وحين عادت السيدة إلى منزلها محاولة دخوله اعتدى عليها المستوطنون، وعلى عدد من المواطنين المقدسيين الذين دعموها، ورشّوهم بغاز الفلفل بمعاونة شرطة الاحتلال التي شاركت في الاعتداء على المواطنين، ما تسبب بحالات اختناق عديدة، واعتقال خمسة شبان.
وأفاد شهود عيان لـ"العربي الجديد"، بأن نحو 15 مستوطناً اقتحموا المنزل بعدما حطموا أقفاله، واستبدلوها بأقفال جديدة.
ووفقاً للمعطيات التي حصلت عليها "العربي الجديد"، فإن ثلاثاً من الحصص المملوكة لعائلتي العلمي واشتيّ مشمولة بعملية تسريب العقار، وتبلغ نسبتها 60 في المائة من مساحة العقار، أما الحصة الرابعة فمملوكة لعائلة الحلبي، وهي غير مشمولة في عملية البيع، لأن حفيدة المواطن جودت الحلبي وزوجها، وهما مسنّان، يقيمان فيها، وتم اقتحامه عنوة أثناء وجود قاطنيه خارجه.
وأفاد مقربون من عائلة الحلبي، بأن محامي العائلة توجه إلى المحكمة لاستصدار قرار بإرغام المستوطنين على مغادرة حصة موكلته من العقار، الذي يقع في عقبة درويش بالقرب من مدرسة القادسية، ويبعد أمتاراً قليلة عن عقار آل جودة الحسيني في حارة السعدية المجاورة، الذي استولى عليه مستوطنون في الربع الأخير من العام الماضي.
من ناحيته، أكد رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس، الشيخ عكرمة صبري لـ"العربي الجديد"، أن "استيلاء المستوطنين على العقار الجديد في عقبة درويش، جزء من الحرب المفتوحة التي يشنّها الاحتلال على الوجود الفلسطيني في القدس"، مندداً بعمليات التسريب التي يتورط بها "سماسرة محليون خانوا دينهم ووطنهم" على حد قوله.
وجدد صبري فتوى قديمة صدرت في 1935، تجرّم وتحرّم بيع العقارات والأراضي للمستوطنين، وقال: "نجدّد هذه الفتوى مرة أخرى، وكنا تطرقنا إليها أكثر من مرة، ونعتبر كل متورط خائناً وعميلاً تحرّم الصلاة عليه في مساجدنا، ويمنع دفنه في مقابر المسلمين. أناشد المواطنين الحذر من السماسرة، وعدم التفريط بأراضيهم وعقاراتهم، لأن من يفعل ذلك ملعون".
وتم الكشف عن تسريب العقار بواسطة عصام عقل (55 سنة)، الذي شغل سابقاً منصباً في السلطة الفلسطينية، كما عمل موظفاً في مستشفى فلسطيني بالقدس، وفي أعقاب اتهامه بالتورط في صفقة البيع لصالح جمعية عطيرات كوهانيم الاستيطانية مقابل مبلغ مالي يقدر بنصف مليون دولار، قامت أجهزة الأمن الفلسطينية باعتقاله.
وأطلقت السلطة الفلسطينية سراح عقل، بعد ضغوط مورست عليها من سلطات الاحتلال والولايات المتحدة، لكونه يحمل الجنسية الإسرائيلية ويمتلك جواز سفر أميركياً، ولم يصدر أي تعقيب سياسي أو أمني حول الإفراج عن عقل من السلطة الفلسطينية.
واعتقل في أعقاب تلك الأزمة محافظ القدس عدنان غيث، وعشرات آخرون من كوادر حركة فتح والأجهزة الأمنية الفلسطينية، من بينهم مدير مخابرات القدس في السلطة الفلسطينية كوسيلة ضغط لإطلاق سراح عقل.
كما طاولت إجراءات الاحتلال محافظ القدس السابق، وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ووزير شؤون القدس، عدنان الحسيني، الذي صدر بحقه أمر قضائي يقضي بمنعه من السفر لمدة ثلاثة أشهر.