29 مارس 2018
مشكلة التواصل لدى المجتمع المغربي
"الجمال يتركّب من نظام الأشياء الكثيرة"، هذا ما قاله أرسطو، وفي اعتقادنا فإن التواصل هو الآخر يتركب من نظام هذه الأشياء الكثيرة، إذ يعدّ التواصل اللبنة الأساس في العلاقات الاجتماعية، وغالباً ما نلاحظ أن المجتمعات الغربية وصلت إلى مستوى متقدم جداً في التواصل، عكس المجتمعات العربية، خاصة المغرب الذي أصبحت آلية التواصل تتراجع فيه إلى الأسوأ، والتواصل يكتسي أهمية بالغة في قيام علاقات مادية ومعرفية بين الأفراد والجماعات، وهو ممارسة ضرورية في قطاعات متعددة، منها قطاع التربية والتعليم والأسرة والمجتمع والسياسة وغيرها... إذ تقوم بين أطرافه المختلفة علاقات تبادل المعرفة، وهو ليس مجرد تبليغ للمعلومات بطريقة خطية أحادية، ولكنه تبادل للأفكار والأحاسيس والوسائل التي قد تفهم وقد لا تفهم بنفس الطريقة.
التواصل داخل الأسرة المغربية
تعدّ الأسرة المدرسة الأولى لترسيخ قيم المجتمع، عن طريق التواصل الأسري، إلا أننا أصبحنا نشاهد في الآونة الأخيرة، ومما تنقله وسائل الإعلام حول التواصل داخل الأسرة، "الاغتراب الأسري"، وذلك نتيجة لمجموعة من التحوّلات التي أصبحت تعيشها الأسرة المغربية، ونجد أن أكبر معيقات التواصل داخل الأسرة سلطة الأب التي غالباً ما نجدها مرسخة في المجتمعات السلطوية، وبذلك نلاحظ بعض المشاكل الحقيقية التي أصبحت تلوح في الأفق بين الابن والأب لعدم نجاح العملية التواصلية، وقد أرجع معظم الدراسات المشكلة إلى تدنّي المستوى الثقافي للآباء. إذ لوحظ أن الأسر التي تنتمي إلى وسط سوسيو اقتصادي عالٍ ومستوى ثقافي راقٍ تكون فيها علاقة التواصل مستمرة، ما يؤثر إيجاباً في تنشئة الأبناء، عكس الأسر التي يكون مستواها الثقافي متدنياً. كما أننا نجد في بعض الأحيان أن عامل السن يساهم في انعدام التواصل وتقل فرص التفاهم وتبادل وجهات النظر وتبادل الأفكار.
ويلاحظ في الآونة الأخيرة تفشّي المشاكل داخل الأسر المغربية، خاصة بين الأزواج، ويرجع معظم هذه المشاكل إلى فشل عملية التواصل التي تعتبر الدعامة الأساس لاستقرار الأسر.
التواصل التعليمي في المنظومة التعليمية
بعد مرورنا داخل المنظومة التعليمية، نصطدم دائماً بإشكالية عدم التواصل الناتجة عن المنظومة التقليدية السلطوية، وهذا ما يؤثر في مردودية الأداء التربوي، ويكون بمثابة الجدار المانع لنجاح مخططات وبرامج التنمية، والتواصل التعليمي يرتكز في بنيته على ثلاث ركائز أساسية "المدرس، والمتعلم، والمنهج التعليمي"، فالمدرس والمتعلم يلعبان دائماً دور المرسل والمرسل إليه، أما المنهج فهو المضمون أو الرسالة.
لكن غالباً ما نجد أن إحدى هذه الركائز منعدمة، فقد نجد في بعض الأحيان أن المدرس عاش طفولة مقموعة أو تقليدية، يعيد إنتاجها وإحياءها عند تدريسه المتعلمين، أو يكون المتعلم في حالة انغلاق على الذات لأسباب أسرية أو اجتماعية أو نفسية، في غياب كفاءة المدرس لمحاولة التواصل معه من أجل إخراجه من تلك الحالة إلى مواكبة الواقع، تحت ذريعة أنه يحتاج إلى طبيب نفسي متخصص، وهنا يحضر تساؤل لماذا المدرس في المجتمعات الغربية هو السباق إلى ربط جسور التواصل مع هذه الفئة.
فحسب أحد الأساتذة: "لا يمكن أن يدرس التلميذ وهو مكتئب، لذلك يتم ربط جسور التواصل لإسعاده". أما بخصوص المنهج التعليمي فيفشل دائماً، كونه لا ينبع من حاجيات ومتطلبات المتعلمين، بل غالباً ما تتم استعارته من دولة أجنبية لها خصوصياتها المختلفة.
