مشهد سوري في العراق: "الحشد" و"داعش" ضد مقاتلي العشائر

11 أكتوبر 2015
"الحشد" تريد منع تشكيل قوة عشائرية (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -
كشف مسؤولون أمنيون وشيوخ قبائل لـ"العربي الجديد" أن مليشيات "الحشد الشعبي" قامت باستهداف مقاتلي العشائر المناهضين لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في مناطق عراقية عدّة في الأيام القليلة الماضية، لتشمل عمليات خطف قادة العشائر المسلّحين، ومصادرة أسلحة لهم، في كل من الأنبار وحزام بغداد وصلاح الدين. بذلك، تجد العشائر التي تقاتل "داعش"، نفسها أمام سيناريو مشابه لما تعانيه الفصائل المسلحة السورية، التي تتعرض لحرب إبادة مزدوجة، من النظام ومن تنظيم "الدولة"، قبل أن تصبح الحرب ضدها "عالمية"، مع وضع التدخل الروسي نصب أعينه إزالة هذه الفصائل لتمتين نظام الرئيس بشار الأسد.

اقرأ أيضاً: العراق: المليشيات تهاجم بالهاونات مناطق عدّة في ديالى

تأتي مرحلة الاستهداف المباشر لمقاتلي العشائر بعد أشهر من حملة إعلامية شنّتها مليشيات "الحشد" ورموزها على مقاتلي العشائر ورفض تسليحها من قبل الأميركيين أو الأردن، وهو ما انصاع له رئيس الحكومة حيدر العبادي. 

وأدى قيام الجيش الأميركي بتسليح نحو ثلاثة آلاف مقاتل من العشائر بأسلحة متوسطة وخفيفة إلى إعلان قادة مليشيات "الحشد"، هادي العامري وقيس الخزعلي وأبو مهدي المهندي، في مؤتمرات صحافية وبيانات رفضهم ذلك، واعتبارها مؤامرة على الحشد من الأميركيين.

وبحسب مسؤول رفيع المستوى في وزارة الداخلية العراقية، فإن "59 عنصراً من مقاتلي العشائر اختطفوا من محافظة صلاح الدين ومدينتي الطارمية وأبو غريب شمال وغرب بغداد ضمن ما يعرف بحزام بغداد، فيما اندلعت اشتباكات عنيفة في بلدة العامرية جنوب الفلوجة، بين العشائر و"الحشد الشعبي" انتهت بقتلى وجرحى، يوم السبت الماضي، دون أي تعليق حكومي على الحادث". وقال المسؤول، وهو عقيد بوكالة الاستخبارات، لـ"العربي الجديد"، إن المليشيات بدأت باستهداف مقاتلي العشائر تماماً كما يفعل (داعش)".

وبين المسؤول الذي فضل عدم نشر اسمه، أنّ المليشيات قتلت ستة من كبار قادة العشائر الميدانيين أحدهم الشيخ فياض القيسي، القائد العسكري لمحور عشائر الجبور والقيسييين، التي تقاتل تنظيم "داعش" في محور المالحة وبيجي بمحافظة صلاح الدين، وهو ما أدى إلى انسحاب العشائر من مواقع مهمة، قام "داعش" بالاستيلاء عليها". وأضاف أن "العمليات تجري في خضم الفوضى وسهولة التكتم على ذلك ومع وجود عدو تقليدي للعشائر أي داعش، وإمكانية إلقاء التهمة عليها من دون الحشد الشعبي".

من جهته، قال عضو مجلس محافظة صلاح الدين، محمد راسم، لـ"العربي الجديد"، إنّ "مليشيات (الحشد)، وبعد هزيمتها وانسحابها من ساحات المواجهة مع (داعش)، لم تتقبل حتى الآن أن تكون قوة ثانوية في البلاد، كما يسعى إلى ذلك الأميركيون، وتحاول أن ترتكب أعمال شغب وعنف لتثبت وجودها وقوتها".

وأوضح أنّ "تلك المليشيات ترى أنّ العشائر هي قوة صاعدة بدأت تحظى باهتمام وتسليح من قبل القوات الأميركية، وسيكون لها الدور الكبير في تحرير مناطق العراق من سيطرة (داعش)"، مبيناً أنّ "المليشيات بدأت بتنفيذ مخطط للتأثير على القوة العشائرية من خلال أعمال الخطف والقتل".

