مصر: ترجيح تأجيل انتخابات المحليات إلى 2019

25 فبراير 2017
يُستبعد إجراء الانتخابات المحلية في 2018 (بيتر ماكديارميد/Getty)
+ الخط -
"المحليات مليئة بالفساد... طيب هاعمل إيه طيب!". بهذه الكلمات تحدث الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، ضاحكاً، خلال كلمته في منتدى تأهيل الشباب للقيادة، في إبريل/ نيسان 2016. وعلى الرغم من اعترافه بتغول الفساد في الأجهزة البلدية التابعة لحكومته، إلا أن ذلك لم يحل دون توجيهه الأخيرة لإجراء الانتخابات المحلية قبل انتهاء العام الماضي، وهو ما لم يحدث في ظل توقعات تشير إلى أنه من المتوقع إرجاء الانتخابات إلى عام 2019.

في تلك الفترة أيضاً تعهد السيسي بضرورة الانتهاء من قانون المحليات المُنظم لانتخاباتها قبل نهاية 2016، لكن مرّ العام من دون انتخابات أو إقرارٍ للقانون الذي اختفى داخل أدراج مجلس النواب، بعدما أعلن رئيس لجنة الإدارة المحلية، أحمد السجيني، عن انتهاء اللجنة من مناقشات القانون، وإيداعه بمكتب رئيس البرلمان، علي عبد العال، في 3 فبراير/ شباط الحالي.

وقال السجيني إن اللجنة البرلمانية توافقت مع الحكومة على نصوص القانون، بعد عقد جلسات استماع ضمّت ممثلين عن الأحزاب، والنقابات، والمجالس المتخصصة، وأساتذة الجامعات. وهي جلسات صورية قاطعها عدد من أعضاء اللجنة، بعد رفض السجيني لمناقشة أربعة مشاريع مُقدمة من النواب عن القانون، والاكتفاء بتمرير المشروع المعد من الحكومة.


من جهته، قال عضو اللجنة، النائب عبد الحميد كمال (أحد مقدمي مشروعات الإدارة المحلية)، إن إرسال رئيس اللجنة لمشروع القانون إلى رئيس المجلس من دون أن تُقره اللجنة بشكل نهائي في جلسة خاصة، مُخالف لنصوص اللائحة. واتهم كمال السجيني بتجاهل مناقشة عدد من المواد الخلافية بالقانون، والإعلان عن انتهاء مناقشاته، من دون العودة إلى الأعضاء.

وأضاف كمال، في حديث مع "العربي الجديد"، أن القانون مُرر بنص تعيين المحافظين الوارد في مشروع الحكومة، وهو ما يرفضه عدد كبير من أعضاء اللجنة، بعدما أثبت فشله الذريع طوال الستين عاماً الأخيرة، منذ تطبيقه في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، نظراً لأن ولاء المحافظ يكون لمن عينه، بخلاف المحافظ المنتخب شعبياً.

وترفض الحكومة وضع نص "يُتيح للرؤساء المنتخبين للإدارات المحلية بالمحافظات، الحق في انتخاب المحافظين، تعظيماً لمبدأ الرقابة الشعبية". وتتمسك الحكومة بمسألة اختيار المحافظين بالتعيين من جانب رئيس الجمهورية، من دون غيره.

وأشار كمال إلى أن تعيين المحافظات اقتصر، على اختلاف الحكومات المتعاقبة، على لواءات الجيش والشرطة، ورجال القضاة، وأساتذة الجامعات، والذين ليس لهم باع في مجال الإدارة المحلية، من غير المحتكين بمشكلات المواطنين في الشوارع والقرى والنجوع، وبالتالي لا يستمرون في مناصبهم إلا لأشهر قليلة، على الأرجح، ثم يُجرى استبدالهم بغيرهم من الفئات ذاتها.

الاستقلال المالي... والمجتمعات العمرانية

وأوضح كمال أن من النقاط الخلافية تمسك أعضاء اللجنة بضرورة النص على الاستقلال المالي والإداري للمحافظين، ومنحهم صلاحيات حقيقية، مقابل مجالس محلية منتخبة لها حق سحب الثقة من المحافظ، وفقاً لأدواتها الرقابية، في إطار تطبيق نظام اللامركزية، عوضاً عن تشكيل مجلس تنفيذي للمحافظين، من دون رقابة على قراراته.