التواصل داخل المجتمع المغربي
كلما استقر حديثنا عند التواصل داخل المجتمع المغربي تتبادر إلى ذهننا الاختلالات التي تعوق تواصل المغاربة بعضهم مع بعض، إذ دائما ما نلاحظ أن عملية التواصل لديهم تميل إلى الصخب ومقاطعة حديث بعضهم البعض والتحدث في نفس الوقت.
إن السمة العامة التي تطغى على تواصل الفرد المغربي داخل المجتمع هي سوء التواصل الفعال بين أفراد المجتمع، وذلك غالباً ما يعزى إلى فشل التواصل الأسري أو التعليمي أو غيره من أنواع التواصل، كما أن التحولات التي عرفها المغرب منذ بداية القرن 20 إلى حدود اللحظة، قد ساهمت في ترسيخ مجموعة من الصفات السلبية التي تلغي عملية التواصل، مثل الصراخ أثناء الحديث أو سرعة الانفعال أو التعجرف أو الخجل أكثر من اللازم وغيرها من الصفات.
وفي غياب تكوين مستمر وفعال لأجل بناء التواصل بين أفراد المجتمع ومكوناته على جميع مستوياته ستظل هذه الأزمة مستمرة، لأنه يصعب تغيير عادات مجتمع ما بسهولة وبدون برامج تربوية تواصلية وتحسيسية مستمرة.
معوقات التواصل في المغرب حسب آراء بعض الأشخاص
عند قيامنا بطرح بعض التساؤلات على مغاربة حول آرائهم بخصوص التواصل في المغرب، لوحظ تقارب تام في وجهات نظرهم، فقد قال شاب عشريني إن التواصل داخل المجتمع المغربي مثله مثل "السوق أو الحمام"، الجميع يريد الحديث، والكل يريد فرض أفكاره والكل يعلم كل شيء وفي أي مجال، وأضاف قائلاً إن انعدام الثقة بالنفس والغير له سلبيات كبيرة في عملية التواصل، والسبب الراجح لكل هذا هو الوسط الذي ننشأ فيه.
وفي رأي آخر لشخص في سن المراهقة، فإن التواصل داخل المجتمع المغربي هو بمثابة البحث عن إبرة في ظل هيمنة الأفكار التقليدية والسلطوية التي ترسخها جميع مجالات الحياة داخل هذا البلد، في حين أن المراهقة تعتبر من أهم الفترات التي يجب ربط التواصل فيها مع هذه الفئة، وأضاف: "لا أستطيع تحمل تعجرف الكبار لأنهم عاشوا وقائع مريرة أثرت في حركة تواصلهم ويريدون ترسيخها فينا".
أما إحدى الشابات فترى أن عملية التواصل داخل المجتمع المغربي تجاه الأنثى تقتصر على التواصل الجنسي، بحسب تقديرها، من خلال التحرّش بها أو مضايقتها عن طريق أشكال التواصل غير اللفظي أو اللفظي، ما يجعلها دائماً عرضة للتحرش والعنف وغيرهما من الإشكالات التي تنبع من فشل توظيف العملية التواصلية، وأضافت أن التواصل، بحسب وجهة نظرها، شبه منعدم. وهنا تستمر الإشكالية في التعمّق والتوغل داخل المجتمع المغربي لتنتج إشكالات أكبر وربما أخطر من المتوقع كالإجرام والفساد وتراجع الأخلاق وغيرها.
ويلاحظ في الآونة الأخيرة تفشّي المشاكل داخل الأسر المغربية، خاصة بين الأزواج، ويرجع معظم هذه المشاكل إلى فشل عملية التواصل التي تعتبر الدعامة الأساس لاستقرار الأسر.
التواصل التعليمي في المنظومة التعليمية
بعد مرورنا داخل المنظومة التعليمية، نصطدم دائماً بإشكالية عدم التواصل الناتجة عن المنظومة التقليدية السلطوية، وهذا ما يؤثر في مردودية الأداء التربوي، ويكون بمثابة الجدار المانع لنجاح مخططات وبرامج التنمية، والتواصل التعليمي يرتكز في بنيته على ثلاث ركائز أساسية "المدرس، والمتعلم، والمنهج التعليمي"، فالمدرس والمتعلم يلعبان دائماً دور المرسل والمرسل إليه، أما المنهج فهو المضمون أو الرسالة.
