يبدو أن مشاريع تطوير البنية التحتية لدول الشرق الأوسط لتداول الغاز الطبيعي وإسالته، ستكون مدخلاً أساسياً للمضي قدماً في مشاريع التسوية بين الأنظمة العربية وإسرائيل، ليس فقط لتمرير "صفقة القرن" التي تروّج لها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ويحاول صهره ومستشاره جاريد كوشنر هذه الأيام انتزاع موافقات نهائية من الدول العربية بشأنها، والهادفة فعلياً لتصفية القضية الفلسطينية، ولكن أيضاً لإقرار واقع جديد تدخل فيه دول الخليج العربي وعلى رأسها السعودية في علاقات سلام وتعاون دائمين مع إسرائيل، في خطوة جديدة ستكون تكليلاً لمسلسل طويل من محاولات التقريب بلغت ذروتها بتوقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية بمباركة إسرائيلية، ونقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير إلى المملكة، لتدخل بذلك طرفاً في العلاقات الأمنية والسياسية القائمة بين مصر والأردن وإسرائيل. وأجرى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس، مباحثات مع كوشنر في القاهرة، الذي يقوم بجولة في المنطقة للترويج لـ"صفقة القرن".
وجاءت تصريحات الوزير والبرلماني الإسرائيلي السابق أيوب قرا لوكالة "بلومبيرغ"، أمس الخميس، عن دراسة السعودية شراء الغاز الطبيعي من إسرائيل، كأحدث مؤشر على تقارب العلاقات بين الدولتين اللتين تعتبران رسمياً في حالة قطيعة منذ 1948، إذ تمتنع الرياض حتى الآن عن الاعتراف بها، لتفتح مجالاً جديداً لطرح تصورات لتدشين مشاريع مشتركة بين دول المنطقة في ساحة البحر الأحمر برعاية أميركية، وبما يعود صورياً على كل الأطراف بالفوائد والأرباح الاقتصادية في المقام الأول.
وقال مصدر دبلوماسي مصري لـ"العربي الجديد"، إن المعلومات التي كشف عنها قرا المعروف بعلاقته الوطيدة برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تتوافق تماماً مع معلومات قوية تتداولها الأوساط الدبلوماسية والمهتمة بالطاقة في مصر أخيراً بمناسبة انعقاد منتدى شرق المتوسط للغاز الأسبوع الماضي، مفادها أن "مصر وإسرائيل تدرسان حالياً إقامة وحدة أو وحدتين لإسالة الغاز الطبيعي الإسرائيلي والمصري في البحر الأحمر، بهدف تصديره إلى الخليج ودول آسيا، لمزاحمة أكبر الدول المصدّرة للغاز إلى الدول الصناعية الكبرى في جنوب آسيا والمعروفة بأنها من الأكثر استهلاكاً للطاقة في العالم مثل الصين واليابان".
وأضاف المصدر أن هناك تواصلاً رسمياً بين إسرائيل ومصر على المستوى الاستخباراتي والحكومي لتطوير هذه الفكرة بطرق مختلفة، مدعوماً برغبة بعض الشركات الناشطة في هذا المجال بالبلدين، في ضوء التعاون المتقدّم بين شركات "نوبل إينرجي" الأميركية، و"ديليك" الإسرائيلية، و"غاز الشرق" المصرية المملوكة حالياً للدولة ممثلة في جهاز المخابرات العامة وهيئة البترول (تختلف عن شركة غاز شرق البحر المتوسط محل الصفقة ومالكة شبكة الأنابيب بين البلدين) وكذلك "دولفينوس" المملوكة لمستثمرين مصريين، مشيراً إلى أن "مشروعاً كبيراً كهذا سيثير منافسة كبيرة على الاستثمار فيه بين عمالقة الغاز في العالم".
وذكر المصدر أن المعلومات المتداولة تشير إلى إمكانية دخول السعودية كطرف في هذا المشروع، فهي في حاجة إلى الغاز الإسرائيلي، وإسرائيل في حاجة إلى وحدة لإسالة الغاز لضمان تحقيق قدر أكبر من الأرباح عند التصدير، أما مصر فقد أبدت للجانب الإسرائيلي استعدادها لإقامة وحدة الإسالة في منطقة صناعية جديدة على شاطئ البحر الأحمر كجزء من مساعي نظام السيسي لجذب الاستثمارات الأجنبية لمنطقة الصحراء الشرقية وجنوب السويس وتوفير المزيد من فرص العمل المؤقتة والدائمة، كما حدث لدى إنشاء وحدتي الإسالة اللتين تتميز مصر بهما في هذه المنطقة، على شاطئ البحر المتوسط، في إدكو ودمياط.
