قفزت أسعار السيارات في مصر لمستويات قياسية خلال العام الجاري، بفعل ارتفاع أسعار الدولار الأميركي في السوقين الرسمية والسوداء، فيما ينتقد مراقبون الزيادة الكبيرة في هامش الربح المحدد من جانب تجار ووكلاء السيارات، بعيدا عن أعين الرقابة الحكومية.
وتعتمد مصر على نوعين من السيارات، إما مستورد بالكامل، أو يتم تجميعه في مصانع محلية تابعة لشركات عالمية، عبر استيراد قطع الغيار، كما هو الحال مع "هيونداي" و "جنرال موتورز".
ويربط رئيس شعبة السيارات بالغرفة التجارية في القاهرة، عفت عبد العاطي، زيادة أسعار السيارات بارتفاع سعر الدولار وعدم توافره في السوق، الأمر الذي انعكس سلبا على توفير السيارات، وبالتالي قلة المعروض وارتفاع الأسعار.
وخفض البنك المركزي قيمة الجنيه في السوق الرسمي بنحو 14% في مارس/آذار الماضي، ليصل الدولار إلى 8.88 جنيهات، لكن سعر العملة المحلية هوى في السوق السوداء في أبريل/نيسان، متجاوزا 11 جنيها للدولار الواحد، ولا يزال يحوم حول هذا المستوى خلال الأسبوع الجاري.
وعدد عبدالعاطي، في تصريح لـ "العربي الجديد"، عوامل أخرى ساهمت في زيادة أسعار السيارات، منها التعريفة الجمركية الباهظة على السيارات أعلى من 1600 سي سي (السعة اللترية للمحرك)، لافتا إلى أن السيارات التي تتراوح فئاتها بين 1600 و2000 سي سي، تبلغ تعرفتها الجمركية نحو 135%، فضلا عن 30% ضريبة مبيعات.
بينما تفرض مصر رسوما جمركية على السيارات ذات المحركات الأعلى من ألفي سي سي بنحو 135% إلى جانب 45% ضريبة مبيعات.
ويؤجل الوكلاء والموزعون تسليم السيارات لمدة تصل إلى ستة أشهر في بعض الأحيان، تلك سلبية يتجاوزها عدد من التجار مقابل زيادة سعر الوحدات.
وقال رئيس شعبة السيارات إن الأسعار ارتفعت بنسب تتراوح بين 25% و30%، منذ بداية العام الجاري، فيما سجلت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ارتفاع أسعار السيارات خلال أبريل/نيسان الماضي، بنحو 13.9%، مقارنة بالشهر ذاته من العام الماضي، كما ارتفعت بنسبة 3.4%، مقارنة مع مارس الماضي.
وكغيره من المختصين، عزا رئيس شعبة السيارات بغرفة الجيزة التجارية، أيمن الأبيض، بحديث لـ "العربي الجديد"، ارتفاع أسعار السيارات إلى تهاوي قيمة العملة المحلية أمام الدولار الأميركي، لكنه يستبعد عامل جشع التجارة من المعادلة.
ويعتقد الأبيض، أن الركود الحاصل في سوق السيارات لا يوفر مساحات لرفع الأسعار دون مسببات، إذ يفضّل كثير من العملاء في الوقت الحالي، تأجيل الشراء، أملا في تراجع الأسعار لمستويات أقل مما هي عليه، خاصة أن القفزة جاءت بوتيرة سريعة.
وذكر تقرير حديث لمجلس معلومات السيارات (أميك) أن مبيعات السيارات الخاصة في مصر، تراجعت بحدود 29% خلال مارس/آذار الماضي، هذا تراجع يعزوه مراقبون إلى تفاعل كثير من المواطنين مع دعوات لمقاطعة شراء السيارات.
وانتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي حملات لمقاطعة شراء السيارات الجديدة، تنديدا بالارتفاع الكبير الذي سجلته أسعارها.
وأطلق ناشطون، حملة على فيسبوك تحت عنوان "خليها تصدي"، دعوا من خلالها للتوقف عن شراء السيارات الجديدة إلى أن تعود أسعارها لذات المستويات التي عرفتها قبل تفاقم أزمة الدولار.
وقال محمد راضي، مؤسس الحملة، في تصريحات صحافية، إن الحملة بدأت مع زيادة سعر الدولار منذ نحو ستة أشهر، مشيرا إلى أنها أثرّت بشكل كبير على أصحاب معارض السيارات.
وأضاف أن التجار والوكلاء هم من يتعمدون تقليل عدد السيارات المعروضة على أمل أن ترتفع الأسعار أكثر مما هي عليه، مشيرا إلى أن السوق سجل زيادة الطلب على السيارات نتيجة لانتشار تطبيقات النقل الشخصي الخاص، مثل "أوبر" و "كريم"، والتي تستخدم السيارات الخاصة في توصيل الركاب، بفضل ما تدره مثل هذه التطبيقات الإلكترونية من دخل جيد على العاملين بها.
وعلى صفحة الحملة في فيسبوك، كتب أحد المشاركين: "التجار يضعون الأسعار بدون رقابة من المسؤولين، فالدولار لم يسجل كل هذه الارتفاعات التي سجلتها السيارات".
وقال رئيس جهاز حماية المستهلك، عاطف يعقوب، لـ "العربي الجديد": "إن الجهاز أحال خمساً من كبريات الشركات التي تعمل في تجارة السيارات، إلى مصلحة الضرائب لشبهة التهرب الضريبي".
وأوضح أن بعض شركات تجارة السيارات تعطي المواطنين فواتير بمبالغ أقل من المدفوع للتهرب من الضرائب، والتحايل على القانون.
ويعتقد يعقوب، أن "معظم شركات السيارات تضلل المستهلكين، وتتهرب من الضرائب عن طريق تسليم المستهلكين فواتير شراء بقيمة أقل من تلك المدفوعة عند الشراء، مما يضر بمصالح وحقوق المستهلكين".
ويحق للمستهلكين في مصر، استرجاع أو استبدال السيارة خلال أربعة عشر يوما من تاريخ الشراء، في حالة اكتشاف عطل بها خلال تلك الفترة، وذلك وفقا لقانون حماية المستهلك.
وفي حالة ألزم جهاز حماية المستهلك، البائع برد سعر السيارة، لا يحصل المستهلك إلا على القيمة المدونة في فاتورة الشراء فقط، ما يعرض المشترين لفقدان جزء من حقوقهم المالية حال تعثر عملية استبدال المنتج أو إرجاعه.