دفعت تطورات المواجهات في شبه جزيرة سيناء، بين الجيش المصري ومسلّحين تابعين لتنظيم "ولاية سيناء"، التابع لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، إلى إعلان الولايات المتحدة رغبتها في خفض عدد قواتها في سيناء.
ومهّدت واشنطن لهذا الأمر، الشهر الماضي، في تصريحات لشبكة إخبارية دولية، نقلاً عن مصادر في وزارة الدفاع الأميركية "بنتاغون"، حول التفكير في الدفع بطائرات من دون طيار، لمواجهة "داعش" في سيناء. وتكشف مصادر عسكرية مصرية، عن تطرق لقاء قائد القيادة المركزية الأميركية جوزيف فوتيل، مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، السبت الماضي، إلى مسألة خفض القوات الأميركية في سيناء.
وتشير المصادر العسكرية لـ"العربي الجديد"، إلى أن "الولايات المتحدة تتحدث عن توسيع عملياتها في سيناء، ليس في إطار مراقبة تنفيذ اتفاقية السلام، بل في مراقبة تنظيم داعش، وهو أمر مرفوض بالنسبة لقيادات الجيش". وتضيف المصادر أن "مسألة تطلُّع الولايات المتحدة، للقيام بعمليات استطلاعية حتى، من دون تنسيق كامل مع الجيش المصري، أمرٌ مرفوض لدى القيادات العسكرية". وتلفت إلى أن "الطرح الأميركي الجديد، يهدف للبقاء على اطّلاع على الوضع في سيناء، ولكن ليس بشكل رسمي ومنسق، وهو سبب الأزمة والمشكلة".
وحول طلب السيسي من قبل توسيع العمليات ضد تنظيم "داعش" في الدول التي يتواجد فيها، وعدم اقتصارها على العراق وسورية فقط، تؤكد المصادر، أن "المقصود هو دعم التحالف الدولي لجهود الدول التي تواجه الإرهاب مثل مصر، وليس معناه وجود قوات أجنبية على أراضيها".
وتُشدّد على أن "الجيش المصري متماسك وقوي ويستطيع مواجهة الإرهاب، ولكن الدعم يأتي في إطار الإمداد بأسلحة ومعدات وقطع غيار عسكرية، فضلاً عن تعاون استخباراتي". كما تلفت المصادر إلى أن "الطلب الأميركي لم يُحسم بالقبول أو الرفض، ولا تزال هناك أحاديث طويلة في هذا الصدد خلال الفترة المقبلة".
وتتساءل المصادر العسكرية حول هذا الطلب في هذا التوقيت، على الرغم من عدم استهداف الإرهابيين لمقارّ القوات الدولية في سيناء. وتقول إن "القوات الدولية في سيناء لم تتعرض لعمليات مسلحة موسعة، خلال الفترة الماضية، وإن كان آخرها هو استهداف آليات عسكرية أسفرت عن إصابات فقط، وبخلاف ذلك لا يوجد داعِ لهذا الطلب".
من جهته، يقول الخبير العسكري، اللواء يسري قنديل، إن "مصر لن توافق على مسألة استبدال القوات الأميركية أو أي من القوات الدولية المحددة المهام في سيناء، بمراقبة تنفيذ اتفاقية السلام". ويضيف قنديل لـ"العربي الجديد"، أن "ما تطلبه أميركا هو نوع من انتقاص السيادة المصرية على سيناء، وإسرائيل يمكن أن توافق على الأمر". ويشير إلى أن "مهام القوات الدولية محدّدة، فضلاً عن أن التشكيل والمعدات والآليات العسكرية محددة أيضاً، وتعديلها مرتبط بموافقة الطرفين".
ويلفت إلى أن "خفض عدد القوات غير مبرر، خصوصاً أن الأوضاع في سيناء مضطربة عقب ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، وتزايدت بشكل كبير عقب عزل الرئيس محمد مرسي من الحكم (في يوليو/تموز 2013)، والسؤال لماذا الآن"؟
في سياق متصل، يرى خبير عسكري، أن "الولايات المتحدة شعرت بتخوف كبير على قواتها في سيناء، بعد تنامي العمليات الإرهابية ضد الجيش المصري". ويضيف الخبير لـ"العربي الجديد"، أن "القوات الأميركية المتواجدة في سيناء تقوم بأعمال إدارية أكثر منها عسكرية، لذلك قررت الولايات المتحدة خلال الأشهر القليلة الماضية، إرسال معدات عسكرية وبعض الفرق العسكرية إلى سيناء، بعد استهداف مدرعتين لتلك القوات الدولية". ويلفت إلى أن "الولايات المتحدة تتخوف من تعرض قواتها لعمليات عنيفة، في ظل عدم القدرة على المواجهة بشكل كبير، ولذلك طلبت الدفع بمعدات وآليات حديثة، في مقابل تخفيض تمثيلها في القوات الدولية".
مع العلم أن الجيش الأميركي، أعلن قبل موعد زيارة قائد القيادة المركزية الأميركية ببضعة أيام، أنه أبلغ مصر وإسرائيل رسمياً، بمراجعة عمليات حفظ السلام في شبه جزيرة سيناء بما في ذلك سبل استخدام التكنولوجيا لتنفيذ مهام بعض الجنود الأميركيين هناك.
وكان المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، جيف ديفيز، قد قال سابقاً "لا أعتقد أن أحداً يتحدث عن انسحاب كامل، أعتقد أننا سننظر فقط في عدد الأشخاص هناك ونرى ما إذا كانت هناك مهام يمكن القيام بها آلياً أو من خلال المراقبة عن بُعد".