تجري الحكومة المصرية تسويات بشأن تخصيص أراض للاستثمار السياحي مع رجال أعمال محسوبين، وفق خبراء اقتصاد، على نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، بعد أن تم سحبها عقب اندلاع ثورة يناير 2011، إثر اتهامات بتخصيصها بثمن بخس، ما أهدر على الدولة مليارات الدولارات.
وقال مسؤول بارز في وزارة السياحة المصرية، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه جار التفاوض مع ثلاث شركات استثمار سياحي، لتسوية نزاعات حول أراض تم سحبها قبل 4 أعوام.
وأوضح المسؤول، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن الشركات التي تجري الوزارة مفاوضات
معها ترتبط برجال الأعمال إبراهيم كامل (عضو لجنة السياسات في الحزب الوطني الديمقراطي خلال عهد مبارك، والذي تم حله بعد ثورة يناير)، ومنصور عامر، المساهم الرئيسي في مجموعة عامر جروب للاستثمار العقاري والسياحي، وسميح ساويرس، رئيس شركة أوراسكوم القابضة للتنمية.
وأضاف أن مساحة الأراضي التي تجري بشأنها التسويات تتجاوز 30 مليون متر مربع، تستحوذ الشركة المصرية للمنتجعات السياحية على 20 مليون متر وحدها، وهي الشركة المرتبطة برجل الأعمال، إبراهيم كامل.
وكانت الهيئة العامة للتنمية السياحية، الذراع الاستثمارية لوزارة السياحة، قد سحبت مساحات كبيرة من الأراضي خلال 2011، لعدم التزام المستثمرين بالجدول الزمنى لعمليات التنفيذ وتسعيرها بأقل من قيمتها.
وقال المسؤول في وزارة السياحة "الشركة المصرية للمنتجعات السياحية حصلت على مساحة 32 مليون متر مربع، بواقع دولار للمتر المربع، وتم تقسيم المساحة إلى 3 مراحل: الأولى والثانية بمساحة 12 مليون متر مربع. في حين تبلغ مساحة المرحلة الثالثة 20 مليون متر".
وأضاف أنه "جار التفاوض مع الشركات على دفع فروق أسعار هذه الأراضي.. المفاوضات تقترب من المرحلة النهائية، سيجرى دفع نحو 4 دولارات عن المتر الواحد".
وتبلغ قيمة الاستثمارات الفندقية المقامة على أراضى التنمية السياحية 68 مليار جنيه (8.9 مليارات دولار)، من إجمالي الاستثمارات الفندقية البالغة 200 مليار جنيه (26.3 مليار دولار).
كما تضم المفاوضات التي تجريها وزارة السياحة مع شركة رجل الأعمال منصور عامر تسوية النزاع الخاص بـ2 مليون متر مربع على شاطئ البحر الأحمر شرق مصر.
وأضاف المسؤول أن إجمالي المستحقات المطلوبة من شركة عامر تبلغ 9 ملايين دولار بواقع 4 دولارات عن المتر الواحد.
وتابع أن سميح ساويرس، حصل أيضا على مساحة 460 ألف متر من الأراضي، حيث لا تزال الموافقة الخاصة بالأراضي مبدئية وليست نهائية.
وقال المسؤول المصري، إن إبرام التسويات مع رجال الأعمال يأتي بهدف ضخ الاستثمارات
في القطاع السياحي وإعادة النشاط إلى القطاع.
اقرأ أيضاً: خبير: الجيش يسيطر على الاقتصاد المصري
وتعانى مصر من انحسار سياحي على مدار الأربع سنوات الماضية، بلغ ذروته خلال العامين الأخيرين، إذ تناقص الدخل في 2013 إلى 5.9 مليارات دولار، قبل أن يشهد تحسنا طفيفا خلال العام الماضي، لتبلغ العائدات 7.3 مليارات دولار.
ويتخوف المسؤول من اتجاه بعض المستثمرين المصريين في القطاع إلى ضخ استثمارات في
بلدان عربية خاصة بالمغرب خلال الفترة الأخيرة.
