مسلّحات في شوارع بغداد

11 مايو 2016
ربما تحمل مسدساً (صباح عرار/ فرانس برس)
+ الخط -

ليس غريباً أن تجد شاباً يضع في سيّارته مسدّساً أو سكيناً بهدف حماية نفسه في حال تعرّض لاعتداء في أي مكان في العاصمة العراقيّة بغداد. لكن يبدو لافتاً أن تحمل شابات ونساء مسدسات أو سكاكين أو أجهزة صاعقة صغيرة في حقائبهنّ الشخصية للدفاع عن أنفسهنّ، خصوصاً أثناء عودتهنّ من جامعاتهنّ أو أعمالهنّ أو تجوالهنّ في الشوارع ببساطة.

سابقاً، كانت النساء يسرن وحدهنّ في الشوارع، ويذهبن إلى أي مكان من دون أن يجرؤ أحد على التعرّض لهنّ. لكنّ التحوّلات الأمنية والسياسية بعد احتلال العراق في عام 2003 قلبت الموازين إلى حدٍّ كبير.

تقول شيماء الوردي (34 عاماً) إنّ "الأمن الشخصي بات الشغل الشاغل للشابات والنساء عموماً، اللواتي يخرجن من البيت للعمل أو الدراسة أو غير ذلك، في ظلّ انتشار عصابات السطو والخطف والسرقة في بغداد وضواحيها، وضعف عمل الأجهزة الأمنية، ما يجعلهنّ مضطرات إلى حماية أنفسهنّ من خلال حمل سلاح الشخصي". تضيف لـ "العربي الجديد": "أحمل في حقيبتي الصغيرة مسدّساً لاستخدامه في الحالات الطارئة، بعدما تعرّضت كثيرات إلى السرقة في وضح النهار لدى عودتهنّ من العمل أو الجامعة". يضاف إلى ما سبق خوفها من الخطف على أيدي العصابات.

في هذه الأيّام، كثيراً ما تقبل الشابات والنساء على شراء المسدّسات الصغيرة وتعلّم استخدامها للدفاع عن أنفسهنّ في حال تعرّضهنّ للخطف أو التحرّش أو محاولة السرقة، ما دفع التجار إلى استيراد مختلف أنواع الأسلحة وبيعها في السوق. يقول صاحب بسطة صغيرة لبيع الأسلحة في منطقة الباب الشرقي في بغداد، عادل علي (47 عاماً): "في الآونة الأخيرة، ألاحظ إقبالاً كبيراً من قبل شابات ونساء على شراء السكاكين وأجهزة الصعق الكهربائية للدفاع عن أنفسهنّ". يتابع أنّ هذا الإقبال يزداد في ظلّ ارتفاع نسبة جرائم السطو والخطف والسرقة، وشعور النساء بعدم قدرة أجهزة الأمن على توفير الحماية لهنّ في الشارع. ويلفت إلى أنهنّ بتنَ أكثر إقبالاً على شراء هذه الأسلحة من الشبان والرجال.

في هذا السياق، يرى باحثون أنّ المجتمع العراقي بات يسعى إلى تأمين الحماية الشخصية بدلاً من الاتكال على عناصر وأجهزة الدولة في ظلّ الأوضاع الأمنية المتردية في البلاد، وانتشار الميليشيات والعصابات المسلحة وسيطرتها على عدد من مؤسسات الدولة. تقول الباحثة الاجتماعية علياء العبيدي إنّ المرأة العراقية باتت تشعر بالخوف خلال توجّهها إلى عملها أو جامعتها وغيرهما أو عودتها منهما، بعدما تعرّضت شابات ونساء عديدات للسرقة في الشارع وفي وضح النهار، فيما تعرّضت أخريات لمحاولات خطف". وتلفت إلى أنّه "لأمر محزن أن نرى نساء يحملن مسدسات أو سكاكين أو أجهزة صاعقة لحماية أنفسهنّ، كأننا نعيش في إحدى ضواحي الولايات المتحدة الأميركية، حيث تكثر العصابات والمجرمين"، مضيفة أنّها "عدوى الديمقراطية الأميركية بعد عام 2003".

من جهة أخرى، يشير خبراء في مجال الأمن إلى أنّ تأمين الحماية الشخصية بات ضرورة حياتية بالنسبة إلى الشابات والنساء عموماً. ولا يتردد بعضهنّ في تقديم معاملات رسميّة للحصول على رخصة لحمل السلاح لحماية أنفسهنّ. ويوضح الضابط في وزارة الداخلية واثق البياتي أنّ الجهات الأمنية تدرك مدى حاجة المرأة إلى حماية نفسها في ظلّ انتشار عصابات الخطف والسطو والسرقة في بغداد وضواحيها. ويلفت إلى أنّ كثيرات يقدّمن معاملات رسمية إلى مراكز الشرطة للحصول على رخصة حمل مسدسات.

ولأنّ هذا الأمر يتطلّب وقتاً وجهداً ومالاً لتأمين أجواء أكثر أماناً بالنسبة إلى النساء والشابات في مقتبل العمر، يرى باحثون أنّ عائلات عديدة اختارت منعهنّ من الخروج من البيت لوحدهنّ.

دلالات