أصدرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان (منظمة مجتمع مدني مصرية) دليلًا استرشاديا بمفهوم حالة الطوارئ، بعد تمديدها من قبل مجلس النواب المصري.
وقالت الشبكة "بعد موافقة مجلس النواب قبل أيام على تمديد حالة الطوارئ، قد تحتاج لتعرف المزيد عن قانون الطوارئ سيئ السمعة، وعن السلطات التي يمنحها للسلطة التنفيذية والحريات التي ينتزعها منك، وعن النية المبيتة للتوسع في هذه السلطات، عبر تعديل دخل على القانون مؤخراً، في محاولة للالتفاف على حكم بعدم دستورية أحد نصوصه، صدر من المحكمة الدستورية العليا". وأضافت الشبكة "هذا القانون ليس في صالحك.. فليناضل الجميع لإسقاطه".
ويحكم حالة الطوارئ وإعلانها في مصر القانون رقم 162 لسنة 1958 المعروف بقانون الطوارئ، والصادر بتاريخ 28/ 9/ 1958 في عهد الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، ولا يزال القانون سارياً حتى الآن، مع دخول بعض التعديلات عليه بتعاقب الأنظمة السياسية الحاكمة.
ويجيز القانون إعلان حالة الطوارئ في حالة تعرض الأمن أو النظام العام في أراضي الجمهورية أو في منطقة منها للخطر، سواء أكان ذلك بسبب وقوع حرب، أم قيام حالة تهدد بوقوعها، أو حدوث اضطرابات في الداخل أو كوارث عامة أو انتشار وباء.
أما عن سلطات رئيس الجمهورية أثناء حالة الطوارئ، فإنه بوسعه وضع قيود على حرية الأشخاص في الاجتماع، والانتقال والإقامة والمرور في أماكن أو أوقات معينة، والقبض على المشتبه فيهم واعتقالهم، والترخيص بتفتيش الأشخاص والأماكن دون التقيد بأحكام قانون الإجراءات الجنائية، والأمر بمراقبة الرسائل أياً كان نوعها ومراقبة الصحف والنشرات والمطبوعات والمحررات والرسوم وكل وسائل التعبير والدعاية والإعلان قبل نشرها وضبطها ومصادرتها، وتعطيلها وإغلاق أماكن طبعها، وتحديد مواعيد فتح المحال العامة وإغلاقها، وكذلك الأمر بإغلاق هذه المحال كلها.
أما عن إجراءات التقاضي والمحاكمات الخاضعة لقانون الطوارئ، فإنها تندرج تحت ما يسمى بالقضاء الاستثنائي، الذي يضم محاكم أمن الدولة طوارئ، التي تخضع في تشكيلها وإجراءات التقاضي في شأنها لإجراءات خاصة، كما أنه لا يجوز الطعن في الأحكام الصادرة منها بأي وجه من الوجوه، وتصبح تلك الأحكام نهائية بمجرد تصديق رئيس الجمهورية عليها.
ويخالف قانون الطوارئ العديد من النصوص الدستورية التي تضمنتها الدساتير المتعاقبة وآخرها دستور 2014، وفي مقدمتها مبدأ سيادة القانون أو ما يسمى بمبدأ الدولة القانونية والمنصوص عليه في المادة 94 من الدستور، وعلى جانب آخر يخالف حق الحرية الشخصية المنصوص عليه في المادة 54، كونه يضع قيوداً مُبالغاً فيها على حرية الأفراد وكذا في شأن القبض والتفتيش لمجرد الاشتباه.
كما يخالف القانون مبدأ حرمة المنازل المنصوص عليها في المادة، كونه يسمح لمأموري الضبط القضائي بتفتيش المنازل دون تقيد بالإجراءات الجنائية.
وينتهك قانون الطوارئ كذلك حق حرية التنقل المنصوص عليه في المادة 62 من الدستور، كون القانون يحدّ من تلك الحرية بشكل كبير ويسمح بتقييدها.
وتعد كل تلك الحقوق المذكورة من الحريات اللصيقة بشخص المواطن والتي حظرت المادة 92 من الدستور تعطيلها او انتقاصها أوتقييدها بأي شكل.
وإلى جانب تقييده لحرية الفكر والرأي (المادة 65 )، يحد القانون مما نص عليه الدستور من ضمان حرية الصحف وحظر الرقابة عليها (مادة 70و 71).
