مصر: "العقرب" سجن وغلاء أسعار

11 يناير 2016
لافتات تطالب بالحرية للصحافي المصري حسن القباني (فيسبوك)
+ الخط -
شكت آية حسني، زوجة الصحافي المصري المعتقل، حسن القباني، من أن إدارة سجن العقرب شديد الحراسة، حيث يقبع زوجها، تبالغ في أسعار المنتجات المباعة داخل السجن، وأن المبالغ المالية التي تودعها في أمانات السجن تنفد سريعاً رغم كثرتها.

وقالت حسني، على حسابها الخاص على "فيسبوك"، إنها ترددت كثيرا قبل الكتابة عن هذا الموضوع، ولكنها خرجت عن صمتها تضامنا مع أهالي السجناء محدودي الدخل، موضحة أن أمانات السجن هي الأموال التي يضعها أهل السجين في حسابه لكي ينفق معه على الإعاشة في الداخل، لشراء الطعام والشراب وحتى الملابس والأغطية.

وقالت: "سمعنا أسعاراً خيالية، مثل أن البرتقالة الواحدة بثلاثة جنيهات، والوجبة الصغيرة جدا تتراوح ما بين 40 إلى 60 جنيها، فضلا عن أسعار باقي المنتجات الأخرى التي تباع في سجن العقرب بأسعار غالية".

وحكت "قبل إغلاق الزيارة المرة دي على طول وإللي دام حوالي شهرين. كنت تركت لحسن 2000 جنيه. بعد فتح الزيارة. من شهر تقريبا تركت له 3000. وكنت فاكرة إنهم هيكفوه على الأقل شهر يناير. اليوم، في الزيارة، حسن أبلغني إن باقي منهم 750 جنيهاً فقط. وطلب أزوّد في المرات القادمة".

وتساءلت: "كيف لأسر المعتقلين ممن تغيّب عائلها أو سُجن أو من لديهم أكثر من معتقل، أن تنفق عليهم في ظل هذا الغلاء وهذه التكاليف".

"أكتر من مرة يحصل قدامي إني ألاقي حد بيحط 200 جنيه. مرة واحدة أخت حطت قدامي والله فكة كتير، كدا كلها خمسات وعشرات جمعوا 155 جنيهاً. كان منظر مؤلم أوي وهي بتعدّهم ورقة ورقة. وجت أخت ربنا يبارك فيها إدتها حوالى 400 جنيه أخدتهم بعد محايلة ورفض قاطع بعزة نفس. بس شفت في عينيها الانكسار والقهر. وإحدى الأخوات بتحكي إنها قرأت في كشف الأمانات إللي قبلها حد حاطط 60 جنيه. إنتوا متخيلين 60 جنيه دول يعملوا إيه في العقرب. ولا حاجة. يوم بالعافية".

وتابعت حسني: "حسبنا الله ونعم الوكيل في مَنْ حَرم الأسر المستورة من عائلها أو من فرد من أفرادها كان يعيش معاها بالستر في بيوت مقفول عليها بابها. الله عالم كيف يدبّرون حياتهم".
"تفضل الأخت تدخر في فلوس الأمانات دي شهور. أو تعملها جمعية. ويا ريتها تكفي. بالميّت كدا يوم المعتقل العقرب لا يقل عن 100 جنيه. يعني 3000 شهريّاً. فرد واحد في الأسرة. حد يكلمني عن باقي أفراد الأسرة. لا موضع لهم في الإعراب خلاص"، فضلا عن أنه "بعد كل العذاب دا. أحيانا الأمانات بتتسرق ما بتوصلش أصلا للمعتقل".

وأنهت زوجة المعتقل حديثها بـ"تخيل شعور أهل المعتقل وشعوره هو شخصيا اللي خلاص مش هيعرف يجيب حاجة، ويعيش إما على إعانات إخوانه أو يعفّ ويتضور جوعا. في انتظار المرة الجاية".


سجن العقرب، الذي يعرف بـ"غوانتنامو مصر"، سجن شديد الحراسة، يقع ضمن مجموعة سجون طرة جنوب القاهرة، على بعد 2 كم من بوابة منطقة سجون طرة الرسمية جنوبي القاهرة. محاط بسور يبلغ ارتفاعه سبعة أمتار وبوابات مصفحة من الداخل والخارج، كما أن مكاتب الضباط تقع بالكامل خلف الحواجز والقضبان الحديدية.

اقترحت فكرة سلسلة السجون شديدة الحراسة، مجموعة من ضباط الشرطة المصريين، عقب عودتهم من بعثة تدريبية في الولايات المتحدة الأميركية، واعتبرتها وزارة الداخلية المصرية، حينها، فكرة خلاقة وكافية لسد ما اعتبرته "عجزا في سياستها مع الجماعات المسلحة بشكل خاص".

وفي عام 1991 بدأ وزير الداخلية المصري الأسبق، حسن الألفي، ومجموعة من مساعديه، في تجهيز هذه الأفكار الأميركية ووضعها على أولوية التنفيذ الفوري؛ فكانت البداية، في نفس العام، واستغرق بناؤه عامين، ليتم الانتهاء منه في 30 مايو/أيار 1993.

ومات العشرات في سجن العقرب شديد الحراسة، آخرهم كان محمد السعيد، المتهم في قضية أنصار بيت المقدس، الذي توفي في زنزانته في أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي نتيجة للإهمال الطبي.

وسبقه القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، فريد إسماعيل، ورئيس مجلس شورى الجماعة، عصام دربالة، والقياديان السابقان بجماعة الجهاد الإسلامي، مرجان سالم ونبيل المغربي، وعضو جماعة الإخوان، عماد حسن.

وأشارت تقارير حقوقية مصرية إلى نقل عدد من السجناء في العقرب، إلى مستشفى السجن خلال الأشهر القليلة الماضية، حيث كان كل منهم في وضع صحي حرج، ومنهم نائب رئيس محكمة النقض الأسبق محمود الخضيري، والقياديان في حزب الاستقلال، مجدي قرقر ومجدي حسين، وعضو مكتب الإرشاد في جماعة الإخوان، رشاد بيومي.

أما المجلس القومي لحقوق الإنسان المصري - منظمة حكومية - فقد نظم زيارة لسجن العقرب شديد الحراسة في أغسطس/آب الماضي، وخرج بتقرير وفيديو مصور، ظهر فيه أعضاء وفد المجلس يتناولون وجبات غذاء فندقية، وأعلنوا خلو السجن من التعذيب، ووجود ساحات رياضية وكافة الخدمات الاجتماعية والصحية والعلاجية، وهو التقرير الذي انسحب على إثره بعض أعضاء المجلس من حضور جلساته اللاحقة، اعتراضا عليه، وتوالت عليه أيضا ردود أفعال محلية ودولية غاضبة، وصدرت ضده عشرات التقارير التي تكذب ما ورد فيه.

كما نظم المجلس نفسه زيارة أخرى قبل أسبوع، تم تغييب عدد من الأعضاء عنها، وخرج بتقرير يؤكد استجابة مصلحة السجون لتوصياته.


اقرأ أيضاً:مصر: أسر معتقلي "العقرب" تفضح "القومي لحقوق الإنسان"