اقــرأ أيضاً
وأوضح المصدر أنه "في حال اتفاق الأطراف الثلاثة على تطوير المشروع بهذه الصورة، فسوف يتحتم على السعودية تمويل الجزء الأكبر منه، مقابل الحصول على حصتها من الغاز المسال بصفة دائمة والتشارك مع الجارتين الأخريين في أرباح التصدير على المدى الطويل"، لافتاً إلى أن "بعض ممثلي الشركات الذين تواصلوا مع المسؤولين المصريين والإسرائيليين الأسبوع الماضي أبدوا على هامش منتدى شرق المتوسط للغاز، حماستهم للمشاركة في مثل هذه المشاريع الضخمة، وضخ مليارات الدولارات فيها مقابل الاستغلال الحصري للإنتاج"، الأمر الذي يبدو مؤجلاً حالياً إلى حين حسم مدى استعداد السعودية للتشارك فيه.
ولا يمكن النظر إلى هذا المشروع باعتباره الوحيد الذي يمكن تنفيذه في منطقة البحر الأحمر، فبعد إقرار اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، بدأت الدولتان البحث عن استغلال الغاز في المنطقة الاقتصادية لكل منهما، وفقاً لتصريحات الوزير السعودي خالد الفالح في مارس/ آذار الماضي، الذي تحدث عن أن الشركة المحلية "أرامكو" ستعمل على التنقيب خلال العامين المقبلين. وفي الشهر ذاته أعلنت وزارة البترول المصرية من خلال شركة "جنوب الوادي" الحكومية عن طرح مزايدة عالمية للبحث والتنقيب والاستغلال في 10 قطاعات بالبحر الأحمر وانتهت، أمس الخميس، مدة تلقي العروض.
ووفقاً للشق المالي من "صفقة القرن" والذي انفردت "العربي الجديد" بنشر تفاصيله عشية ورشة المنامة التي عقدت يومي 25 و26 يونيو/ حزيران الماضي، فإن دول الخليج العربي، وبالأخص السعودية والإمارات والكويت، ستموّل أكثر من 50 في المائة من المبالغ المخصصة لمصر وقيمتها 9.167 مليارات دولار، في شكل قروض. وتفرد الصفقة أولوية واضحة لمشاريع ربط الطاقة والاستثمار فيها بين مصر وإسرائيل والدولة الفلسطينية لتوفير فرص العمل للفلسطينيين والمصريين وزيادة العوائد المالية على القاهرة. ومن المقرر أن يتم تخصيص مليار و500 مليون دولار لدعم الجهود المصرية المشتركة مع الإسرائيليين لإنشاء مركز إقليمي كبير للغاز الطبيعي في مصر، وتوظيف الإنتاج الكبير من الحقول المصرية وتحسين جودة شبكات نقل الغاز والغاز المسال، وذلك على مدار 5 سنوات، وتخصيص 5 مليارات دولار كاملة لدعم البنية التحتية للدولة المصرية بصفة عامة، نصفها في صورة قروض على مدار 10 سنوات، وتخصيص نصف مليار دولار لدعم الجهود المصرية لإنشاء وتطوير المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وزيادة المشاريع والمصانع والمناطق اللوجستية فيها، مع تخصيص نسبة من العمالة المؤقتة والدائمة فيها للفلسطينيين.
وفي إبريل/ نيسان الماضي، قالت مصادر مصرية لـ"العربي الجديد"، إن السيسي ناقش مع ترامب ومستشاريه في واشنطن مسألتين تحتلان صدارة الاهتمام الأميركي حالياً في ما يخص التجهيز لـ"صفقة القرن"، الأولى هي تنسيق الملف الأمني في غزة والسيطرة على حركة "حماس" وتحجيم قوتها العسكرية، والثانية هي مستقبل العلاقات العربية الإسرائيلية، إذ تربط إدارة ترامب إمكانية حدوث انفراجة في ما يتعلق بالأوضاع الإنسانية في غزة وتمكين الفلسطينيين من إقامة دولة قابلة للحياة، بضرورة انخراط أكبر عدد ممكن من الدول العربية في علاقات حية ومستدامة مع الإسرائيليين، الأمر الذي لا يرفضه السيسي بالطبع، لكنه يختلف مع ترامب في ترتيب الأولويات، ويرى أن الأوضاع قد تنفجر بما يستحيل السيطرة عليها في غزة تحديداً.