أما مبادئ المحاكمة العادلة، فالقانون يخالف مبدأ أن الأصل في الإنسان البراءة، كما ينتهك الحق في محاكمة عادلة تكفل للمتهم فيها ضمانات الدفاع، وهو ما نصت عليه المادة 96 من الدستور، ناهيك عن حق التقاضي وحق الدفاع المنصوص عليهما في المادة 97و98 من الدستور، والتي تضمنت بشكل صريح وجوب كفالتهما ووجوب محاكمة أي شخص أمام قاضيه الطبيعي وحظر المحاكم الاستثنائية صراحة.
وأصدرت المحكمة الدستورية العليا حكما بتاريخ 2/ 6/ في الطعن رقم (17 - لسنة 15 قضائية) على دستورية ما تضمنه البند (1) من المادة رقم (3) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 162لسنة 1958 من تخويل رئيس الجمهورية الترخيص بالقبض والاعتقال، وبتفتيش الأشخاص والأماكن دون التقيد بأحكام قانون الإجراءات الجنائية.
ومع ذلك، فقد أبقت السلطة التشريعية على هذا النص دون إلغائه أو تعديله حتى الآن، وكذلك قرار إعلان حالة الطوارئ عقب تفجيري كنيستي طنطا والإسكندرية في أبريل/نيسان الماضي في 10/ 4 / 2017، وعقب التفجيرين اللذين استهدفا كنيستي مارجرجس في مدينة طنطا ومارمرقس في مدينة الإسكندرية،
صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 157 لسنة 2017 بشأن إعلان حالة الطوارئ في البلاد لمدة ثلاثة أشهر اعتباراً من الساعة الواحدة من مساء نفس اليوم.
وبررت ديباجة القرار صدوره بالظروف الأمنية الخطيرة التي تمر بها البلاد، وبمقتضاه تتولى القوات المسلحة وهيئة الشرطة اتخاذ ما يلزم لمواجهة أخطار الإرهاب وتمويله، وحفظ الأمن بجميع أنحاء البلاد، وحماية الممتلكات العامة والخاصة، وحفظ أرواح المواطنين.
ونص القرار، في مادتيه الثالثة والرابعة، على تفويض رئيس مجلس الوزراء في اختصاصات رئيس الجمهورية المنصوص عليها في القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ، وبمعاقبة من يخالف الأوامر الصادرة من رئيس الجمهورية وفقا لأحكام القانون المشار إليه.
ووافق مجلس النواب على مد حالة الطوارئ بدءا من الساعة الواحدة يوم الإثنين الموافق 10 يوليو/تموز الحالي.
ويقتضي إعلان حالة الطوارئ، وفقاً للمادة 154 من الدستور المصري، أخْذ رأي مجلس الوزراء وعرض هذا الإعلان على مجلس النواب خلال سبعة أيام من تاريخ صدوره ليقرر ما يراه بشأنه، وموافقة أغلبية عدد أعضاء مجلس الشعب وأن يكون لمدة محددة لا تتجاوز ثلاثة شهور، ولا يجوز مدها إلا لمرة واحدة وفي هذه الحالة يشترط موافقة ثلثي أعضاء المجلس.
وبالرغم من ارتفاع المطالب في السنوات الأخيرة بإلغاء أو تعديل قانون الطوارئ لتتوافق نصوصه مع الحقوق والحريات في الدستور، إلا أنه عُدّ الأسوأ في محاولة للالتفاف على الحكم الصادر بعدم دستورية أحد نصوصه، عبر نقل ذات السلطات التي كانت لرئيس الجمهورية - والتي حرمته منها المحكمة في حكمها - إلى مأموري الضبط القضائي بشكل مبالغ فيه ودون اكتراث للحقوق الدستورية المهدرة.
ففي تاريخ 27 / 4 / 2017، صدر القانون رقم 12 لسنة 2017 بتعديل قانون الطوارئ عقب الإعلان الأخير لحالة الطوارئ، وتضمن التعديل الجديد إضافة مادتين إلى القانون القديم تزيد بمقتضاهما سلطات مأموري الضبط القضائي في القبض، والتفتيش، والاحتجاز، في حالات الاشتباه بدون إذن مسبق من النيابة العامة.
كما سمح التعديل باحتجاز من تتوافر في شأنه دلائل على خطورته على الأمن العام لمدة شهر قابلة للتجديد.