مصر: التقرير "الأمني" يتجاهل جلطة البلتاجي... والدفاع يطلب لجنة محايدة

18 مارس 2019
اعترض الدفاع على التقرير الطبّي (أحمد رمضان/الأناضول)
+ الخط -
نظرت محكمة جنايات القاهرة المصرية، اليوم الإثنين، برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي، الملقب باسم "القاضي القاتل"، محاكمة الرئيس المصري المعزول محمد مرسي وآخرين من قيادات وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين، فيما تُعرف بقضية التخابر مع حركتي "حماس" و"حزب الله" والحرس الثوري الإيراني إبان ثورة 25 يناير.

وقدمت النيابة العامة، في مستهلّ جلسة اليوم الإثنين، التي عقدت مساءً ولم تستغرق سوى دقائق معدودة، كتاب الإدارة الطبّية بقطاع السجون، مثبتاً به أنه نفاذاً لقرار المحكمة بتوقيع الكشف الطبّي على عضو مجلس الشعب السابق محمد البلتاجي، والمعتقل بالقضية، فقد تم توقيع الكشف الطبّي عليه داخل السجن.

وتجاهل التقرير الطبّي الموقع، الجلطة الدماغية التي تعرض لها البلتاجي تماماً، وادّعى فقط أن الصدر والقلب سليمان، وضغط الدم في الحدود الطبيعية، وتحليل السكر بالدم في الحدود الطبيعية، وأنه واعٍ ومدرك للزمان والمكان والأشخاص، والذاكرة سليمة والتفكير مترابط، والحالة الذهنية مستقرة، وأنه تتم متابعته طبّياً بصفة دورية، كسائر النزلاء من مستشفى السجن.

والكتاب مذيّل بتوقيع اللواء وكيل الإدارة العامة للتأهيل الاجتماعي والتنمية بالتنفيذ العقابي، المشرف على الخدمات الطبّية، وأرفق بمذكرته تقريراً طبّياً بمضمون ما جاء في المذكرة، مؤرخاً بـ 16 مارس/ آذار 2019.

وقد اعترضت هيئة الدفاع عن المعتقلين في القضية على التقرير الطبّي لتجاهله العرض الرئيسي وهو الجلطة الدماغية، وطالب بتوقيع الكشف الطبّي عليه بعيداً عن مصلحة السجون بإشراف لجنة طبّية محايدة، التي حمّلها مسؤولية حياته.

كما تلقت المحكمة ما يفيد إعلان الشاهد المسؤول عن متابعة نشاط جماعة الإخوان المسلمين بجهاز أمن الدولة خلال 2005 حتى أغسطس/ آب 2013، وأفادت بأن المذكور غير موجود بالبلاد.

وجاء قرار التأجيل إلى جلسة 31 مارس/ آذار الجاري، لمرافعة النيابة العامة، مع التصريح للدفاع باستدعاء شهود النفي، ونبّهت المحكمة هيئة الدفاع عن المعتقلين إلى الاستعداد للمرافعة، وأشارت إلى أن مرافعاتهم ستكون في أيام متعاقبة.

وقضت المحكمة في الجلسات الماضية، بمعاقبة القياديين محمد البلتاجي وسعد الحسيني وسامي أمين بالحبس لمدة سنة بتهمة إهانة المحكمة، وذلك لإصرارهم على سؤال شاهد الإثبات بالجلسة وقتها، وزير الداخلية الأسبق محمود وجدي، واعتراض المحكمة على ذلك.

وطالب المحامي الراحل محمد الدماطي عضو هيئة الدفاع عن المعتقلين، خلال الجلسات الماضية، من المحكمة إدخال متهمين لم تُلحق أسماؤهم في الدعوى، وهم كل من الرئيس المصري المخلوع محمد حسني مبارك، بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة وقت الأحداث، ووزير الدفاع الأسبق المشير محمد حسين طنطاوي، ورئيس المخابرات الحربية وقت الأحداث عبدالفتاح السيسي، والأخير هو الرئيس المصري الحالي.

واتهم الدماطي المتهمين المذكورين بالتخابر وارتكاب الجرائم المؤثمة في الموادّ أرقام 28 "د" و28 "ب" و77 من قانون العقوبات، والخاصّة بالتخابر مع جهات أجنبية.