وشدد كمال على عدم دستورية النص على ولاية المجتمعات العمرانية الجديدة على هيئة المجتمعات العمرانية، التابعة لوزارة الإسكان، بعيداً عن المجالس المحلية، لأنها تقع في النطاق الجغرافي ذاته للمحافظة، على اعتبار أنه تمييز واضح، يأخذ من أموال الفقراء في المحليات، لصالح توفير الخدمات لأصحاب "الكومباوندات" بالمدن الجديدة.

إرجاء الانتخابات... وتعطيل "الهيئة الوطنية"

في سياق متصل، قالت مصادر برلمانية مُطلعة إنه توجد صعوبة في إجراء الانتخابات المحلية خلال عامي 2017 و2018، وأن من المتوقع إرجاؤها إلى عام 2019، استناداً إلى غياب الإرادة السياسية لإجرائها، سواء من جانب النظام الحاكم، ممثلاً في حكومة شريف إسماعيل، أو من يمثله في إدارة المجلس النيابي.

وأوضحت المصادر، في حديث مع "العربي الجديد"، أن عبد العال يُعطل تمرير قانون الهيئة الوطنية للانتخابات، الذي انتهت اللجنة التشريعية من مناقشة مواده، ويرتبط صدور قانون الإدارة المحلية بإقراره، كونه أحد التشريعات المكملة للدستور.

ولم يُدرج عبد العال قانون الهيئة الوطنية للانتخابات في جدول أعمال البرلمان، الأسبوعين المقبلين، ما يُنذر بعدم تمريره خلال شهر مارس/ آذار المقبل، لا سيما أنه يجب إرساله للمراجعة بمجلس الدولة عقب موافقة البرلمان، وعودته مُجدداً للأخير للتصديق عليه في صورته النهائية، وهو ما ينطبق على الإدارة المحلية، حال أخذ دوره في المناقشة خلال الجلسات الهامة، وفق المصادر.

الموازنة الجديدة... والانتخابات الرئاسية

وتابعت المصادر: أن الحكومة مُلزمة بعرض موازنة الدولة للعام المالي (2017/ 2018)، في الأول من إبريل/ نيسان، والتي لن تشمل، على الأغلب، وضع ميزانية للهيئة الوطنية لعدم صدور قانونها، إذ نص الدستور على أن "تشمل الموازنة كافة إيراداتها، ومصروفاتها، دون استثناء، ويُعرض مشروعها على مجلس النواب قبل تسعين يوماً، على الأقل، من بدء السنة المالية".

كما أشارت إلى أن عدم وضع مخصصات الهيئة في الموازنة الجديدة يعني عدم وجود نية لدى الدولة في البدء في استعدادات انتخابات المحليات، التي ستتكلف مبالغ كبيرة، نظراً للترتيبات اللوجستية والفنية والأمنية، المرتبطة بتقسيم الدوائر بعدد 27 محافظة، فضلاً عن كلفة إجراء الانتخابات ذاتها، والتي ستتخطى المليار جنيه، في أدنى التقديرات، قياساً بآخر انتخابات نيابية.

وعن عام 2018، أشارت المصادر إلى صعوبة إجراء الانتخابات المحلية بالتزامن مع إجراء الانتخابات الرئاسية، لعدم سابقة جمع الدولة المصرية لأي من الانتخابات (الرئاسية – البرلمانية – المحلية) في عام واحد، نظراً إلى الكلفة الضخمة التي تتحملها في إجراء أي من تلك الانتخابات، التي تُجرى الواحدة منها على مراحل عدة، بحسب تقسيم المحافظات.

يشار إلى أن استعانة الهيئة الوطنية للانتخابات بالجهاز البيروقراطي، ممثلاً في موظفي الدولة، في إدارة العملية الانتخابية، يُهدد بعدم دستوريتها، إذ نص الدستور، صراحة، على الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات خلال العشر سنوات التالية لإقراره في عام 2014.