فرّوا هاربين فنجت أجسادهم، غير أن عقولهم لا تزال مثقلة بهول ما اختبروه من المجازر والظلم الذي تعرضوا له على يد جيش ميانمار، ومجموعات بوذية قتلت عدداً كبيراً منهم، وأجبرت الكثيرين على ترك وطنهم واللجوء إلى بنغلادش.
ويعيش اللاجئون الروهينغيون في مخيمات كوكس بازار، ظروفاً صعبة للغاية تضاف إلى ما يكابدونه كل يوم من آلام نفسية، ومحاولات يائسة لنسيان الذكريات المؤلمة التي عاشوها في وطنهم، من ظلم واضطهاد، وفقدانهم لأقربائهم وذويهم.
وقال ظافر إسلام، الذي يقيم منذ نحو عام ونصف في مخيم "كوتوبالونغ" بمدينة كوكس بازار: "عناصر جيش ميانمار قتلت والديّ رمياً بالرصاص قرب منزلنا في إقليم أراكان". عقب تلك المجزرة اضطر إسلام لمغادرة منزله، وفر إلى المخيم مع شقيقته وزوجته وأبنائه الثلاثة. "لا يمكنني نسيان تلك الأيام، وما زلت أحمل آثارها في ذاكرتي إلى اليوم".
وقال الزوجان اللاجئان روهلامين وأنوار بيغوم، إنهما يعيشان مع طفليهما في المخيم في ظروف صعبة: "اضطررنا للمشي سيراً على الأقدام رفقة أطفالنا، لمدة أسبوع، ومن ثم السباحة في نهر ناف للوصول إلى المخيم".
حالياً، تقطن العائلة الروهينغية في منزل من قصب البامبو، وتؤكد تمسكها بالحياة: "في الأيام الأولى من مجيئنا إلى هنا لم يكن لدينا مكان يأوينا، ثم جاء أشخاص أتراك وشيدوا لنا المنازل، وبذلك أصبح لدينا منزل يأوينا".
من جانبه، قال اللاجئ أمير حسين (55 سنة)، إنه وصل إلى المخيم مع أبنائه الـ6 وحفيده، بعد قطع مسافة طويلة مشياً على الأقدام استغرقت نحو أسبوع. "جئنا إلى المخيم في مجموعة كبيرة تضم نحو 600 شخص، ونقيم الآن في منازل بسيطة، ونعيش على المساعدات التي تأتينا".
أما اللاجئ محمد نور (64 سنة)، فقال إنه جاء إلى المخيم مع زوجته وبناته الـ4، بعد مسيرة شاقّة لمدة 12 يوماً، ولفت إلى أنه فقد الكثير من أقربائه، سواء في أراكان، أو في الطريق إلى بنغلادش.
وأشار إلى أن "المنظمات التركية ترسل المساعدات الإنسانية إلى المخيم، وأنشأت آلاف المنازل والمشافي والمساجد والمدارس، وحفرت الكثير من آبار المياه في المنطقة".
رغم المعاناة والألم والظروف الصعبة، يحاول لاجئو الروهينغا قدر المستطاع الدفع بالأمل خارج مناطق الأمل، متشبثين بحب الحياة والبقاء. ولتأمين أموال قليلة، يقوم كثير منهم بأعمال مختلفة مثل المشاركة في أعمال حفر الطرق وحمل موادّ البناء في المخيم، مقابل نحو 50 إلى 100 تاكا بنغالي يومياً (أقل من دولارين أميركيين)، بينما يقوم عدد آخر منهم ببيع الموادّ الغذائية في المخيم.
ويواصل الأطفال اللاجئون تلقي الدروس في مدارس أنشئت بالمنطقة، كما يمارسون أنشطة رياضية أبرزها كرة القدم.
(الأناضول)