مصر ترحّب بأثرياء سورية وتكبّل فقراءها

23 سبتمبر 2015
خلال تحرّك داعم للثورة السورية (لؤي بشارة/ فرانس برس)
+ الخط -
يقابلك بلكنة غير مصرية، يسألك: "خالة ما بدك هدية؟" عمره نحو 13 عاماً، يجذبك صوته ولكنته الغريبة، ويقول: "أنا نزار لاجئ سوري في القاهرة. تعرفت إلى عدد من الصبية من الباعة في محطات مترو الإنفاق، جئنا إلى هنا أنا وأمي وأبي وثلاثة من أخواتي، والذين يعاني أحدهم من فقء في العين وكسور في العمود الفقري، إثر الحرب في سورية". يستكمل الصغير "جئنا إلى مصر منذ عام 2013، لنبحث عن مكان آمن نعيش به، عمل أبي في أحد المصانع في منطقة 6 أكتوبر، وذهبت أنا واثنان من إخوتي للعمل كباعة متجولين".

يشير نزار إلى أن العلاج والسكن والمعيشة في مصر ليست سهلة، خاصة أنه غير متاح للسوريين في مصر العلاج على نفقة الدولة، أو في المستشفيات الحكومية، "نضطر للجوء إلى المستشفيات الخاصة في حالات المرض الشديد، والأكلاف مرتفعة جداً نسبة إلى ما نتقاضاه من مداخيل".


يضيف نزار "لا نجد أي مشكلة في التعامل مع المصريين، لكن أصحاب العقارات يرفعون علينا الإيجار وأنا تأكدت من ذلك. فمثلاً الشقة التي يتم تأجيرها للمصري بـ 700 جنيه يتم رفع إيجارها إلى 1500 جنيه بالنسبة للسوري".

بدوره، يقول الشيف أبو عامر، أحد العمال في أشهر المطاعم السورية في وسط القاهرة، إن "أعداد السوريين في مصر بالرغم من أنها ليست كبيرة، إلا أنها مفيدة للاقتصاد المصري. خاصة في مجال بيزنس المطاعم، والملابس الجاهزة، لا سيما أن الشعب المصري يقبل بصورة كبيرة على المطاعم السورية نظراً لانخفاض أسعارها وجودتها المرتفعة".

يقسم أبو عامر السوريين في مصر إلى ثلاثة أنواع، "هؤلاء الذين فروا دون أن يتمكنوا من الحصول على أية أموال أو مقتنيات وهؤلاء هم من يتسولون في الشوارع، ويبيعون كل ما سهل حمله في محطات المواصلات، ويقطنون في المناطق العشوائية. ومجموعة أخرى استطاعت أن تأتي إلى مصر بجزء مما تمتلكه، فافتتحت بعض المحال الصغيرة، خاصة الملابس، وذهب بعض منهم للعمل كأطباء متجولين، يذهبون إلى المنازل ويتقاضون أقل المرتبات. بينما هناك رجال الأعمال الذين استطاعوا من البداية تهريب أموالهم إلى الخارج، وهؤلاء يرفدون الاقتصاد المصري بالاستثمارات الكبيرة".

يقول أستاذ الاقتصاد التجاري في جامعة عين شمس، محمد حسين، إن عدد رجال الأعمال السوريين الذين وصلوا مصر منذ بداية الأحداث السورية نسبتهم 30% من أعداد المستثمرين في مصر، وعددهم نحو 30 ألف مستثمر، عمل معظمهم في مجال المطاعم، بالإضافة إلى القيام بالعديد من الاستثمارات التي تم ضخها في مجال العقارات، والبورصة بنحو 400 إلى 500 مليون دولار، الأمر الذي يمكنه أن يحقق انتعاشاً في السوق التجارية في وقت تحتاج مصر إلى كل دولار إضافي".

اقرأ أيضا: السوريون في ألمانيا: لاجئون ويد عاملة

يضيف أستاذ الاقتصاد أن "السوريين بالرغم من معاناتهم التي نتجت عن الحرب الشرسة في سورية، إلا أنهم يتلقون أموالاً من أقاربهم في الدول الأوروبية، وهو ما يوفر العملة الصعبة". ويلفت إلى أن رجال الأعمال السوريين أقاموا ما يقرب من 20 مصنعاً باستثمارات تراوحت ما بين 10 ملايين إلى 700 مليون دولار، وهو الأمر الذي يمكنه أن يخلق فرص عمل لملايين العاطلين في مصر".


ولكن بموازاة هؤلاء، أطلق عدد من الناشطين المصريين صفحة على الفيسبوك أطلقوا عليها اسم "السوريين في مصر" وجهت تلك الصفحة العديد من النداءات لتوفير الاحتياجات الأساسية لفقراء سورية، والذين جاءوا إلى مصر هرباً من بطش بشار الأسد. وهو الأمر الذي علق عليه الناشط السوري ذكي الدروبي قائلاً: "لا يمكن التعويل على استثمارات رجال الأعمال في توظيف السوريين في مصر، خاصة أن القوانين المصرية تلزم رجال الأعمال بنسبة معينة من العمال غير المصريين، وهو الأمر الذي دفع بآلاف السوريين إلى التوجه نحو العمل الخاص".

اقرأ أيضا: السوريون خارج المخيمات التركية: استغلال وظيفي

ويشرح الدروبي أن الفترة الماضية شهدت تقييداً على دخول السوريين إلى مصر، إذ أصبح مطلوباً منهم التقدم بفيزا ومتابعة أمنية وغيرها العديد من الطلبات، والتي يصعب تأمينها.
المساهمون