لكن غالباً ما نجد أن إحدى هذه الركائز منعدمة، فقد نجد في بعض الأحيان أن المدرس عاش طفولة مقموعة أو تقليدية، يعيد إنتاجها وإحياءها عند تدريسه المتعلمين، أو يكون المتعلم في حالة انغلاق على الذات لأسباب أسرية أو اجتماعية أو نفسية، في غياب كفاءة المدرس لمحاولة التواصل معه من أجل إخراجه من تلك الحالة إلى مواكبة الواقع، تحت ذريعة أنه يحتاج إلى طبيب نفسي متخصص، وهنا يحضر تساؤل لماذا المدرس في المجتمعات الغربية هو السباق إلى ربط جسور التواصل مع هذه الفئة.
فحسب أحد الأساتذة: "لا يمكن أن يدرس التلميذ وهو مكتئب، لذلك يتم ربط جسور التواصل لإسعاده". أما بخصوص المنهج التعليمي فيفشل دائماً، كونه لا ينبع من حاجيات ومتطلبات المتعلمين، بل غالباً ما تتم استعارته من دولة أجنبية لها خصوصياتها المختلفة.
التواصل داخل المجتمع المغربي
كلما استقر حديثنا عند التواصل داخل المجتمع المغربي تتبادر إلى ذهننا الاختلالات التي تعوق تواصل المغاربة بعضهم مع بعض، إذ دائما ما نلاحظ أن عملية التواصل لديهم تميل إلى الصخب ومقاطعة حديث بعضهم البعض والتحدث في نفس الوقت.
إن السمة العامة التي تطغى على تواصل الفرد المغربي داخل المجتمع هي سوء التواصل الفعال بين أفراد المجتمع، وذلك غالباً ما يعزى إلى فشل التواصل الأسري أو التعليمي أو غيره من أنواع التواصل، كما أن التحولات التي عرفها المغرب منذ بداية القرن 20 إلى حدود اللحظة، قد ساهمت في ترسيخ مجموعة من الصفات السلبية التي تلغي عملية التواصل، مثل الصراخ أثناء الحديث أو سرعة الانفعال أو التعجرف أو الخجل أكثر من اللازم وغيرها من الصفات.
وفي غياب تكوين مستمر وفعال لأجل بناء التواصل بين أفراد المجتمع ومكوناته على جميع مستوياته ستظل هذه الأزمة مستمرة، لأنه يصعب تغيير عادات مجتمع ما بسهولة وبدون برامج تربوية تواصلية وتحسيسية مستمرة.
معوقات التواصل في المغرب حسب آراء بعض الأشخاص
عند قيامنا بطرح بعض التساؤلات على مغاربة حول آرائهم بخصوص التواصل في المغرب، لوحظ تقارب تام في وجهات نظرهم، فقد قال شاب عشريني إن التواصل داخل المجتمع المغربي مثله مثل "السوق أو الحمام"، الجميع يريد الحديث، والكل يريد فرض أفكاره والكل يعلم كل شيء وفي أي مجال، وأضاف قائلاً إن انعدام الثقة بالنفس والغير له سلبيات كبيرة في عملية التواصل، والسبب الراجح لكل هذا هو الوسط الذي ننشأ فيه.
وفي رأي آخر لشخص في سن المراهقة، فإن التواصل داخل المجتمع المغربي هو بمثابة البحث عن إبرة في ظل هيمنة الأفكار التقليدية والسلطوية التي ترسخها جميع مجالات الحياة داخل هذا البلد، في حين أن المراهقة تعتبر من أهم الفترات التي يجب ربط التواصل فيها مع هذه الفئة، وأضاف: "لا أستطيع تحمل تعجرف الكبار لأنهم عاشوا وقائع مريرة أثرت في حركة تواصلهم ويريدون ترسيخها فينا".
أما إحدى الشابات فترى أن عملية التواصل داخل المجتمع المغربي تجاه الأنثى تقتصر على التواصل الجنسي، بحسب تقديرها، من خلال التحرّش بها أو مضايقتها عن طريق أشكال التواصل غير اللفظي أو اللفظي، ما يجعلها دائماً عرضة للتحرش والعنف وغيرهما من الإشكالات التي تنبع من فشل توظيف العملية التواصلية، وأضافت أن التواصل، بحسب وجهة نظرها، شبه منعدم. وهنا تستمر الإشكالية في التعمّق والتوغل داخل المجتمع المغربي لتنتج إشكالات أكبر وربما أخطر من المتوقع كالإجرام والفساد وتراجع الأخلاق وغيرها.