بدوره، أفاد نائب رئيس لجنة الأمن والدفاع العراقية إسكندر وتوت، في حديث لـ"العربي الجديد"، بأنه "قبل مدة نشرت صحيفة عربية تحقيقاً حول هذه الشركة، أوضحت لنا فعلاً أن هناك معلومات عن أن هذه الشركة هي نفسها بلاك ووتر والآن هناك عملية تحقيق وتدقيق في سجلها". وأضاف أن "الأشخاص الذين كانوا موجودين في بلاك ووتر ومتهمين بجرائم من قبل القضاء العراقي، هم أنفسهم موجودون بأوليف وجاري التدقيق حالياً من قبل الحكومة بعد مطالبة البرلمان العراقي بذلك قبل مدة".
من جانبه، أفاد عضو مجلس محافظة الأنبار (الحكومة المحلية) فهد الراشد، بأن "الحكومة العراقية في بغداد لم تبلغّنا حتى الآن بإيقاف الشركة أو فسخ العقد بخصوص تأمينها الطريق الدولي السريع". وبيّن أن "دور الحكومة المحلية يقتصر على الإشراف والمتابعة أثناء مراحل العمل". وذكر أن "الشركة المعنية أبرمت العقد بحضور ممثلين عن الحكومة المركزية ووزارة النقل والجسور وعمليات التأهيل، الموجودة حالياً على الطريق الدولي تتم من خلال منظمات دولية ومن صندوق إعادة الإعمار الحكومي ومن البنك الدولي، لا من الشركة، وتسير بوتيرة متصاعدة حالياً".
ولفت إلى أن "الكشف عن سجل وتاريخ الشركة أخيراً كان سبباً مباشراً في المشاكل التي حالت دون مباشرتها، وهناك ضغوط من كتل سياسية على رئيس الوزراء لفسخ العقد بسبب شبهات فساد وجرائم متورطة بها بدول عدة". ونوّه إلى أن "احتمالات مباشرة الشركة بتنفيذ العقد ضعيفة".
وسبق أن أعلنت لجنة الأمن والدفاع العراقية في البرلمان في الرابع من يوليو/تموز الماضي، عن استضافة رئيس الوزراء حيدر العبادي، إثر تقرير صحافي كشف بأن "شركة أوليف الأمنية التي تم التعاقد معها، هي نفسها بلاك ووتر الأميركية للخدمات الأمنية السابقة، التي تم طردها من العراق ومملوكة لحكومة أبوظبي".
وقال مقرر لجنة الأمن والدفاع في البرلمان، ماجد الغراوي، في تصريح من داخل مبنى البرلمان، إن "اللجنة طالبت بإلغاء العقد المبرم مع الشركات الأمنية أخيراً، سواء الأميركية أو غيرها، والاعتماد على القوات الأمنية العراقية بدلاً منها". وأضاف بأنّه "خلال الأيام المقبلة، ستتم استضافة رئيس الوزراء في البرلمان بشأن موضوع شركة بلاك ووتر الأميركية وعودتها بمسمى آخر". وأصدرت اللجنة بيان قالت فيه إن "لجنة الأمن والدفاع تحمّل الحكومة العراقية مسؤولية عودة بلاك ووتر إلى العراق بغطاء جديد".
وخرجت "بلاك ووتر" من العراق بقرار برلماني، بسبب ما عرف حينها بـ"مذبحة ساحة النسور" في بغداد، منتصف سبتمبر/أيلول 2007، عندما أقدم عناصر الشركة على فتح النار على سيارات مدنية تقل عائلات عراقية بحي المنصور وسط العاصمة، ما أدى إلى سقوط 41 مدنياً بين قتيل وجريح بينهم أطفال.
قرار الطرد اعتبر حينها نصراً شعبياً للعراقيين، لكن الشركة عادت من جديد إلى العراق، عبر سلسلة استثمارات وعقود شراكة جديدة وبمبالغ مالية كبيرة تدفع بعضها حكومة بغداد والأخرى بطريقة الاستثمار، كان آخرها عقداً ضخماً لمدة 25 عاماً، غير أنها دخلت إلى السوق العراقية هذه المرة تحت اسم مختلف وعنوان آخر، وهو شركة "أوليف" للخدمات الأمنية أو شركة "الزيتونة للخدمات الأمنية"، وتملكها حكومة أبوظبي، ويديرها حالياً نفس مؤسس "بلاك ووتر" الضابط السابق بالجيش الأميركي، إيريك برنس، الملاحق قضائياً بتهم عدة، بينها جنائية وأخرى تهرب ضريبي.
برنس، المؤسس المشرف العام على عمليات الشركة وحركتها، من مقر إقامته في أبوظبي، هو نفسه من يدير شركة (R2) للخدمات الأمنية في أبوظبي أيضاً. وتم اعتماد الشركة الجديدة إماراتياً باسم (شركة الزيتونة للخدمات الأمنية) ودولياً تعرف باسم "شركة أوليف".
وعلى خلاف شركة (R2) التي تضطلع بـ"عمليات سرية" لصالح أبوظبي في اليمن وليبيا وأفغانستان منذ عام 2013، بالتزامن مع ثورات الربيع العربي، بإدارة عليا من إيريك برنس نفسه وتسعة من قادة وحدات عمليات "بلاك ووتر" السابقين، فإن شركة "أوليف" حصلت على اعتماد عالمي كشركة دولية إماراتية في أكتوبر/تشرين الأول 2013، من خلال ترخيص معتمد من قبل هيئة الترخيص الدولية، "إنترتك"، وفقاً لمعايير شركات الأمن الخاصة "PSC1"، بحسب تصريح مدير مجموعة الأمن في البيئات الأمنية المعقدة في شركة "أوليف"، الضابط السابق في البحرية الأميركية، بول غيبسون، الذي أكد أن "الشركة حصلت على الترخيص بموجب مراجعة معاييرها في الفحص والعمل الميداني والتدقيق للأفراد وعمليات شراء الأسلحة والتراخيص لحمل الأسلحة النارية وطريقة إدارتها".