مصر: "التعليم العالي" يمهّد لإلغاء "التعليم المفتوح"

21 مايو 2015
التعليم المفتوح لم يأتِ بالنتائج المرضية (GETTY)
+ الخط -



وضع وزير التعليم العالي بمصر، السيد عبد الخالق، نهاية للجدل الدائر حول جدوى برامج التعليم المفتوح، اليوم الخميس، خلال زيارته لجامعة طنطا بالغربية، شمال مصر، عندما أعلن أن "الوزارة تدرس إلغاء نظام التعليم المفتوح بجميع الجامعات، بداية من العام المقبل".

وأوضح الوزير أن الدراسة في نظام التعليم المفتوح ستستمر على الدفعات التي تدرس وتم تسجيلها بالكليات المختلفة، مع منع قبول أي دفعات جديدة من العام الدراسي المقبل 2015/ 2016. وأرجع الوزير عبد الخالق القرار إلى أن "نظام التعليم المفتوح فاشل ولم يأت بنتائج مرضية".

وكانت عدة نقابات مهنية أعلنت عن عدم قبول الحاصلين على شهادة التعليم المفتوح، ومنها نقابة المحامين التي أعلنت رفضها تسجيل خريجي كليات الحقوق من حملة شهادات التعليم المفتوح، كما ألغت جامعة القاهرة 9 برامج من التعليم المفتوح.

ويعتبر خبراء التعليم أن التعليم المفتوح الذي بدأ في مصر في جامعة الإسكندرية في العام 1990/ 1991، ثم عممته 15 جامعة مصرية، قد تحوّل إلى باب خلفي لدخول الجامعات، وأن جميع برامجه مكررة وتقليدية، كما يصفونه بأنه "تعليم مواز" بات وسيلة للوجاهة الاجتماعية، وأبعد الفنيين عن مجالات عملهم الإنتاجية إلى المكتبية.


وبدأت التجربة بجامعات الإسكندرية والقاهرة وعين شمس، في 1990، وكانت الفلسفة العامة لنشأته تهدف إلى إتاحة فرصة التعليم العالي للكبار، حيث تم وقتها اشتراط مرور 5 سنوات على الأقل على الحصول على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها للالتحاق ببرامجه. لكن تم إلغاء هذا الشرط في العام الجامعي 2009 ـ 2010 في مجموعة من المحافظات النائية، والتي لا تتوافر فيها فرص كافية للتعليم العالي، وتم إلغاء هذا الشرط أيضاً على جميع طلاب الثانوية العامة المستجدين على مستوى الجمهورية في العام الجامعي 2010 ـ 2011.

وتحوّل التعليم المفتوح إلى باب خلفي لدخول الجامعات، حيث كان الطالب الذي لم يستطع الالتحاق بكلية الإعلام جامعة القاهرة على سبيل المثال والتي وصل الحد الأدنى للقبول فيها إلى 95 في المائة، كان يمكنه الالتحاق بها في العام نفسه عن طريق برنامج الإعلام بالتعليم المفتوح، ولو كان حاصلاً على 55 في المائة في الثانوية العامة.

وبعد أن أحدث هذا الوضع ردود أفعال سيئة، تمت إعادة شرط ضرورة مرور خمس سنوات على الأقل على الحصول على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها لمن يريد أن يلتحق بالتعليم المفتوح. وأصبح هناك الآن برامج تعليم مفتوح في 15 جامعة حكومية وفي تخصصات 10 كليات هي: التجارة، الحقوق، الآداب، الزراعة، الإعلام، دار العلوم، السياحة والفنادق، الخدمة الاجتماعية، التربية والفنون الجميلة. وتقدم 13 جامعة منها برامج في التجارة، و9 جامعات برامج في الحقوق، و7 جامعات برامج في الآداب.

وقد بدأت بعض الجامعات تقديم برامج دبلومات مهنية، مثل جامعات القاهرة وعين شمس، وفي الحقيقة فإن جميع برامج التعليم المفتوح حالياً ـ باستثناء جامعة القاهرة ـ تعتمد اعتماداً كلياً على طرق التعليم التقليدية من محاضرات وكتب مطبوعة، وفي بعض الأحيان أقراص مضغوطة CD، وتحوّل التعليم المفتوح إلى ما يشبه التعليم الموازي في مصر.

وأرجع الدكتور إسماعيل جمعة، أستاذ المحاسبة والمراجعة بكلية التجارة بجامعة الإسكندرية، ضعف مخرجات التعليم المفتوح ـ في ورقة بحثية حول تقييم التعليم المفتوح بمؤتمر عقد بجامعة القاهرة، 2012 ـ إلى غياب الفلسفة والرؤية التي تحكم إنشاء برامج للتعليم المفتوح والتركيز على اعتبار هذه البرامج مصدراً للتمويل الذاتي للجامعات الحكومية وأساتذتها، والاقتصار على توفير فرص التعليم الجامعي في مجالات محدودة دون الدخول إلى مجالات التعليم المستمر.

وأشار إلى عدم توافر البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في معظم الجامعات، أو مراكز لإنتاج المواد التعليمية اللازمة باستثناء جامعة القاهرة، ونمطية البرامج المقدمة وتكرارها بين الجامعات، وافتقاد معظم البرامج للجانب العملي والتطبيقي، وضعف الصلة بين طلاب التعليم المفتوح والجامعة بسبب غياب الإرشاد الأكاديمي، والاعتماد على طرق التعليم التقليدية من محاضرات وكتب، واعتماد نظام التقويم على الامتحانات التقليدية في نهاية الفصل الدراسي، والتحاق العديد من خريجي التعليم الفني والمعاهد الفنية المتوسطة ببرامج التعليم المفتوح التقليدية، وبالتالي إهدار ما تم بذله لإعداد هؤلاء الفنيين لخدمة التنمية.

ويشير إسماعيل إلى نظرة المجتمع المتدنية لخريجي هذا النمط من التعليم لضعف مستوى الخريجين، وإلى أن بعض الجامعات التي تمنح درجات علمية بنظام التعليم المفتوح لا تسمح لخريجي هذا النظام بالالتحاق بالدراسات العليا، ما يعتبر اعترافاً ضمنياً منها بضعف مستوى الخريجين.

بينما أوضح الدكتور يحيى القزاز، عضو "حركة 9 مارس"، أن فكرة التعليم المفتوح في الجامعات موجودة في كل دول العالم، مشيراً إلى تجربة إنجلترا والتي لديها جامعة متخصصة في هذا النظام، لكن في مصر فهذا نظام لا قيمة له على الإطلاق، ولا دور تعليمياً له، وإنما هو من قبيل الوجاهة الاجتماعية ليس أكثر.

وأضاف القزاز أن التعليم المفتوح بوضعه الحالي يعطي شهادة لا قيمة لها، ولا تؤدي أي دور للطالب، وقال: "يعتبر هذا النظام مصدر دخل للأساتذة لتحسين أوضاعهم المادية مقابل بيع شهادات، وهو ليس تعليماً حقيقياً ولا دور لهذا النظام في العملية التعليمية بكل الجامعات".

على أية حال، إن الارتباك الحكومي وتضارب القرارات في مصر، هما وراء فشل التجارب التي كثيراً ما تحمل طموحات كبيرة في بداياتها، وسرعان ما يقوّضها الواقع الفاسد أو المضطرب!

اقرأ أيضاً:مصر: تظاهر خريجو الحقوق "المفتوح" لمنع قيدهم بالنقابة