عمر الشريف" (Getty)
13 سبتمبر 2020
+ الخط -

مشاريع سينمائية عربية عديدة تُقدَّم إلى سوق "مهرجان مالمو للسينما العربية (السويد)" ومنتداها، للحصول على منحٍ مالية تساهم في تحقيقها وإنهاء الاشتغال عليها. وكعادة السوق والمنتدى منذ أعوام، تُمنح مشاريع ـ تختارها لجان تحكيم ـ مساعدات مالية كمنحٍ في مرحلتي التطوير وما بعد الإنتاج، المهمّتين في لحظة تحويل المشروع إلى فيلمٍ متكامل.
المشاريع المختارة للدورة الـ10، التي يُفترض بها أنْ تُقام بين 8 و13 أكتوبر/ تشرين الأول 2020 (علماً أنّ سوق ومنتدى المهرجان باتا في دورتهما السادسة) تؤكّد أساساً أنّ الحركة السينمائية العربية تستمرّ في إفراز عناوين وأعمالٍ وحكايات، وأنّها تنتظر أي فرصة إنتاجية للبدء بتنفيذها أو لإكمال تنفيذها، رغم العوائق كلّها، وأبرزها تفشّي وباء كورونا. وبصرف النظر عن مدى تمكّن إدارة المهرجان العربي في السويد من تنظيم الدورة الاحتفالية تلك، أو لا، فإنّ الإعلان عن تلك المشاريع (21 مشروعاً)، المختارة من 80 مشروعاً، يعكس حيوية اشتغال لا يحول دون استكمالها أيّ عذرٍ صحي أو إنتاجي.
في فئة المشاريع الخاصة بمرحلة التطوير، هناك 5 أفلام روائية طويلة و3 وثائقيات و5 أفلام قصيرة، وفي فئة المشاريع الخاصة بمرحلة ما بعد الإنتاج، هناك 8 عناوين لأفلام روائية طويلة. هذا دليل عافية، وإنْ يُفترض بالمهتمّ انتظار النتائج النهائية لتحقيق هذه المشاريع، وتحوّلها إلى أفلام جاهزة للمُشاهدة. لكن الأرقام المذكورة منتقاة من أصل عشرات المشاريع الأخرى المُقدَّمة، التي تؤكّد أنّ السينما العربيّة مستمرّة في توليد أفكارٍ وحكايات وانفعالات، على أمل أنْ تكون الأفلام الجاهزة للمُشاهدة جديرة بتلك الأفكار والحكايات والانفعالات. علماً أنّ غالبية المشاريع المُقدَّمة إلى سوق ومنتدى "مهرجان مالمو للسينما العربية" محضّرة قبل تفشّي وباء "كورونا"، أو في بدايات تفشّيه. بينما يقتصر دورهما (السوق والمنتدى) على تسهيل حصول المشاريع الفائزة على منحٍ مالية مطلوبة.
ضمن مشاريع مرحلة التطوير، هناك "الجنائن المعلّقة" (العراق/ الولايات المتحدّة الأميركية/ السويد، 90 د.) لأحمد ياسين: حكاية شقيقين عراقيين (12 و28 عاماً) يعانيان وطأة النزاعات المسلّحة لمليشيات مختلفة تسيطر على حيّ من أحياء بغداد، تدور فيه أحداث الفيلم؛ و"البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو" (مصر/ السويد، 115 د.) لخالد منصور: يعيش حسين (في الثلاثينيات من عمره) مع أمّه وكلبه رامبو، صديقه الأقرب إليه، في حيّ شعبي فقير قديم. يكره التزام عملٍ ثابت، لكنّ ضغوط أمّه بضرورة ذلك لإعانتها على تحمّل مصاريف العيش، وتهديدها إياه بوقف الأموال القليلة التي تعطيها له، يدفعه إلى اتّخاذ قرار العودة إلى عمله القديم لدى شيكو، بائع سندويتشات. ثم تحدث معه أمورٌ مختلفة، يتورّط فيها.
أخيراً، هناك "الحجّ إلى ديزني" (السعودية/ الولايات المتحدّة الأميركية/ السويد، 90 د.) لمها الساعاتي: آسيا، امرأة غير متزوّجة تُقيم في مكّة. جذّابة، ذات آراء قوية. لكنّها قلقة حيال معرفتها أنّ للمرأة مخزوناً محدوداً من البويضات تنفد مع بلوغها الأربعين، ما يفقدها القدرة على الإنجاب. قبل أن تجد الزوج المناسب. أحبّت يزن، لكنّه يُغادر البلد فجأة من دون وداعها، بعد أنْ ضاق ذرعاً بالمجتمع. حكايات متتالية تكشف جوانب من قسوة العيش ومآزق الحياة.

المشاريع الأخرى متنوّعة الحكايات، مع سمات عامة مشتركة، تُتيح للمخرجين تنقيباً في أحوال الفرد وجماعته، وفي مصائب عيشه ومساراته ومصيره، وفي انفعالاتٍ ومناخاتٍ تعكس شيئاً من راهن الحياة وذاكرة الناس. بالإضافة إلى تنويعات أخرى، منها "حياة وأيام عمر الشريف" (السويد/ مصر/ المملكة المتحدة، في 3 لغات: العربية والإنكليزية والفرنسية، 90 د.) لأكسل بيترسن ومارك لطفي، وفيه يرويان سيرة الممثل عمر الشريف، "الذي عاش حياةً مليئة بالتحدّيات والقمار وسحر شخصيات سينمائية عدّة"، أدّاها بإدارة مخرجين كثيرين. وعبر حياة الشريف، يغوص الفيلم في رحلة المتغيّرات الطارئة في السياسة والاجتماع والثقافة، في مصر وفرنسا وهوليوود، بين عامي 1932 و2015.
أما الوثائقي "يلا باركور" (السويد/ فلسطين/ الأردن/ الولايات المتحدة الأميركية، 90 د.) لعريب زعيتر، فيتجوّل في مدينة استوكهولم (عام 2021) بحافلة، فيظهر أحمد الذي قرّر نشر ثقافة الـ"باركور" بمهاراتها كلّها: "الحیاة التي تخلّى عنها یُقدّرها كثیراً، لكنّها مليئة بالهموم". في الوقت نفسه، هناك قطاع غزة وخان یونس، لكن عام 2015، مع أحمد نفسه حين كان يبلغ 19 عاماً، وعبدالله (19 عاماً) ومحمد (22 عاماً) وجهاد (25 عاماً). شبابٌ ینتمون إلى جیل الألفیة، وهم رفاق لا يفترق أحدهم عن الآخر: "في عصر الإعلام والمعلومات، حیث الحیاة في سباق مع الزمن، یسارع هؤلاء الأصحاب للحاق به". هناك التزامات عائلیة تُعيق جهاد عن تحقيق طموحه، بينما تنصبّ جهود عبدالله على نيل شهادة جامعیة وكسب الرزق. يُصاب محمد، فيُمنع عن متابعة تمارينه الرياضية، لكنّ أحمد يُحقِّق حلمه، وأحلام معظم شباب جيله في غزّة: مغادرة القطاع". يريد الحرية خارج مدينته المحاصرة، وبعد خروجه يجهد في مساعدة أصدقائه القدماء على مغادرة غزة.

المساهمون