ودلّ الدماطي على ذلك من شهادة وزير الداخلية الأسبق اللواء محمود وجدي، الذي قال فيها إن رئيس المخابرات العامة عمر سليمان، أخبره أنه تم رصد التسلل عبر الحدود، وأنه تابع التسلل وتم رفع الأمر إلى القائد الأعلى للقوات المسلحة في ذلك الوقت مبارك، إلا أنه طلب منه عدم اتخاذ أي إجراءات، وهو ما أيده أيضاً طنطاوي والسيسي، وهو ما يشكل جريمة الامتناع رغم قدرة القوات المسلحة على ذلك، لأن الجيش المصري العاشر على مستوى العالم، ومن غير المتصور ألا يكون لديه القدرة على التصدي لهذا التسلل الذي وصل إلى الحدود المصرية الشرقية، مروراً بالسجون المصرية، ثم عودتهم مرة أخرى دون أن تتصدى لهم.

وكانت محكمة النقض قضت، في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، بقبول طعن الرئيس محمد مرسي وآخرين من قيادات وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين، على أحكام الإعدام والسجن الصادرة ضدهم في القضية، وقررت المحكمة إلغاء الأحكام الصادرة من محكمة أول درجة، وإعادة المحاكمة أمام دائرة أخرى مغايرة للدائرة التي أصدرت الحكم.

 وقد أوصت نيابة النقض أمام محكمة النقض، في رأيها الاستشاري بقبول الطعن المقدم على كافة الأحكام الصادرة، وطالبت بإلغاء الأحكام وإعادة المحاكمة أمام دائرة أخرى مغايرة للدائرة التي أصدرت الحكم.

ودفعت هيئة الدفاع عن المعتقلين، خلال مرافعتها أمام محكمة النقض، بعدم اختصاص محكمة الجنايات التي أصدرت حكم أول درجة ولائياً لنظر القضية، على سند قول إن الرئيس محمد مرسي لم يتنح عن الحكم، أو يتنازل عنه، وإنه ما زال يمتاز بصفته رئيساً للجمهورية.

 

وأوضحت هيئة الدفاع أن الثورات التي مرت بتاريخ مصر لم تُزِل صفة رئيس الجمهورية عمن كانوا يحكمونها، والدليل على ذلك الرئيس المخلوع حسني مبارك، الذي ظل يمتاز بصفته رئيساً للجمهورية منذ اندلاع ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011 وحتى 11 فبراير/ شباط 2011، أي لمدة 18 يوماً كاملة لم تزل عنه صفة رئيس الجمهورية، إلا حين إعلانه التنحي عن منصبه.

وكذلك ملك مصر الأسبق فاروق، فلم تزل صفته عنه إلا عندما قرر التخلي عن عرش البلاد، وأشارت هيئة الدفاع إلى أن الرئيس مرسي لم يتنح أو يتنازل عن سلطاته رئيساً، لأن زوال الصفة لا يتحقق إلا بإقرار أو كتابة.

وطالبت هيئة الدفاع بمراجعة البنود التي تم تقديمها للمحكمة، وطالبوا بضم ملف قضية اقتحام السجون إلى ملف قضية التخابر لوحدة الموضوع بينهما. وقالت هيئة الدفاع، إن محكمة الجنايات بأول درجة، رفضت طلبها ضم القضيتين رغم تشابه الاتهامات والوقائع محل الاتهام، وعاقبت الجنايات 10 متهمين ورد اسمهم في القضيتين بعقوبة مزدوجة عن نفس الاتهامات. وطالب الدفاع ببطلان الحكم المطعون عليه، بسبب الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، وبطلان إجراءات الضبط الجنائي وبطلان تحقيقات النيابة العامة وقاضي التحقيق، ونقض الحكم، وإلغائه وإعادة إجراءات المحاكمة أمام دائرة أخرى مغايرة للتي أصدرت حكم أول درجة.

وجاء الطعن على حكم محكمة جنايات القاهرة "أول درجة"، برئاسة المستشار شعبان الشامي، الذي قضى بمعاقبة مرسي، والمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد بديع، و15 آخرين من قيادات الجماعة بالسجن المؤبد، ومعاقبة 16 آخرين (بينهم 13 هارباً) بالإعدام شنقاً، في مقدمتهم النائب الأول للمرشد العام للجماعة خيرت الشاطر، ومعاقبة اثنين آخرين بالسجن لمدة 7 سنوات.  

واستمرت جلسات القضية وقتها لمدة 471 يوماً، إذ بدأت أولى الجلسات يوم 16 فبراير/ شباط 2014، وعقدت خلالها قرابة 45 جلسة، حتى حُجزت للحكم بجلسة 16 مايو/ أيار 2015، التي أصدر فيها القاضي قراراً بإحالة أوراق عدد من المتهمين إلى المفتي لأخذ رأيه الشرعي في إعدامهم، وحدد لها جلسة 2 يونيو/ حزيران 2015 للنطق بالحكم، إلى أن جاء قراره مدّ أجل الحكم لجلسة 16 يونيو/ حزيران 2016، وصدر الحكم في ذلك التاريخ.