وقبل ذلك، كان السيسي وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، قد أعلنا تبرؤهما من "صفقة القرن" بسبب خلافات مع ترامب وإسرائيل حول بعض النقاط العالقة، ومن بينها، بحسب المصادر، حجم المساعدات المخصصة لمواجهة الإرهاب في سيناء. وتحدث السيسي في نهاية يوليو/ تموز 2018 في المؤتمر السادس للشباب في جامعة القاهرة واصفاً "صفقة القرن" بأنها "تعبير إعلامي أكثر من كونها اتفاقاً سياسياً"، مشيراً بعبارات قريبة من التنصل من الصفقة إلى أن مصر "تمارس بهدوء دوراً تحاول أن يكون إيجابياً لإيجاد مخرج مقنع لحل القضية الفلسطينية"، وذلك بعد عام ونصف تقريباً من إعلان تأييده المطلق للصفقة خلال زيارته لواشنطن في إبريل/ نيسان 2017.
وكان هذا الإعلان تالياً مباشرة لنشر وكالة "رويترز" معلومات من مصادر سعودية نافذة بأن الرياض طمأنت حلفاءها العرب بأنها لن توافق على أي خطة للسلام في الشرق الأوسط لا تعالج وضع القدس أو حق العودة للاجئين، أي أنها عادت لتتمسك بمبادرة السلام العربية التي أطلقت منذ 16 عاماً، إلى جانب أن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز استحوذ على ملف القضية وأبعد عنها ولي عهده الأمير محمد المعروف بتأييده المطلق للصفقة وتمويلها.
اقــرأ أيضاً
وجاءت تصريحات الوزير والبرلماني الإسرائيلي السابق أيوب قرا لوكالة "بلومبيرغ"، أمس الخميس، عن دراسة السعودية شراء الغاز الطبيعي من إسرائيل، كأحدث مؤشر على تقارب العلاقات بين الدولتين اللتين تعتبران رسمياً في حالة قطيعة منذ 1948، إذ تمتنع الرياض حتى الآن عن الاعتراف بها، لتفتح مجالاً جديداً لطرح تصورات لتدشين مشاريع مشتركة بين دول المنطقة في ساحة البحر الأحمر برعاية أميركية، وبما يعود صورياً على كل الأطراف بالفوائد والأرباح الاقتصادية في المقام الأول.
وأضاف المصدر أن هناك تواصلاً رسمياً بين إسرائيل ومصر على المستوى الاستخباراتي والحكومي لتطوير هذه الفكرة بطرق مختلفة، مدعوماً برغبة بعض الشركات الناشطة في هذا المجال بالبلدين، في ضوء التعاون المتقدّم بين شركات "نوبل إينرجي" الأميركية، و"ديليك" الإسرائيلية، و"غاز الشرق" المصرية المملوكة حالياً للدولة ممثلة في جهاز المخابرات العامة وهيئة البترول (تختلف عن شركة غاز شرق البحر المتوسط محل الصفقة ومالكة شبكة الأنابيب بين البلدين) وكذلك "دولفينوس" المملوكة لمستثمرين مصريين، مشيراً إلى أن "مشروعاً كبيراً كهذا سيثير منافسة كبيرة على الاستثمار فيه بين عمالقة الغاز في العالم".
وذكر المصدر أن المعلومات المتداولة تشير إلى إمكانية دخول السعودية كطرف في هذا المشروع، فهي في حاجة إلى الغاز الإسرائيلي، وإسرائيل في حاجة إلى وحدة لإسالة الغاز لضمان تحقيق قدر أكبر من الأرباح عند التصدير، أما مصر فقد أبدت للجانب الإسرائيلي استعدادها لإقامة وحدة الإسالة في منطقة صناعية جديدة على شاطئ البحر الأحمر كجزء من مساعي نظام السيسي لجذب الاستثمارات الأجنبية لمنطقة الصحراء الشرقية وجنوب السويس وتوفير المزيد من فرص العمل المؤقتة والدائمة، كما حدث لدى إنشاء وحدتي الإسالة اللتين تتميز مصر بهما في هذه المنطقة، على شاطئ البحر المتوسط، في إدكو ودمياط.
وأوضح المصدر أنه "في حال اتفاق الأطراف الثلاثة على تطوير المشروع بهذه الصورة، فسوف يتحتم على السعودية تمويل الجزء الأكبر منه، مقابل الحصول على حصتها من الغاز المسال بصفة دائمة والتشارك مع الجارتين الأخريين في أرباح التصدير على المدى الطويل"، لافتاً إلى أن "بعض ممثلي الشركات الذين تواصلوا مع المسؤولين المصريين والإسرائيليين الأسبوع الماضي أبدوا على هامش منتدى شرق المتوسط للغاز، حماستهم للمشاركة في مثل هذه المشاريع الضخمة، وضخ مليارات الدولارات فيها مقابل الاستغلال الحصري للإنتاج"، الأمر الذي يبدو مؤجلاً حالياً إلى حين حسم مدى استعداد السعودية للتشارك فيه.
