مسيحيو فلسطين يرفضون خطة ترامب للاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل

05 ديسمبر 2017
مسيحيو القدس يعتبرون توجهات ترامب ظالمة (أحمد غربلي/فرانس برس)
+ الخط -

كغيرهم من أبناء الشعب الفلسطيني، لا يخفي مسيحيو القدس، وعموم فلسطين، قلقهم ومخاوفهم مما يصفونه بـ"الخطوة المجنونة" التي قد يقبل عليها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، غدا الأربعاء، بإعلانه القدس عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، متجاهلاً وجود شعب تعداده ملايين البشر يقطن بلاده منذ أكثر من ستة آلاف عام، وكانت القدس على الدوام عاصمته.

ويرى مسيحيو فلسطين أن قلقهم إزاء خطوة ترامب المرتقبة نابع من اعتبارهم "الإدارة الأميركية الحالية أكثر تطرفا من زعماء دولة الاحتلال، وأشد انحيازا لأساطير كاذبة ومضللة يدعيها من يحتل أرضهم وينتهك مقدساتهم"، مثلما يقول  الناشط جورج شبيطة، من سكان حارة النصارى في البلدة القديمة من القدس.

شبيطة عبّر، في حديثه لـ"العربي الجديد"، عن غضب أبناء رعيته وشعبه من "توجهات ترامب الظالمة"، وإنكاره لحقوق شعب كامل، بمسلميه ومسيحييه، والذين يعيشون في القدس منذ آلاف السنين، وأضاف "حتى ولو قدم ترامب للمحتلين ما وعدهم به، فالواقع وتاريخ القدس وأهلها سيبقون كما هم. ربما قراره يوازي وعد بلفور، ونحن لن نعترف به".

الموقف ذاته أكده والد الأسير المقدسي جون قاقيش، من سكان حي الجبشة بالبلدة القديمة من القدس، والمحكوم باثني عشر عاماً، بتهمة طعن مستوطنين اثنيْن عام 2014، وقال لـ"العربي الجديد" "إن أي وعد من ترامب لليهود بإعلان القدس عاصمة لدولتهم المحتلة هو وعد باطل وغير شرعي، وسنقاومه مسلمين ومسيحيين". 

وأضاف "القدس لشعبها العربي الفلسطيني، ولأمتها العربية والإسلامية، ولن تكون إلا عاصمة لدولتنا الفلسطينية طال الزمان أم قصر. لم يعتقل جون ويحكم اثني عشر عاما، ولم يرتق عشرات الشهداء في العامين الماضيين من أجل القدس، ليأتي زعيم أهوج مثل ترامب ويعطي الاحتلال حق التصرف في القدس، بينما يحرم أصحابها الشرعيين من هذا الحق".

من جهته، قال برنارد سابيلا، أستاذ علم النفس الاجتماعي وعضو المجلس التشريعي عن حركة فتح في القدس، ومن الشخصيات المسيحية الوطنية في المدينة المقدسة، إنه "إذا ما قرر ترامب أن القدس عاصمة لإسرائيل فهو يخالف اتفاقيات دولية، آخرها أوسلو، والتي نصّت على أن الوضع النهائي للقدس يتم التفاوض عليه بين الطرفين". 

وتابع سابيلا، في تصريح لـ"العربي الجديد"كما أن الفاتيكان، وهو أعلى سلطة دينية لكاثوليك العالم له نفس الموقف من القدس، ويؤكد ضرورة وصول الطرفين إلى اتفاق حول وضع المدينة المقدسة، أي أن ترامب يريد حسم الموقف بشأن وضع المدينة دون الحاجة لمشاورات ومفاوضات بين الطرفين. وقد أدار الرئيس الأميركي ظهره ليس فقط للاتفاقيات الدولية والمعاهدات بهذا الخصوص، ولكنه يتجاهل بأن للقدس مكانة دينية تجعل الاعتراف بها عاصمة لإسرائيل معارضا لحقوق الديانتين الإسلامية والمسيحية في المدينة".

وشدد المتحدث ذاته "الرئيس ترامب يريد تخطي الحق الأساسي للشعب الفلسطيني في الوصول إلى وضع تكون فيه القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين العتيدة، أي أنه إذا ما اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل يكون قد استبق الحل المبني على مبدأ التفاوض للوصول إلى حل يقوم على احترام مكانة القدس الدينية والحقوق المشروعة لشعبنا الفلسطيني".

ورأت المواطنة المقدسية نسرين فرهود، من سكان عقبة البطيخ في البلدة القديمة من القدس، وتعمل موظفة في إحدى المؤسسات الدولية، أن أي قرار أميركي بشأن القدس يعتبر منافيا لجميع المعاهدات والاتفاقيات، ويخالف ما تم الاتفاق عليه في محادثات الحل النهائي.

فرهود قالت لـ"العربي الجديد" إن "السؤال الصعب، والذي على الرئيس محمود عباس أن يجيب عليه، هل ينجح في معركته الدولية هذه باستقطاب مناصرين ضد القرار مرة أخرى؟ ولماذا تصرّ الإدارة الأميركية على إعلانها هذا وهي تدرك المخاطر الناجمة عنه؟".

وأضافت "أنا كمسيحية أناشد جميع الكنائس في الأرض المقدسة وفي العالم أن ترفع صوتها ضد هذا التوجه الأميركي، فالقدس لم تكن في يوم من الأيام يهودية، وأي قرار أميركي بهذا الاتجاه يعني إنكار وجود ديانتين أخريين يتبعهما مئات الملايين من البشر".

المساهمون