دخلت أزمة الدير المنحوت بوادي الريان بمحافظة الفيوم المصرية، منعطفا خطيرا، اليوم بعد اختطاف مجهولين المتحدث باسم الدير، الراهب "بولس الرياني" فجر اليوم، وتهديد باقي الرهبان بالخطف إذا لم يتراجعوا عن موقفهم الرافض لشق الطريق الإقليمي بأراضي الدير، قبل ظهور مفاجئ للراهب المختطف أمام نيابة أبشواي، بالفيوم.
وقال الراهب "تيمون الرياني" من كبار الرهبان بالدير المنحوت، في تصريحات إعلامية، إنه توجد حالة من الحزن والغضب الآن بين الرهبان بالدير.
وكانت أزمة دير "الأنبا مكاريوس السكندري" بوادي الريان بالفيوم، المعروف بـ"الدير المنحوت"، قد انتهت رسميا بموافقة عدد من الرهبان على شق الطريق والخضوع لقرار الكنيسة، حيث أصدر البابا تواضروس، بابا الإسكندرية، تعليمات بضرورة إنهاء الأزمة وشق الطريق مع مراعاة متطلبات الرهبان، إلا أنه ظل عدد آخر من الرهبان رافضا لإزالة السور.
واتفق الأنبا إرميا، الأسقف العام، ورجل الأعمال عدلي أيوب، مع الرهبان على ضرورة الموافقة على الطريق، لأنه لا يوجد بديل سواه، مع الحفاظ على ممتلكات الرهبان، وعيون المياه، وحماية باقي الأراضي المتبقية بسور، وشق نفق تحت الطريق، يربط أجزاء الدير ببعضها البعض، والحفاظ على المزرعة الداخلية بالدير، مع وعد كنسي بتقنين وضع الدير للاعتراف به بعد انتهاء شق الطريق.
وأكدت الكنيسة أن هناك أكثر من 120 راهباً وطالب رهبنة وافقوا على الاتفاق الذي عرضه الأنبا إرميا على المهندس إبراهيم محلب، مساعد الرئيس المصري للمشروعات القومية، ببناء أسوار للدير على جانبي الطريق والحفاظ على عيون المياه، بالإضافة للنقط الأثرية التى أثبتتها وزارة الآثار واللجان التي قامت بزيارة الدير، وتنفيذ الشركة الخاصة برجل الأعمال القبطي، عدلي أيوب، والذي حضر الاتفاق، مشروع الأسوار حتى يطابق ما طالبوا به.
ومن جهة أخرى، رفض رهبان الدير المنحوت استقبال محافظ الفيوم، المستشار وائل مكرم، أثناء قيادته حملة مكبرة لإزالة جزء من السور المخالف، والذي تمّ بناؤه حول واحة العيون بطول 15 كيلومترًا، للبدء في تنفيذ طريق الواحات الفيوم الذي توقف العمل فيه لاعتراض الرهبان على مروره من داخل واحة العيون، زاعمين أن ذلك يُعرّض المباني الكنسية التي قاموا بتشييدها للخطر رغم مخالفتها وصدور قرارات إزالة لها.
اقرأ أيضا:الأقباط والسلطة في مصر ..رسائل وآلام في العيد
في المقابل، قال الراهب تينون الرياني، إن الاتفاق الأخير الذي رعاه الأنبا إرميا، لم يوافق عليه الرهبان، مشيرًا إلى أن هناك أكثر من 70 راهبًا رفضوا العرض، وأشعل بعض الرهبان النيران في معدات العمل التابعة لمحافظة الفيوم، وقاموا بإعادة بناء ما تم هدمه من السور، والذي يبلغ 500 متر، خلال يوم.
وكان الاتفاق الذي تم التوصل إليه يضم عدة بنود، منها؛ تقنين وضع الدير وحصر الأراضي التي بها الكنائس والمغارات الأثرية ومساحتها ثلاثة آلاف متر مربع، وتسجيلها باسم البابا تواضروس الثاني، وتغيير شركة "المقاولون العرب" المنفذة للمشروع، وأن تتولى شركة "أيوبكو" المملوكة لرجل الأعمال القبطي، عدلي أيوب، تنفيذ مشروع الطريق داخل المساحة الأخرى من الدير بحيث يكون الدير على يمين الطريق والمزارع على اليسار، وتكليفه بتولي مشروعات مزارع الدير، ومساحتها ما بين 1000 إلى 2000 فدان، وبناء سور جديد يفصل مباني الدير عن الطريق ويوفر الحماية له، على أن تتم دراسة ما يحتاج له الدير من عيون المياه لخدمته ليصبح الدير معترفاً به رسمياً ويخضع للكنيسة، بعد إسقاط الدعاوى والأحكام الصادرة ضد بعض الرهبان.
ويمتد سور الدير على مساحة 8 كيلومترات ويضم بداخله 13 ألف فدان، وبدأت أزمة الدير عقب ثورة يناير 2011، حيث استغل بعض الرهبان الانفلات الأمني وقاموا بالاستيلاء على الأراضي المحيطة بالدير، ودمروا المحمية الطبيعية بوادي الريان، والتي تضم آبارا جوفية وتجمعات للحيوانات النادرة من الغزال المصري والغزال الأبيض.
وكانت الكنيسة المصرية قد أعلنت عدم خضوع الدير لها أو تقنينه، وأنه تجمع رهباني خارج عن سيطرتها، عقب عدم انصياع الرهبان لمطالبها بالتخلي عن سور الدير وتمكين الدولة من القيام بالمشروع.
ووقعت عدة اشتباكات بين الرهبان وبعض الأعراب المقيمين بالمنطقة والمتضررين من تعدي الدير على أراضي المحمية الطبيعية، وردم العيون السحرية وتحويلها إلى أحواض لاستزراع الأسماك مما أهدر الحياة الطبيعية بالمحمية وأخل بتوازنها، وأوقف خط السياحة إليها والتي كانت ملاذا لرحلات السفاري.
اقرأ أيضا:مصر: مسيحيون يدينون "تجارة" الكنيسة بدماء ضحايا ماسبيرو