رجّحت مصادر سياسية مصرية اتخاذ المحامي الحقوقي خالد علي، قراراً بالتراجع عن ترشّحه للانتخابات الرئاسية، المقرر إجراؤها في مارس/آذار المقبل، وإعلانه مقاطعة العملية الانتخابية برمّتها، بناءً على ضغوط من حملته، في مؤتمر صحافي، بعد غد الخميس، تزامناً مع الذكرى السابعة لثورة الخامس والعشرين من يناير 2011.
وعزت المصادر قرار علي، إلى المحاولات المستمرة من السلطة الحاكمة للدفع بالرئيس عبد الفتاح السيسي كمرشح وحيد في المعترك الرئاسي، في ضوء التضييق الأمني الذي تواجهه حملات منافسيه في أغلب المحافظات، مستشهدة بسرقة المئات من التوكيلات الشعبية المُحررة لخالد علي في محافظتي القاهرة والمنوفية، من قبل مواطنين انتحلوا صفة "عضويتهم في الحملة".
وقالت المصادر لـ"العربي الجديد" إن اعتقال رئيس أركان الجيش الأسبق، سامي عنان، عقب صدور بيان من القيادة العامة للقوات المسلحة، اليوم الثلاثاء، يتهمه بارتكاب جريمة التزوير في محررات رسمية، لمجرد إعلان ترشحه للرئاسة، أرسل إشارات سلبية إلى حملة علي بشأن غياب ضمانات التنافسية، أو نزاهة الانتخابات الرئاسية، التي تضعها "شرطاً أساسياً" للاستمرار فيها.
وأفادت المصادر بأن اعتقال عدد من أعضاء حملة عنان الانتخابية، يُنذر بتكرار الأمر مع حملة علي، التي تواجه حالياً صعوبة في استكمال التوكيلات الشعبية اللازمة للترشح، ملمّحة إلى رغبة السلطة في عدم السماح لأي مرشحين بمنافسة السيسي، لاعتبارات تتعلق بتراجع شعبيته في الشارع، وخطورة أي منافسين محتملين على حظوظه في الفوز.
وأضافت المصادر أن المؤسسة العسكرية لديها تخوفات من المساس بحصتها المتزايدة في تنفيذ المشروعات المدنية، وما تدرّه من أرباح ضخمة إلى موازنتها غير الخاضعة للرقابة، إذ عرّج بيان قيادتها بشكل واضح على ما وصفه بـ"تحريض عنان على المؤسسة العسكرية"، لمجرد حديثه عن أهمية تمكين القطاع المدني للدولة من القيام بدوره، وعدم تحميل المسؤولية وحدها للقوات المسلحة.
وتابعت: "هناك أيضاً حديث علي عن مراجعة (المشروعات القومية) الجاري تنفيذها بواسطة شركات الجيش، والتأكد من سلامة إجراءاتها، ومدى جدواها، وعائدها على المواطنين والاقتصاد الوطني، حال وصوله إلى كرسي الرئاسة، وهي أمور كلها تصب في صالح انحياز قيادات الجيش إلى السيسي، وعرقلة اعتماد أي مرشح قد يُشكل خطراً على مصالحها الاقتصادية".
ونوهت المصادر إلى عدم اكتراث السلطة الحاكمة لصورتها أمام وسائل الإعلام والمنظمات الخارجية، باعتبار أن استمرار السيسي في منصبه يُحقق مصالح الغرب في المنطقة، وتمسّكها بإجراء انتخابات "المرشح الواحد"، والترويج إلى أنه خيار شعبي، ينظمه الدستور في مواده، وذلك بإعلان فوزه عند الحصول على 5% من إجمالي عدد الناخبين، المُقيدة أسماؤهم في قاعدة البيانات.
كذلك، كشفت أن اعتماد عنان وعلي كمرشحين "كان يُنذر بحصول السيسي على عدد أصوات يقل كثيراً عن نسبة الـ97% التي حصل عليها قبل أربع سنوات، وهو ما يؤكد تراجع شعبيته لدى المواطنين، خلاف ما يُروّج، بغير دليل، في وسائل الإعلام الموالية للنظام"، مختتمة القول: "الأخطر أنه يُشكل طعناً في شرعية السيسي، وخطورة على سيناريو تعديل الدستور، الذي يُخطط له بفترة الولاية الثانية، بهدف التمديد لحكمه".
وينتظر مجلس النواب الحالي، إشارة واحدة من السيسي، للشروع في نظر اقتراح جاهز بتعديل الدستور، مُعد من قبل ائتلاف الغالبية النيابية (دعم مصر)، المُشكل بمعرفة الأجهزة الأمنية، ويستهدف منح رئيس الجمهورية مزيدا من الصلاحيات على حساب البرلمان، وحذف قيد عدم جواز تعديل نصوص إعادة انتخابه لأكثر من ثماني سنوات، إيذاناً بترشحه عدداً لا نهائيّاً من المرات.