بين الانتخابات التشريعية الجزئية، التي شهدتها مدينتا تطوان وسطات في المغرب قبل أيام قليلة، والانتخابات الجزئية ليوم الخامس من أكتوبر المقبل، يبقى التنافس على حاله بين الأحزاب المغربية، التي لا تنفك تعلن عن قدرتها على الاكتساح، فيما شهدت تلك الانتخابات مشاركة محدودة من المواطنين.
وتجري الانتخابات الجزئية في بعض مدن المملكة، ويتبارى حولها عدد من الأحزاب السياسية المعنية، استناداً إلى قرارات المحكمة الدستورية التي ألغت بعض المقاعد البرلمانية جراء تسجيل خروقات خلال الانتخابات التشريعية ليوم السابع من أكتوبر الماضي.
وفي مدينة سطات اتسمت الانتخابات الجزئية بمشاركة ضعيفة من طرف الناخبين، وكسب المقعد مرشح حزب الأصالة والمعاصرة، وحل في المرتبة الثانية حزب الاستقلال، وجاء العدالة والتنمية ثالثاً، بعد أن كان هو الفائز بالمقعد في انتخابات 7 أكتوبر 2016.
وبعد هزيمته في الظفر بالمقعد البرلماني لدائرة سطات، اتهم حزب العدالة والتنمية مرشح الأصالة والمعاصرة باستخدام "المال الحرام"، كما لمح إلى ما سماه "الحياد السلبي" للسلطة في الدائرة الانتخابية.
وأما في الدائرة الانتخابية لمدينة تطوان، فقد فاز من جديد حزب العدالة والتنمية، وهو فوز اعتبره الحزب الأغلبي "تكريساً لقوته التنظيمية"، فيما يشحذ أسلحته الانتخابية للظفر بمقعد مدينة أغادير في 5 أكتوبر المقبل، في تنافس مع أحزاب الأحرار والأصالة والمعاصرة والاتحاد الاشتراكي.
ويرى معلقون أن نتائج الانتخابات الجزئية في كل من سطات وتطوان أظهرت تراجع حزب العدالة والتنمية، باعتبار أنه فقد مقعد مدينة سطات، وأما في مقعد تطوان فقد كان الظفر به محفوفاً بمشاركة ضعيفة وتراجع في عدد الأصوات.
وفي قراءة لمسار الانتخابات الجزئية بالمغرب، قال الدكتور أحمد مفيد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة فاس، إن هذه الانتخابات التي عرفتها كل من تطوان وسطات تؤكد الأزمة التي تعرفها الممارسة السياسية بالمغرب.
وسجل مفيد، ضمن تصريحات لـ"العربي الجديد"، أربعة معطيات رئيسية؛ الأول عزوف الأحزاب عن الترشيح، ففي تطوان مثلاً كان هناك مرشح حزب العدالة والتنمية ومرشحة فيدرالية اليسار، ليبقى السؤال أين هي الأحزاب الأخرى، وما هي حساباتها السياسية المتحكمة في عملية الترشيح.
المعطى الثاني، وفق مفيد، هو "عزوف الناخبين عن المشاركة، فنسبة المشاركة لم تتعد في تطوان مثلاً 6 في المائة، وهذا دليل واضح على تذمر الناخبات والناخبين من العملية الانتخابية وفقدانهم للثقة بالتنظيمات والممارسة السياسية، كما هي معمول بها في التجربة المغربية".
ويضيف المحلل المغربي ملاحظة ثالثة تتمثل في ارتفاع نسبة الأوراق البيضاء والملغاة، "وهذا دليل قاطع على أن حتى نسبة معينة من الناخبين الذين توجهوا لمكاتب التصويت لم يكونوا راضين عن المرشحين، ولا عن التنظيمات السياسية التي رشحتهم".
أمّا الملاحظة الرابعة، فهي استمرار استعمال بعض الأساليب غير القانونية في الانتخابات، حيث كانت هناك مثلاً في سطات عدة تهم بخصوص استعمال المال لشراء أصوات الناخبين.
وخلص المتحدث إلى أن هذه النتائج تؤشر على ما أسماه "أزمة الممارسة السياسية" بالمغرب، ما يدعو إلى ضرورة تبني إجراءات استعجالية لرد الثقة للعمل السياسي وللأحزاب السياسية.
ودعا مفيد إلى ضرورة الاستعجال بمصالحة المواطنات والمواطنين مع العمل السياسي في البلاد، "وهذا الأمر لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال محاربة كل أشكل ومظاهر الفساد"، وفق تعبيره.