يبدو أن مصر احتفظت لنفسها بموقع مميز بين الدول التي أصدرت أحكاماً بالإعدام لعام 2014، فما جرى في الدائرة السابعة بمحكمة جنايات المنيا جنوب العاصمة المصرية، أمر نادر لا يحظى العالم اليوم بمثله ليذكِر الناس بتاريخ بعيدٍ من أحكام الإعدام الجماعية، لم يدركها كثير من الأجيال التي تعيش على ظهر الأرض الآن.
وكان تقرير منظمة العفو الدولية الذي صدر أخيراً حول أحكام الإعدام في العالم قد خلا من اسم مصر في قائمة الدولة التي تم فيها تنفيذ أحكام بالإعدام خلال العام الماضي، كما أن مصر تراجع ترتيبها في قائمة ما يمكن تسميته "دول الإعدام" إلى الترتيب الثامن بعدما كانت في المرتبة السادسة في تقرير 2012، حيث رصدت المنظمة صدور 109 أحكام بالإعدام، كان العدد الأكبر منها للمتهمين بارتكاب مذبحة استاد بورسعيد التي راح ضحيتها 74 شهيدا من شباب الاولتراس حيث حكمت محكمة جنايات بورسعيد بإحالة أوراق 21 من المتهمين إلى المفتي تمهيدا لإعدامهم، (وهو الحكم الذي تم نقضه لاحقا).
ثم جاءت أحكام جماعية متتالية بالإعدام، لتقفز بمصر إلى مقدمة الدول الأعضاء في (نادي الإعدام الدولي أو تعيدها الى المشهد)
وجاء حكم محكمة جنايات المنيا بإحالة أوراق 529 متهماً الى المفتي على خلفية مقتل شرطي في أحداث عنف وقعت بمركز شرطة مطايا في محافظة المنيا، وذلك بعد جلستي نظر للقضية ودون استماع للدفاع أو المتهمين، ليثير موجة غضب وتنديد داخلي وخارجي، وصدرت بشأنه تصريحات ومواقف رافضة من دول غربية ومنظمات حقوقية ودولية، خصوصاً أنه جاء بعد حكم آخر صدر عن محكمة جنايات شمال القاهرة بإعدام 26 متهماً في قضية استهداف المجرى الملاحي لقناة السويس، بعد أما كانت المحكمة قد أخلت سبيل المتهمين في جلسة سابقة.
غير أنه من الواضح أن الأمر لن يكون استثنائياً، وإن كانت هذه القضايا ذات خلفيات سياسية، فمن المرجح أن يستمر حضور أحكام بالإعدام في أروقة المحاكم المصرية، حيث صدر حكم عن محكمة جنايات الإسكندرية أمس السبت بإعدام متهمين اثنين في قضية قتل صبية في مصر.
وكانت منظمة العفو الدولية قد أصدرت أخيراً تقريرها عن حالات الإعدام في العالم خلال عام 2013، وأشارت إلى صدور أحكام بإعدام ما لا يقل عن 1925 شخصاً في 57 بلداً خلال عام 2013، وأن هذا الرقم يشكل ارتفاعاً عن نظيره في العام 2012 (حيث صدر 1722 حكما بالإعدام في 58 بلداً).
وقال التقرير إن ما لا يقل عن 778 شخصاً في مختلف أنحاء العالم تم إعدامهم خلال العام المنصرم، إلا أن الرقم لا يشمل آلاف الأشخاص الذين أُعدموا في الصين التي ما انفكت تعتبر البيانات الخاصة بعقوبة الإعدام سرا من أسرار الدولة.
وسجل التقرير تنفيذ حوالى 80 بالمئة من مجموع الإعدامات المعلن عنها في ثلاثة بلدان فقط هي إيران والعراق والسعودية.
وتصدرت إيران القائمة حيث أُعدم ما لا يقل عن 369 شخصاً وفق وما ورد في السجلات الرسمية، بارتفاع يقدر بـ 18 بالمئة. فيما أكدت المنظمة وجود أدلة ذات صدقية من مصادر داخل إيران تفيد بتنفيذ ما لا يقل عن 335 عملية إعدام أخرى سراً.
وحلت العراق في المرتبة التالية حيث أعدمت 169 شخصاً على الأقل، بزيادة قوامها 30
بالمئة عن 2012– ويُعزى ذلك بشكل رئيس إلى الجرائم المرتبطة بالإرهاب الذي تم تعريفه بشكل مبهم، وأن أحكام الاعدام صَدرت بعد محاكمات غير عادلة بشكل فاضح ومعيب.
وحافظت السعودية على المعدل نفسه من الإعدامات الذي شهدتها في عام 2012، حيث أعدمت ما لا يقل عن 79 شخصاُ، بينهم ثلاثة كانوا دون الثامنة عشرة من العمر وقت وقوع الجريمة.
ثم تأتي الولايات المتحدة الأميركية بإعدام 39 شخصاً، تليها الصومال التي نفذت الإعدام بحق 34 شخصاً.
وذكر التقرير أن عدد الدول التي نفذت عقوبات الإعدام خلال العام الماضي ارتفع بواقع بلد واحد عن العام الذي سبق، فوصل إلى 22 بلداً، وأن أربعة بلدان استأنفت تنفيذ أحكام الإعدام، وهي إندونيسيا والكويت ونيجيريا وفييتنام، مع لجوء معظم هذه الدول إلى تنفيذ العمليات تحت ستار من السرية والتكتم.
وفي عام 2013 عادت فييتنام إلى قائمة الدول المنفذة لأحكام إعدام بعد توقف دام 18 شهراً، وذلك عندما أعدمت سبعة أشخاص بالحقنة المميتة.
وأشارت المنظمة إلى أنه "على الرغم من الانتكاسة المسجلة في عام 2013، فإن من الملاحظ حدوث انخفاض منتظم في عمليات الإعدام منذ عشرين عاماً، فبعدما كانت 37 دولة تطبق الإعدام قبل 20 عاماً، انخفض هذا العدد إلى 25 في 2004، ثم
الى 22 العام الماضي.
ومن بين الدول التي لم تنفذ عقوبة الإعدام في العام 2013، ذكرت المنظمة خصوصا، غامبيا والامارات العربية المتحدة وباكستان. كما لم ينفذ أي حكم بالإعدام في بيلاروسيا، ما يعني أن أي عملية إعدام لم تحصل في القارة الأوروبية وفي آسيا الوسطى عام 2013.
ومن وسائل تنفيذ عقوبات الإعدام في العالم عام 2013 الصعق بالكهرباء وقطع الرأس والشنق والحقنة القاتلة والرمي بالرصاص.
وبعض الدول تنفذ أحكام الإعدام علناً، مثل كوريا الشمالية التي نفذت إعدامات في حق من يشاهدون أفلاماً كورية جنوبية تحظرها السلطات. وأشار التقرير إلى أن أحكام الاعدامات تنفذ أحيانا بنحو عشوائي، وفي جرائم لا ترتقي لمستوى الحكم، بالإضافة إلى العديد من الحالات التي تنفذ في سرية تامة.