ووفقاً للشق المالي من "صفقة القرن" والذي انفردت "العربي الجديد" بنشر تفاصيله عشية ورشة المنامة التي عقدت يومي 25 و26 يونيو/ حزيران الماضي، فإن دول الخليج العربي، وبالأخص السعودية والإمارات والكويت، ستموّل أكثر من 50 في المائة من المبالغ المخصصة لمصر وقيمتها 9.167 مليارات دولار، في شكل قروض. وتفرد الصفقة أولوية واضحة لمشاريع ربط الطاقة والاستثمار فيها بين مصر وإسرائيل والدولة الفلسطينية لتوفير فرص العمل للفلسطينيين والمصريين وزيادة العوائد المالية على القاهرة. ومن المقرر أن يتم تخصيص مليار و500 مليون دولار لدعم الجهود المصرية المشتركة مع الإسرائيليين لإنشاء مركز إقليمي كبير للغاز الطبيعي في مصر، وتوظيف الإنتاج الكبير من الحقول المصرية وتحسين جودة شبكات نقل الغاز والغاز المسال، وذلك على مدار 5 سنوات، وتخصيص 5 مليارات دولار كاملة لدعم البنية التحتية للدولة المصرية بصفة عامة، نصفها في صورة قروض على مدار 10 سنوات، وتخصيص نصف مليار دولار لدعم الجهود المصرية لإنشاء وتطوير المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وزيادة المشاريع والمصانع والمناطق اللوجستية فيها، مع تخصيص نسبة من العمالة المؤقتة والدائمة فيها للفلسطينيين.
وفي إبريل/ نيسان الماضي، قالت مصادر مصرية لـ"العربي الجديد"، إن السيسي ناقش مع ترامب ومستشاريه في واشنطن مسألتين تحتلان صدارة الاهتمام الأميركي حالياً في ما يخص التجهيز لـ"صفقة القرن"، الأولى هي تنسيق الملف الأمني في غزة والسيطرة على حركة "حماس" وتحجيم قوتها العسكرية، والثانية هي مستقبل العلاقات العربية الإسرائيلية، إذ تربط إدارة ترامب إمكانية حدوث انفراجة في ما يتعلق بالأوضاع الإنسانية في غزة وتمكين الفلسطينيين من إقامة دولة قابلة للحياة، بضرورة انخراط أكبر عدد ممكن من الدول العربية في علاقات حية ومستدامة مع الإسرائيليين، الأمر الذي لا يرفضه السيسي بالطبع، لكنه يختلف مع ترامب في ترتيب الأولويات، ويرى أن الأوضاع قد تنفجر بما يستحيل السيطرة عليها في غزة تحديداً.
وقبل ذلك، كان السيسي وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، قد أعلنا تبرؤهما من "صفقة القرن" بسبب خلافات مع ترامب وإسرائيل حول بعض النقاط العالقة، ومن بينها، بحسب المصادر، حجم المساعدات المخصصة لمواجهة الإرهاب في سيناء. وتحدث السيسي في نهاية يوليو/ تموز 2018 في المؤتمر السادس للشباب في جامعة القاهرة واصفاً "صفقة القرن" بأنها "تعبير إعلامي أكثر من كونها اتفاقاً سياسياً"، مشيراً بعبارات قريبة من التنصل من الصفقة إلى أن مصر "تمارس بهدوء دوراً تحاول أن يكون إيجابياً لإيجاد مخرج مقنع لحل القضية الفلسطينية"، وذلك بعد عام ونصف تقريباً من إعلان تأييده المطلق للصفقة خلال زيارته لواشنطن في إبريل/ نيسان 2017.
وكان هذا الإعلان تالياً مباشرة لنشر وكالة "رويترز" معلومات من مصادر سعودية نافذة بأن الرياض طمأنت حلفاءها العرب بأنها لن توافق على أي خطة للسلام في الشرق الأوسط لا تعالج وضع القدس أو حق العودة للاجئين، أي أنها عادت لتتمسك بمبادرة السلام العربية التي أطلقت منذ 16 عاماً، إلى جانب أن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز استحوذ على ملف القضية وأبعد عنها ولي عهده الأمير محمد المعروف بتأييده المطلق للصفقة وتمويلها.