هل تدخل الدراما في خفايا معاهدات التطبيع بين بعض البلدان العربية وإسرائيل؟ سؤال يُطرح بعدما كثر الكلام في الأسابيع الأخيرة عن إمكانية تغيير البوصلة، أو تعليق بعص المسلسلات التي تتطرق إلى الصراع العربي الإسرائيلي.
من دون شك، يجد لبنان نفسه ضمن الإطار الشائك لهذه الاتفاقيات، وخصوصاً أن سوق شركات الإنتاجات اللبنانية يتوقف اليوم على دول الخليج العربي التي تسعى إلى شراء هذا الإنتاج لما يحققه من مكاسب مالية مهمة. لكن ذلك يفتح العين أكثر حول التزام الكتّاب بالنأي بالنفس عن الوضع المستجد المتمثل باتفاقات التطبيع.
والتساؤل هنا يُطرح حول إمكانية الغمز من ناحية النأي بالنفس، أقله في شأن تناول الصراع العربي الإسرائيلي في الفترة الحالية ضمن الإنتاجات الدرامية وهو ما يفتح الباب أمام اختيار نصوص بعيدة عن السياسة، بينما تلفت المتابعة إلى محاولات تحييد التعاون الفني بين بعض الدول المتنازعة، تماماً كما الصراع السعودي ــ التركي الذي حمل المملكة وشركات الإنتاج على الاستمرار في التعاون عبر الدراما، وذلك لتقاسم المغانم والعائدات المالية التي تحرك منظومة العرض، ولا سيما على المنصّات الإلكترونية الناشطة هذه الفترة.
في عام 1987، عُرض الجزء الأول من مسلسل "رأفت الهجان"، بطولة الممثل الراحل محمود عبد العزيز، ويُسرا، كتابة صالح مرسي، وإخراج يحيى العلمي. المسلسل كما هو معروف ينقل سيرة حياة الجاسوس المصري رفعت علي سليمان الجمّال، الذي زرعه المصريون داخل المجتمع الإسرائيلي للتجسس لصالح المخابرات المصرية، وكان له دور فعال في الإعداد لحرب أكتوبر. حينها، استطاع الممثل الراحل محمود عبد العزيز تقديم وجبة درامية تعتبر من أفضل الأعمال الدرامية التي قُدمت، فضلاً عن النجاح الكبير الذي حققه المسلسل خلال ثلاثة أجزاء وأكثر في 52 حلقة، وكان لافتاً تحييد تدخل الرقابة المصرية على المسلسل، والعمل على الترويج له بكافة وسائل الإعلام آنذاك.
مناسبة الكلام عن "رأفت الهجان"، هي بسبب بعض ما يتم تداوله اليوم من طلب بعض الأنظمة العربية مراعاة العلاقة بين الدول التي عمدت إلى توقيع اتفاقيات مع إسرائيل، وهذا ما ينفيه مصدر في إحدى شركات الإنتاج اللبنانية والعربية بشكل قاطع حول إمكانية التدخل في الإنتاج أو المحتوى الدرامي عموماً.
ينفي المنتج اللبناني صادق الصباح في اتصال مع "العربي الجديد" أن يكون هناك إملاءات معينة حول مسلسل "الأمير الأحمر"، من بطولة تيم حسن وإخراج سامر البرقاوي، الذي حكي عنه قبل عام، وقيل إنه سيجسد قصة حياة المناضل الفلسطيني الراحل علي حسن سلامة الذي اغتيل في بيروت قي يناير/كانون الثاني 1979، وقال الصبّاح: "التأخير سببه تجهيز فريق العمل للسفر إلى أوروبا والعمل على إخراج تأشيرات السفر، وهذا ما يلزمه وقت طويل في ظل الإجراءات الخاصة بفيروس كورونا، والشروط الخاصة التي باتت تفرضها الدول على كل القادمين. وهذا حقيقة أوقعنا في حالة من الانتظار، لكننا لم نغض النظر عنه بشكل نهائي، بل ننتظر بعض الفرص التي تسمح لنا لمواصلة المسلسل ومتابعة تصويره قريبا"، نافياً بشكل قاطع أن يكون سبب التأخير سياسياً.
تابع آخر أخبار العربي الجديد عبر Google News
