تسعى الحكومة المصرية إلى إنقاذ القطاع الصحي الذي تدهورت خدماته بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، رغم ضخ مخصصات مالية ضخمة على القطاع.
ويبدو أن الحكومة لم تكتف بالمخصصات الضخمة التي أعلن عنها الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، والتي تقدر بـ100 مليار جنيه (نحو 6.1 مليارات دولار) وذهب جزء منها للقطاع الصحي لمواجهة كورونا، بل اتجهت لروافد تمويلية أخرى ومنها الاقتراض الخارجي.
وقال البنك الدولي إنه سيقدم 400 مليون دولار لدعم التغطية الصحية الشاملة في مصر التي تعاني من ارتفاع عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد.
وذكر البنك في بيان أول من أمس، أن التمويل سيساعد مصر على "توسيع نطاق التغطية في نظام التأمين الصحي الشامل في ست محافظات، وتدعيم مستويات الحوكمة والمؤسسات المتصلة بهذا النظام، وأيضا على تقديم حماية مالية مؤقتة لفئات السكان الأولى بالرعاية في أنحاء البلاد من نفقات العلاج الباهظة التي يتحملونها من مالهم الخاص".
وارتفع عدد الإصابات اليومية في الأسابيع الأخيرة مع تخفيف الحكومة القيود على الحركة قليلا، ورغم إعلان الحكومة عن زيادة الإنفاق على الصحة خلال التفشي، إلا أن القطاع يعاني من ضعف الاستثمار منذ عقود.
وجاءت جائحة فيروس كورونا لتكشف عن مواطن ضعف كبيرة في القطاع الصحي الحكومي الذي عجز عن استقبال جميع المصابين الذين تزايدت أعدادهم بشكل كبير ومتسارع في الفترة الأخيرة، ما دفع الحكومة إلى اللجوء للقطاع الخاص والمستشفيات الاستثمارية من أجل مساعدتها في وقف تمدد المرض القاتل في مختلف المحافظات.
وشهدت العديد من المستشفيات حوادث موت بعض المصابين على أبوابها بسبب عدم وجود أماكن لاستقبالهم في العناية المركزة، كما انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات لأقارب مصابين يشكون من عدم وجود أي أماكن بالمستشفيات ويستنجدون لاستقبال المرضى. وحتى صباح أمس الأربعاء، أكدت وزارة الصحة المصرية 47 ألفا و856 حالة إصابة بالفيروس ووفاة 1766 شخصا جراء ذلك.
وجاء في تقرير البنك الدولي في عام 2018 أن جودة الصحة العامة في مصر ضعيفة غالبا وأن الكثير من المصريين يفتقرون لتأمين صحي أو لا يستفيدون منه نتيجة مخاوف من جودة الرعاية في المنشآت الحكومية.
وليست هذه هي المرة الأولى التي يدعم فيها البنك الدولي القطاع الصحي في مصر، بل أطلق برنامجا سابقا مدته خمس سنوات بقيمة 530 مليون دولار لدعم النظام الصحي في مصر في عام 2018 شمل الكشف عن الإصابة بالتهاب الكبد الفيروسي (ج) وعلاجه والأمراض غير المعدية وتحديث المنشآت الصحية وتدريب العاملين في مجال الرعاية الصحية.
وفي هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي، عبد النبي عبد المطلب، من القاهرة، إن كافة المساعدات التي تقدم للقطاع الصحي من كافة المؤسسات الدولية، أو حتى من مؤسسات العمل الخيري داخل مصر هي ذات أثر إيجابي بكل المقاييس.
وأضاف عبد المطلب لـ"العربي الجديد": على الأقل سوف تساهم هذه المساعدات في توفير جزء مهم من احتياجات القطاع الطبي، سواء كانت احتياجات طبية مباشرة كالأدوية أو غير مباشرة كأدوات التعقيم والكمامات وغيرها.
وأكد أنه رغم تخصيص 100 مليار جنيه لمواجهة كورونا واستفادة القطاع الصحي منها، إلا أن تداعيات الجائحة كانت وما زالت قوية ومدمرة.
وحسب عبد المطلب، فإن القطاع الصحي رغم كل هذا الإنفاق، ما زال يحتاج إلى المزيد، مشيرا إلى أن المبالغ التي تم إنفاقها لم تحقق الأهداف المرجوة، إذ مازالت أعداد الإصابات والوفيات في ارتفاع.
وأوضح أن المخصصات المالية للقطاع الصحي والبحث العلمي والتعليم، في الميزانية غير كافية، لكن للأسف الشديد في ظل شح الموارد لا تمكن زيادتها، وفق الخبير الاقتصادي.
وخالفت الموازنة المصرية الحالية نصوص المواد 18 و19 و21 و23 من الدستور للعام الخامس على التوالي، والمتعلقة بالتزام الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي لا تقل عن 3% من الناتج القومي لقطاع الصحة، و4% للتعليم ما قبل الجامعي، و2% للتعليم العالي، و1% للبحث العلمي.
ولم تخصص موازنة العام المالي 2020-2021 سوى نحو 3.65% من المخصصات الدستورية لكل هذه القطاعات مجتمعة، مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي البالغ 6 تريليونات و858 ملياراً و730 مليون جنيه.
وبلغت اعتمادات قطاع الصحة في الموازنة الجديدة 93 ملياراً و544 مليون جنيه، متضمنة مخصصات وزارة الصحة ومديريات الشؤون الصحية بالمحافظات، وخدمات المستشفيات، والمستشفيات المتخصصة، ومراكز الأمومة، وخدمات الصحة العامة، والبحوث والتطوير في مجال الشؤون الصحية، وهيئة البحوث الدوائية، والمجلس القومي لمكافحة وعلاج الإدمان.