وقال إنّ "المليشيات أقدمت على خطف 31 مقاتلاً من منازلهم في قرية البو طعمة جنوبي بلدة بيجي بمحافظة صلاح الدين قبل ثلاثة أيام، واقتادتهم إلى جهة مجهولة"، مبيناً أنّ "المخطوفين جميعهم من مقاتلي العشائر وممّن لديهم تاريخ مشرّف بقتال داعش، فضلاً عن حوادث أخرى وقعت بمناطق ساخنة تشهد قتالاً مع داعش".

وأشار الى أنّ "المخطوفين لم يعرف مصيرهم حتى الآن"، مبيناً أنّ "المليشيات تعمل الآن على منع العشائر من التعاون مع الأميركيين بقتال داعش، خصوصاً في محافظة صلاح الدين، لأنّ المليشيات لها موطئ قدم في بلدة سامراء، وتستطيع التحرّك بالمحافظة على خلاف محافظة الأنبار التي لا تستطيع التحرّك فيها".

وانتقد "عجز القوات الأمنيّة عن التصدي لتلك المليشيات، التي اقتادت المخطوفين عبر الحواجز الأمنيّة في المحافظة"، محذّراً من "خطورة انتهاكات المليشيات على التعايش السلمي في البلاد".

وكان النائب عن تحالف القوى العراقية عبد القهار السامرائي، قد كشف عن "اعتقال المئات من المواطنين وأبناء العشائر في سامراء وأطرافها بمحافظة صلاح الدين، وهم مجهولو المصير".

وقال السامرائي في تصريح صحافي إنّه "يجب منع عمليات الاعتقال التي يتم تنفيذها بدون أوامر قضائيّة"، مشدّداً على أنّ "عمليات الاعتقال يجب أن تنفّذ من قبل قيادة عمليات سامراء حصراً". ودعا المليشيات الى "إطلاق سراح المعتقلين لديها".

من جهته، قال عضو مجلس عشائر صلاح الدين، الشيخ عبد الخالق الجبوري، إنّ "المليشيات تعمل بأجندة إيرانية وهي تحاول منع تشكيل أيّ قوة عشائرية في العراق، لأسباب طائفيّة".

وأضاف الشيخ، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أنّ "أبناء العشائر ذاقوا الأمرين من قبل الحكومة والمليشيات على حدّ سواء؛ فقد منعتهم الحكومة من السلاح وحماية مناطقهم، فيما استباحت المليشيات دماءهم". وشدّد على أنّ "أبناء العشائر لن ينسحبوا من ساحات القتال وسيبذلون كل ما بوسعهم لطرد (داعش)، بالتعاون مع الجيش العراقي، ومنع عودة المليشيات".

وفي السياق، أكد أحد مقاتلي العشائر البارزين جنوب الفلوجة، الشيخ ناظم العيساوي، أن "اشتباكات وقعت مطلع الأسبوع الماضي بين (الحشد) والعشائر على خلفية محاولة المليشيات الاستيلاء على أسلحة ومخازن عتاد العشائر والاعتداء على عدد من المقاتلين العشائريين المرابطين على خطوط التماس مع تنظيم داعش".

وبين في حديث لـ"العربي الجديد" أن "المليشيات تتحرك بخطة إيرانية لقلب الطاولة على الأميركيين وعلى كل جهد وطني سني لتخليص العراق من الوضع الحالي".

من جهته، رأى الخبير في شؤون الجماعات المسلّحة إبراهيم الفهداوي، أنّ "مصالح المليشيات المعنوية والمادية ضربت من خلال التوجه الأميركي لتسليح العشائر".

وقال لـ"العربي الجديد"، إنّ "توجه المليشيات لمنع تسليح العشائر هو توجّه متوقع، لأنها ستسعى بالتأكيد، لمنع تشكيل أي قوة تكون أقوى منها أو منافسة لها في البلاد، كما أنّها (المليشيات) حاولت أن يكون لها دور في تحرير المناطق الخاضعة لداعش لتحقيق مكاسب مادية ومعنوية، لكن هذا الدور انتهى لصالح العشائر، لذلك ستعمل بكل قوتها لعرقلة تسليح العشائر".

اقرأ أيضاً: محاولات سياسيّة لشق عشائر الأنبار ومنع تسليحها

المساهمون