الأولى قد تحققت وأن السد قيد الإنشاء".
وأضاف البيان أن "السودان ومصر وإثيوبيا اتفقوا على مواصلة المباحثات الفنية بشأن ملء السد في عملية يقودها الاتحاد الأفريقي، واتفقوا على المضي قدما في اتفاق شامل".