وقال "الدولة ليست تاجر أراض في جميع الأحوال، وهى تستهدف أن تتم عملية التنمية عبر القيمة المضافة للأراضي من مشروعات وفرص عمل".
ويبلغ عدد العاملين في قطاع الفنادق المصرية أكثر من 800 ألف عامل، وفقا لوزارة السياحة. وأشار المسؤول إلى أن أكثر من 50% من هذه العمالة المدرية هجرت القطاع خلال الأربع سنوات الماضية جراء الانحسار السياحي.
وأضاف أن تحفيز المستثمرين على استكمال مشروعاتهم، يعد مرضيا للدولة في الوقت الحالي، إلى جانب أهمية القطاع الخاص ودوره في عمليات التنمية التي تستهدفها.
وتبلغ الاستثمارات المستهدفة في القطاع خلال العام الجاري 2015، نحو 1.3 مليار دولار، وفقا للمسؤول في وزارة السياحة.
لكن أحمد إبراهيم، خبير الاقتصاد المصري، قال إن تسوية النزاعات مع رجال الأعمال المحسوبين على نظام مبارك يأتي في إطار الرضوخ لهؤلاء رجال الأعمال، الذين يمتلكون الكثير من الأدوات للضغط على النظام الحالي، لأنهم مسيطرون على العديد من مفاصل الاقتصاد المصري ويحتكرون العديد من الأنشطة.
وأضاف أن حكومات مبارك، ولا سيما وزارة السياحة، باعت الأراضي السياحية بأثمان بخسة، وهي تعيد التفاوض الآن بأسعار زهيدة أيضا، بالمقارنة مع حجم الاستفادة التي حصل عليها رجال الأعمال.
وأصدرت الحكومة المصرية قانون الاستثمار الموحد في بداية مارس/آذار الماضي، قبل أيام قليلة من مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري في مدينة شرم الشيخ شمال شرق مصر.
وقال المسؤول في وزارة السياحة "إن القانون سيعمل على حل التشابكات الخاصة بجهات الولاية على الأراضي وتسعيرها"، مضيفا أن سعر الأراضي سيتم تحديده وفقا للجنة تحددها
اللائحة التنفيذية الخاصة بالقانون التي يتوقع صدورها خلال شهر يونيو/حزيران المقبل.
وتابع أن "سبب سحب الأراضي خلال الفترة الماضية كان لأن هناك غموضا بشأن عمليات التسعير، أما الآن فإن التسعير سيتم وضعه وفقا لقواعد محددة، خاصة بعد صدور قانون الاستثمار الموحد وتعديلات قانون المناقصات والمزايدات الذي يتيح للهيئات الاقتصادية الإسناد المباشر للأراضي".
وقال رئيس الاتحاد المصري للغرف السياحية، إلهامى الزيات، إن عدد الغرف الفندقية، التي كانت تدخل الخدمة سنويا في 2010، كان يزيد عن 5 آلاف غرفة، مقابل أقل من 1000 غرفة حاليا.
ورأى الزيات، في تصريح لمراسل "العربي الجديد" في القاهرة، أن المستثمر السياحي يحصل على الأراضي دون أية خدمات في المنطقة التي يقيم بها المشروع، وعلى الرغم من ذلك يسدد سعر الأراضي التي حصل عليها.
وأضاف "المستثمرون السياحيون حصلوا على الأراضي، وفقا لسعر حددته الدولة في الفترة الماضية، ولم تتوافر أية جريمة واحدة بشأن أي مستثمر".
وبحسب رئيس جمعية المستثمرين السياحيين في جنوب سيناء شمال شرق مصر، هشام علي، فإن عمليات سحب الأراضي من المستثمر تؤثر سلبا على مناخ الاستثمار في مصر.
وأضاف أن "95% من الاستثمارات السياحية الموجودة بمصر يملكها مصريون، أقاموها في الصحراء حيث كان لا يوجد أي عمليات تنمية بهذه المناطق".
اقرأ أيضاً:
حكومة السيسي تستنجد بـ"صكوك" مرسي لإنقاذ الاقتصاد المتعثر
شركة يملكها الخرافي تهدد بمقاضاة مصر دولياً