وافق مجلس النواب المصري، اليوم الأحد، على مجموع مواد مشروع قانون مقدم من الحكومة بشأن "المساهمة التكافلية لمواجهة بعض التداعيات الاقتصادية الناتجة عن انتشار الأوبئة أو حدوث الكوارث الطبيعية"، فيما أرجأ المجلس موافقته النهائية على القانون إلى جلسة عامة لاحقة، نظراً لعدم توافر أغلبية ثلثي عدد الأعضاء اللازمة لتمرير التشريع.
وعزا وزير المالية، محمد معيط، تقدم الحكومة بمشروع القانون إلى "الحد من الآثار السلبية الناتجة عن انتشار الأوبئة، في ظل ما تعانيه مصر من مشكلات اقتصادية بسبب أزمة تفشي فيروس كورونا"، مدعياً أن "الحكومة مُلزمة بالوفاء بالتزاماتها في ظل ضعف الإيرادات العامة للدولة، وفقدان نحو 130 مليار جنيه خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، وزيادة إجمالي المصروفات في المقابل".
وقال معيط: "مافيش (لايوجد) جنيه من الأموال المحصلة من رواتب ومعاشات المواطنين سيذهب للخزانة العامة للدولة، وإنما ستذهب تلك الأموال لصالح صندوق مواجهة الأوبئة"، وهو ما أيده رئيس البرلمان، علي عبد العال، قائلاً إن "كل الدول تأثرت اقتصادياً بشكل سلبي بسبب جائحة كورونا، وأغلب الدول لجأت إلى تخفيض رواتب العاملين في الدولة، ونحن لم نلجأ لهذه الآلية".
وأضاف عبد العال أن "هناك دولا استغنت عن الكثير من العمالة لديها، ومصر لم تلجأ إلى هذا الإجراء، بل استطاعت أن تمد يد العون والمساعدة لعدد كبير من العمالة غير المنتظمة في ظل هذه الظروف، وجاء دور المواطن في المشاركة بمساهمة تكافلية لمدة محددة، وبمبلغ لا يُذكر"، على حد قوله.
وتابع: "بعد العدوان الغاشم على مصر في عام 1967، شارك المواطنون بكل ترحاب في مساعدة الدولة، ولا أعتقد أنه يوجد بين النواب أي معارض لهذا القانون على الإطلاق"، متمسكاً بإثبات أن مدة تطبيق القانون هي 12 شهراً فقط في مضبطة الجلسة.
ونص مشروع القانون على "خصم نسبة 1% من صافي دخل العاملين في كل قطاعات الدولة، المستحق من جهة عملهم، أو بسبب العمل تحت أي مسمى، سواء في القطاع الحكومي أو الخاص أو البنوك، ونسبة 0.5% من صافي الدخل المستحق من المعاش لأصحاب المعاشات، وذلك بصورة شهرية اعتباراً من أول يوليو/ تموز 2020، ولمدة 12 شهراً قادمة".
وأعفى القانون أصحاب الدخول والمعاشات، الذين لا يزيد صافي دخولهم ومعاشاتهم شهرياً على 2000 جنيه (123 دولارا تقريبا)، من أحكام القانون، وكذلك جميع المنتمين للقوات المسلحة وجهاز الشرطة، سواء من الموجودين حالياً في الخدمة أو من أصحاب المعاشات العسكرية".
ونص القانون على أن "تُخصص هذه الحصيلة التكافلية في الصرف منها على الأغراض التي يحددها مجلس الوزراء، طبقاً لما تقدمه الوزارات المعنية من بيانات لمواجهة التداعيات الناتجة عن فيروس كورونا، وعلى الأخص تقرير دعم مالي للقطاعات الاقتصادية والإنتاجية، وكذا المنشآت والشركات والمشروعات المتضررة، وصرف إعانة مالية للعاملين بتلك القطاعات، والمنشآت، والشركات، والمشروعات".
وشملت أوجه الصرف المساعدات المالية والعينية للأفراد والأسر التي يقررها رئيس الجمهورية، والمساهمة في تمويل البحوث العلاجية، وتطوير منظومة الرعاية الصحية واستمراريتها، بحيث تعود لمجلس الوزراء إضافة أوجه الإنفاق الأخرى في الحالات التي يقدرها للتخفيف من تلك التداعيات.
