يتّكئ الجريح الفلسطيني حماد الفرا (48 عاماً) على عكازيه للوصول إلى مخيمات العودة في بلدة خزاعة شرقي مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، للمشاركة في مسيرات العودة، مدفوعا بـ"حبه للأرض ووفائه لعهد الشهداء والجرحى".
وأصيب الفرا خلال عدوان الاحتلال عام 2014 بصاروخ من قبل طائرات الاستطلاع أدت حينها إلى بتر قدمه اليسرى، ولكن برغم ظروفه الصحية إلا أنه يصرّ على المشاركة في المسيرات التي انطلقت قبل أكثر من عام.
يتقدّم المصاب الفرا مخترقاً صفوف المتظاهرين ليصل إلى أقرب نقطة يقابل فيها جنود الاحتلال، فيفترش الأرض بين ألسنة الغاز المتناثرة التي يلقيها الجيش على المتظاهرين، ويضع أحد عكازيه على الأرض والثاني يستخدمه كمقلاع يلقي به الحجارة على جنود الاحتلال بعد أن ربط على طرفيه العلويين المطاط.
ويقول الفرا لـ"العربي الجديد": "لدّي قناعة بما أقوم به، حتى لو فقدت قدمي الثانية أو ذهبت شهيداً فأنا مستعد لذلك، وأقول هذا من عقلي وليس من قلبي فقط".
وفي أرجاء مخيم العودة شرق خان يونس، تنتشر فرق المسعفين المتطوعين الذين يقدمون العلاج للمصابين، ويساعدون الأطقم الطبية الميدانية في نقل الإصابات.
ومنذ انطلاق المسيرات في الثلاثين من مارس/ آذار العام الماضي، لم يغب المسعف المتطوع فارس القدرة (31 عاماً) عن المسيرات، ولم يكمل القدرة دراسته الجامعية في تخصص العلوم الإدارية والمالية بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية، لكنه لجأ إلى العمل مسعفاً متطوعاً وشكل فريق إسعاف تطوعي في مخيمات العودة بعد تلقيه العديد من الدورات في الإسعاف الأولي من وزارة الصحة، وكذلك دورات في الإنقاذ والحرائق والإخلاء تلقاها مع جهاز الدفاع المدني.
يقول القدرة لـ"العربي الجديد": "مع انطلاق المسيرات وجدت القُدرة لدّي على تقديم الخدمة الإنسانية لأبناء شعبنا في مخيمات العودة، ولم أتردد للحظة، وشاركت في تقديم الخدمة العلاجية في أغلب مخيمات العودة المنتشرة في قطاع غزة".
ويشير إلى أن فريقه المكون من 13 عنصرا متطوعا تعامل في الميدان مع عدد من الشهداء الذين ارتقوا برصاص الاحتلال، إضافة إلى تعامله مع الإصابات المختلفة منها حالات بتر في الأطراف وحالات خطيرة وحالات استنشاق الغاز.
وأصيب عدد من أعضاء فريق القدرة من المتطوعين برصاص الاحتلال الإسرائيلي وغازه الذي يطلقه على المتظاهرين، دون أنّ يمنعهم ذلك من العودة إلى المسيرات والاستمرار في تقديم الخدمات الطبية المساندة للفرق الطبية الموجودة في الميادين والتي تنشرها وزارة الصحة في غزة والجهات الطبية المختلفة.
وتنتشر عشرات الفرق الطبية كل يوم جمعة على حدود غزة مع الأراضي المحتلة في خمس نقاط تماس، باتت تعرف باسم مخيمات العودة وكسر الحصار.