ومن المنتظر أن تشهد الأيام القليلة القادمة تصعيدا وتحركات جديدة لعائلات شهداء وجرحى الثورة، بعد أن تواترت تصريحات مستفزة لرئيسة الحزب الحر الدستوري عبير موسي التي رفضت تلاوة الفاتحة على أرواح الشهداء في البرلمان بمناسبة إحياء ذكرى الثورة التاسعة، كما عبرت العائلات عن استيائها من كواليس المجلس، مساء أمس الخميس، بسبب ما وصفته بـ"الاستفزازات والإهانات من الحزب المذكور".
وأكدت رئيسة جمعية عائلات الشهداء وجرحى الثورة "أوفياء"، المحامية لمياء الفرحاني، لـ"العربي الجديد" "أنّهم يعملون على إيداع مشروع قانون يجرم كل اعتداء على الثورة والشهداء والمسّ بكرامتهم عائلاتهم، مؤكدة أنّه سبق لهم تقديم مشروع قانون في العام 2012 لكن المجلس التأسيسي لم يعمل على تمريره، وكان ذلك بالتوازي مع قانون تحصين الثورة، الأمر الذي كان سيجنب البلاد والمجلس ما يحصل اليوم من تشنجات وإساءات بسبب بقايا نظام (زين العابدين) بن علي"، حسب تعبيرها.
وبينت الفرحاني أن "لديهم العديد من التحركات القادمة من احتجاجات وبيانات وسيقدمون عريضة وشكوى للمحكمة لمقاضاة رئيسة الحزب الحر الدستوري عبير موسي المحسوبة على نظام بن علي، والتي ما فتئت تستفز بتصريحاتها عائلات شهداء وجرحى الثورة". وأشارت إلى "أنهم قد يضطرون إلى مقاضاتها دولياً، بخاصة بعدما أثبتت أنها ضدّ الثورة".
وأوضحت أنهم يحاولون لقاء رئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي، من أجل سنّ مشروع القانون المذكور، مؤكدة أن على الغنوشي وأحزاب الثورة تحمل مسؤوليتها لتمرير قانون تجريم الاعتداء على الثورة والشهداء والمصادقة عليه في أقرب الآجال.
وبينت الفرحاني أنّ رفض الحزب الحر الدستوري تلاوة الفاتحة على أرواح الشهداء بمناسبة ذكرى الثورة التاسعة لا يعد استفزازا للعائلات فقط، بل هو استفزاز للمحافظات التونسية التي شهدت أحداث الثورة وقدمت شهداء للوطن، وأيضا للشعب التونسي الذي ثار ضد نظام بن علي، مبينة أنّ هناك من يسعى إلى تحطيم وتشويه المسار ككل، ولكن كرامة جرحى وشهداء الثورة فوق أي اعتبار وتعتبر خطّاً أحمر لا يمكن المساس به.
وقالت المحامية إنّها شقيقة شهيد وأنهم دفعوا دماء أبنائهم التي لم تجف ثمناً للثورة، ومن أجل الحرية والديمقراطية، ولن يقبلوا أي حط من قيمة الشهداء، مشيرة إلى أنّهم كوّنوا لجنة دفاع ويدرسون حاليا العديد من المسائل لمقاضاة الحزب الحر الدستوري، وقد يصل الأمر إلى المطالبة بسحب الثقة من نوابه ورئيسته وتنحيتهم من المجلس.
وأشارت إلى أن "توطئة الدستور جاءت وفاء للشهداء وتكريما لثورة 17 ديسمبر/تشرين الثاني ومن يرفض المسار الثوري ولا يتقبل أن الواقع تغير، وأن نظام بن علي رحل، فإنه لا مجال له وممارسات الماضي لن تعود"، مضيفة أن "أغلبية الشعب التونسي وإرادته في التغيير هي التي أسقطت نظام بن علي".
ولفتت المحامية إلى أن "تمجيد الديكتاتورية لم يعد مقبولا وعائلات الشهداء ظلت بعيدة طيلة سنوات عن السياسة، ولكن إقحامها في الشأن السياسي والإساءات التي ما فتئت تلاحقهم هو ما دفعهم إلى المطالبة بتجريم كل اعتداء على الثورة والشهداء وهم متمسكون بمطلبهم إلى أن يتحقق".