كما نص القانون على أن "تُنشئ وزارة المالية حساباً خاصاً بالبنك المركزي ضمن حساب الخزانة الموحد باسم (حساب مواجهة الأوبئة والكوارث)، تودع فيه المبالغ التي يتم استقطاعها طبقاً لأحكام هذا القانون، ويتم الصرف من هذه الحصيلة في الأغراض المخصصة من أجلها".
أعفى القانون جميع المنتمين للقوات المسلحة وجهاز الشرطة، سواء من الموجودين حالياً في الخدمة أو من أصحاب المعاشات العسكرية
وعرف مشروع القانون المخاطبين بأحكامه بأنهم "العاملون في الجهاز الإداري للدولة، أو في وحدات الإدارة المحلية، أو في الهيئات العامة الخدمية، أو في الجهات والأجهزة والهيئات التي لها موازنات مستقلة، أو في غيرها من الجهات والأجهزة التي تشملها الموازنة العامة للدولة".
وتضمنت قائمة المخاطبين: "العاملين في الهيئات الاقتصادية، أو في شركات القطاع العام، أو شركات قطاع الأعمال العام، أو في الشركات التي تمتلك فيها الدولة ما لا يقل عن 51% من رأسمالها، والعاملين الذين تنظم شؤونهم قوانين أو لوائح خاصة، أو ذوي المناصب العامة والربط الثابت، سواء كان العامل شاغلاً لوظيفة دائمة، أو مؤقتة، أو مستشاراً، أو خبيراً وطنياً، أو بأي صفة أخرى".
إلى ذلك، أرسل النائب هيثم الحريري مذكرة إلى رئيس البرلمان، قال فيها: "كنت أتمنى أن تسمح ظروفي الصحية بالحضور والمشاركة في جلسات البرلمان (يخضع حالياً للعزل المنزلي جراء إصابته بفيروس كورونا)، ولكن من واجبي كنائب عن الشعب المصري أن أعلن لمن أشرف بتمثيلهم من المصريين برفضي الكامل لمشروع القانون، لما يفرضه من أعباء مالية على كاهل المواطنين، لا سيما أبناء الطبقة المتوسطة منهم".
وأضاف الحريري في المذكرة: "أرفض إجبار موظفي الدولة وأصحاب المعاشات على التبرع لصندوق مواجهة الأوبئة من حيث المبدأ، لأنه لا يمكن إجبار شخص على التبرع، باعتبار أن جمع التبرعات يكون اختياراً، وليس إجباراً وقهراً"، مستطرداً "لا يمكن أن نساوي بين جميع الموظفين في قيمة التبرع، لأن هناك من يتقاضى عشرات الألوف من الجنيهات، ومن يتقاضى بضع مئات منها".
واستنكر أن تكون نسبة الاستقطاع 1% لكل من يتقاضى راتبا يزيد على 2000 جنيه، بالقول: "هذا الراتب لا يكفل الحد الأدنى من الحياة، وليس الحياة الآدمية، والغالبية من الموظفين في الدولة أصبحوا متضررين من قانون الخدمة المدنية، والذي خفض أجورهم عما كان عليه الوضع سابقاً، وكذلك فإن أصحاب المعاشات يعانون كثيراً، وليس من العدل أو الرحمة أن نفرض عليهم التبرع قهراً وإجباراً".
وزاد الحريري: "إقرار مثل هذا القانون يفتح أبواب الجحيم لمزيد من قوانين الجباية على العاملين في الدولة من دون غيرهم، وهو أمر مرفوض من الجميع، خصوصاً أنه يسمح لمجلس النواب القادم بتجديد وتمديد المدة المحددة في القانون، وربما زيادة هذا النسبة المستقطعة بشكل قسري"، خاتماً أن "منح الحكومة الحق في استثناء فئات دون الأخرى، هو أمر غير دستوري، ومرفوض من حيث المبدأ".
(الدولار=16.2 جنيها تقريبا)