مصادر لـ"العربي الجديد": فشل جهود إعادة مهجري جرف الصخر العراقية

31 يوليو 2018
ربع مليون عراقي يعيشون في المخيمات(أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

كشفت مصادر حكومية وأخرى قبلية عراقية، في العاصمة بغداد ومحافظة بابل(جنوباً)، عن فشل جهود قادها سياسيون وشخصيات عشائرية مختلفة تهدف لإقناع مليشيات "الحشد الشعبي" بالسماح لسكان مدينة جرف الصخر بالعودة إلى منازلهم.

ويمضي أكثر من ربع مليون عراقي عامهم الرابع في المخيمات ومعسكرات النزوح، وسط استمرار رفض فصائل مسلّحة موالية لإيران السماح بعودتهم إلى المدينة الواقعة شمال محافظة بابل جنوب بغداد، رغم تحريرها من قبضة تنظيم "داعش" نهاية عام 2014.

وقال مسؤول رفيع في الحكومة العراقية، لـ"العربي الجديد"، إن "مقترح تشكيل وفد وساطة سياسي وقبلي والتحرك نحو زعماء بالحشد الشعبي كان حكومياً، ومن رئيس الوزراء حيدر العبادي، الذي طالبته بعض الشخصيات القبلية بإعادة المواطنين للمدينة، وذلك خلال حملته الدعائية قبل الانتخابات".

وبين المسؤول أنه "على أثر ذلك تشكل وفد من قبائل عربية مختلفة إضافة إلى شخصيات سياسية وبرلمانية، وجرى التحرك على محاور عدّة أبرزها مليشيات "العصائب" و"حزب الله" و"بدر" و"النجباء" التي تسيطر على ملف المدينة بشكل رئيسي لكن الجهود كلها باءت بالفشل".

كما أكد المسؤول أنّ "الفصائل المسلحة تلك رفضت أيضاً دخول وفد قبلي إلى مدينة جرف الصخر لتفقد منازل المواطنين وممتلكاتهم ومزارعهم، التي تركوها بحجة أنها منطقة عسكرية".

وحول أسباب فشل المفاوضات، أكّد المسؤول ذاته أنّ "ملف مدينة جرف الصخر بيد جهات مسلحة عدّة والحكومة غير قادرة على إعادة المواطنين للمدينة، وأن هناك حديثا عن رفض إيراني لذلك".

وكان رئيس الوزراء الأسبق ونائب الرئيس الحالي، إياد علاوي، قد أوضح في الرابع من مايو/أيار العام الماضي، أنه تحدّث مع نائب رئيس مليشيات "الحشد الشعبي"، أبو مهدي المهندس، والقيادي في المليشيات هادي العامري، بخصوص السماح لمواطني جرف الصخر بالعودة إلى مناطقهم.

وأشار علاوي إلى أن قادة "الحشد الشعبي" أبلغوه بأنهم سيذهبون إلى إيران من أجل حل مسألة جرف الصخر، وإعادة السكان إليها، لكن تم إبلاغهم بأن الأمر بيد شخص في لبنان.

وتساءل علاوي "ما علاقة إيران ولبنان بهذا الأمر؟" مشدداً على "ضرورة الضرب بيد من حديد مع كل من يريد العبث بمقدرات الشعب العراقي". كما دعا إلى أن تكون "جرف الصخر تجربة ميدانية للوحدة الوطنية"، مطالباً بـ"العمل على تخليص البلاد من المحاصصة والتهميش".

في المقابل، رأى الشيخ ناجي أحمد القره غلي في تصريحٍ لـ"العربي الجديد"، أن "الجهود الأخيرة كانت مثمرة جداً وغير صحيح أنها فشلت كونها أوصلتنا لحقيقة أن موضوع المدينة (جرف الصخر) ليس بيد الحكومة".

وقال "توجهنا إلى جهات عدّة وعرضنا عليهم صور نساء عراقيات وأطفال في الخيام بالصحراء، وطلبنا منهم أن يعيدوهم لمنازلهم لكنهم تذرعوا وتحججوا، وفي النهاية علمنا بأن الموضوع بيد قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني".

ولفت، في السياق، إلى أن "المليشيات الموجودة في المدينة باتت تجرف منازل ومزارع المواطنين"، على حد قوله.

بدوره، قال النائب في البرلمان، المنتهية ولايته، عبد الكريم عبطان، لـ"العربي الجديد"، إنه "حتى الآن لا توجد أي نوايا لإعادة أهل جرف الصخر لمدينتهم".

وأضاف "أستبعد حصول ذلك، إذ لا توجد قوات نظامية كالجيش والشرطة بالمدينة"، متمنياً أنّ "تنتهي معاناة النازحين وأن تكون هناك إجراءات أخلاقية وإنسانية قبل كل شيء، منذ أربع سنوات والناس مبعدون عن منازلهم بلا سبب، وكذلك الحال في منطقة العويسات القريبة من الفلوجة".

وأضاف "لا أخفي سراً، لقد تحدثت مع رئيس الوزراء بشأن ضغوط تمارسها جهات سياسية لعدم إعادة النازحين لمنازلهم في جرف الصخر والعويسات أيضاً، وذلك ضمن مخطط التغيير الديمغرافي".




معاناة إنسانية


ويعاني أهالي البلدة النازحون في مدن مختلفة داخل مخيمات ومعسكرات نزوح، ظروفاً اقتصادية صعبة ونفسية عصيبة، جراء عدم السماح لهم بالعودة إلى مدينة "جرف الصخر" التابعة لمحافظة بابل (100 كيلومتر جنوب بغداد)، على الرغم من إطلاق برلمانيين وعوداً كثيرة بعودتهم، وذلك خلال الفترة التي سبقت الانتخابات التي أجريت في الثاني عاشر من مايو/أيار الحالي، إلا أن وعودهم لم تكن سوى "دعاية سياسية"، بحسب النازحين.

ويشترك أكثر من 10 فصائل مسلحة ضمن "الحشد الشعبي"، في إدارة الملف الأمني في جرف الصخر، بحسب مصدر من الحشد، الذي قال لـ"العربي الجديد"، إن "الفصائل توزع المهام الأمنية فيما بينها لتأمين البلدة، منها بدر، كتائب حزب الله العراق، والخراساني، وعصائب أهل الحق، وأبو الفضل العباس، وكتائب الإمام علي".

وكان مجلس محافظة بابل قد صوّت في أغسطس/آب من العام الماضي على مشروع يقضي برفع دعوى قضائية على أي من السياسيين الذين يطالبون بعودة أهالي منطقة جرف الصخر إلى ديارهم. ويتماشى قرار المجلس مع موقف القوى المسلحة التابعة لـ"الحشد الشعبي" المسيطرة على البلدة.