كشف مصدر نيابي مطلع في البرلمان المصري أن الحكومة رفضت مطالب شركتي "أوبر" و"كريم"، الخاصة بحذف مواد الربط الإلكتروني لبيانات عملائها، وشركائها، مع الجهات الأمنية المختصة، من قانون تنظيم النقل الجماعي باستخدام تكنولوجيا المعلومات، بحجة إعلاء اعتبارات الأمن القومي، على الرغم من تصادمها مع مواد الحريات الواردة في الدستور.
ووافقت لجان النقل والمواصلات، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والشؤون الاقتصادية، والدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، في اجتماع مغلق، مساء السبت، على مشروع قانون حكومي بشأن تنظيم النقل الجماعي للركاب، في حضور وزيري النقل والاستثمار، الذي يتضمن نصوصاً تسمح بالمراقبة الأمنية على بيانات عملاء الشركات العاملة في هذا المجال.
وقال المصدر لـ"العربي الجديد" إن الحكومة أظهرت بوضوح في الاجتماع "عدم الرضوخ لطلبات الشركات تحت أي ظرف"، باعتبار أن الغرض الرئيسي من إعداد القانون هو "استهداف تحركات النشطاء، والمعارضين للسلطة الحاكمة"، على حد قوله، مستطرداً بأن "الشركات في حاجة للتراخيص بهدف تقنين أوضاعها، وستستجيب في النهاية للقانون كما ورد من الحكومة".
وأفاد المصدر بأنه في حال تمسك "أوبر" و"كريم" برفض مشروع القانون في صورته الحالية، فلن يكون أمامهما سوى العمل من دون غطاء قانوني، وهو ما يعرض العاملين في الشركتين للمساءلة القانونية عقب إصدار القانون، وفتح المجال لإدخال شركات جديدة في السوق المحلي، سواء بواسطة القطاع الخاص أو من خلال بعض المؤسسات "الوطنية" في الدولة، حسب تعبيره.
من جهته، أفاد رئيس لجنة النقل والمواصلات في البرلمان، هشام عبد الواحد، عقب الاجتماع، عن حالة من الجدل حول المادتين التاسعة والعاشرة الخاصتين بالربط الإلكتروني لقواعد البيانات والمعلومات للمستخدمين مع "الجهات المختصة"، إلى أن توافقت اللجنة مع الحاضرين على إعادة صياغتهما من قبل اللجان المشتركة، وعرضهما مجدداً على الحكومة لإبداء الرأي.
وأضاف عبد الواحد أن "شأن الأمن القومي فوق كل اعتبار، لأنه بالرغم من خصوصية البيانات الخاصة إلا أنها متاحة لشركات أجنبية، ومن غير المقبول أن نحجبها عن أجهزة الدولة المصرية"، متابعاً "يجب أن تلتزم الشركات بأن تكون الخوادم الخاصة بقواعد البيانات والمعلومات داخل حدود مصر، مراعاةً لمقتضيات الأمن القومي".
وانتهى الاجتماع المشترك إلى منح وزارة النقل سلطة استصدار تراخيص التشغيل للشركات المؤدية للخدمة لمدة خمس سنوات، قابلة للتجديد لمدد مماثلة، بعد سداد رسوم الترخيص، على أن يحدد الوزير المختص فئات رسوم الترخيص، في ضوء عدد المركبات العاملة مع الشركة، بحد أقصى 10 ملايين جنيه، تُسدد نقداً، أو بأية وسيلة أخرى تُقرر في هذا الشأن.
وأشار عبد الواحد إلى اختلاف الرؤى حول قيمة الحد الأقصى لتراخيص التشغيل، إذ طالب وزير النقل، هشام عرفات، بزيادة الحد الأقصى، أو ربطه بعدد المركبات المرخصة لكل شركة، ليستقر الرأي على حسم الأمر في جلسة التصويت بالبرلمان، لافتاً إلى إقرار مادة سداد اشتراكات التأمينات للسائقين، استناداً إلى قانون التأمين الاجتماعي رقم (79) لسنة 1975.
إلى ذلك، قالت وزيرة الاستثمار المصرية، سحر نصر، إن مشروع القانون يضمن دخول الشركات المصرية، والمستثمرين الصغار في المنظومة الجديدة، حتى لا يكون الاعتماد فقط على الشركات الأجنبية، في إطار دعم الدولة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، مستدركة: "نرحب بالاستثمار الأجنبي المباشر، لكن لا بد في الوقت ذاته من دعم المستثمر المصري".
وأضافت نصر أن "القانون سيكون له دور مهم في مشاركة القطاع الخاص في مجال النقل بشكل أكبر، وتوفير خدمة تنافسية، وسُبل تنقل جماعي أفضل للركاب"، مشيرة إلى حرص الحكومة على استفادة جميع المحافظات والمدن والقرى من هذه الخدمة، وعدم قصرها على المحافظات الرئيسية كالقاهرة والجيزة والإسكندرية.
كذلك اعتبرت أن "المنظومة ستوفر مزيداً من فرص العمل للشباب، علاوة على بعدها التنموي من ناحية التشاركية الاقتصادية، والتوسع فيها"، مختتمة بقولها إن "القانون سمي بتنظيم النقل الجماعي، وليس الفردي، لهذا الغرض.. وهناك حرص من الحكومة على التخفيف عن الشركات الصغيرة، والمستثمرين الصغار، في ما يتعلق بقيمة الرسوم والضرائب".