مستقبل كوشنر على المحك

02 مارس 2018
+ الخط -
ثلاث ضربات تلقاها جارد كوشنر، كبير مستشاري الرئيس الأميركي دونالد ترامب وصهره، ربما تضع مستقبله السياسي على المحك. تتعلق الأولى بما نشرته صحيفة واشنطن بوست بشأن احتمال استغلال كوشنر منصبه السياسي من أجل تحقيق مكاسب تجارية ومالية واقتصادية. حيث كشفت الصحيفة عن حصول شركاته على قروض من عدة دول، أجرى كوشنر محادثات مع مسؤوليها. والأكثر من ذلك ما تذكره الصحيفة إن بعض هؤلاء المسؤولين، في محادثات هاتفية مع كوشنر، اعتبروه صيداً ثميناً يمكن استغلاله للتأثير على سياسات أميركا تجاهها، ومن هذه الدول، إسرائيل والإمارات والصين والمكسيك.
وتتعلق الضربة الثانية بعدم حصول كوشنر على تصريح أمني دائم يمكّنه من الحصول على معلومات استخباراتية غاية في السرية، حيث يشترط على العاملين في البيت الأبيض، وغيره من المؤسسات الأميركية، أن يحصلوا على تصريح أمني، بعد عملية تدقيق من مكتب التحقيقات الفيدرالي بشأن خلفيات أي مسؤول وعلاقاته، والتأكد من عدم وجود تعارض بين عمله ومصالحه. فحتى الآن، لم يحصل كوشنر على هذا التصريح، ما دفع كبير موظفي البيت الأبيض، الجنرال جون كيلي، إلى التوصية بعدم عرض الملفات الحساسة على كوشنر، بعدما كان يمتلك هذه الميزة أكثر من عام.
وتتمثل الضربة الثالثة التي تلقاها كوشنر في خروج أحد مساعديه وصديقه ومستشاره، وهو جوش رافيل، من البيت الأبيض. وقد كان رافيل بمثابة "العقل المفكر" لكوشنر وزوجته إيفانكا ترامب، وكانا يلقبانه "رجل الأزمات"، حسب "واشنطن بوست". وكان له دور مهم في ترتيب ملفات السياسة الخارجية التي يشرف عليها كوشنر، وأهمها ملف العلاقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
من شأن هذه الضربات الثلاث أن تقلص من دور كوشنر وصلاحياته داخل إدارة ترامب، وهو الذي اعتمد كثيراً على علاقته بالرئيس ودوره في وصوله إلى البيت الأبيض، من أجل التأثير في عملية صنع القرار داخل أهم مؤسسة سياسية في العالم، وهي البيت الأبيض. وقد يزداد الأمر سوءاً إذا ما ثبت تورّط كوشنر في الاتصالات مع الروس، في ضوء التحقيقات التي يجريها المحقق الخاص، روبرت مولر. وهناك شكوك كبيرة بشأن إمكانية ذلك، خصوصاً بعد رصد لقاءاتٍ لكوشنر مع أشخاص روس، في أثناء الحملة الانتخابية لترامب.
ستكون خسارة كوشنر وخروجه من البيت الأبيض كابوساً لترامب، وفريق عمله الذي يتناقص كل يوم، وهو الذي لا يفقه كثيراً في إدارة شؤون السياسة، وكان يلقي ملفاتٍ كثيرة على عاتق كوشنر، لكي يتفرغ هو لمعركته مع خصومه الديمقراطيين. ويبدو ترامب في وضع لا يُحسد عليه، مع اقتراب تحقيقات مولر من أقرب مستشاريه، وهو كوشنر. وإذا ما ثبت أن ثمة دوراً للأخير في التنسيق مع الروس في أثناء الانتخابات الرئاسية عام 2016، فربما تكون القاضية السياسية لترامب.
ما يهمنا في حكاية كوشنر هو ما يتعلق بـ"صفقة القرن"، والتي يبدو أنه تم تخطيطها والتحضير لها من خلال الضغط الإسرائيلي، والإغراء الإماراتي لكوشنر، طوال العامين الأخيرين. لذا، سوف يمثل عدم إطلاع كوشنر على الملفات الحساسة خسارة كبيرة لهذا الحلف الجديد، ولخطته بشأن إنجاز الصفقة. بكلمات أخرى، يبدو أن الاستثمار الإسرائيلي – الإماراتي في كوشنر كان خاسراً منذ البداية، وسيجري العمل على اختراق أشخاص آخرين مؤثرين، قد يكملون المهمة التي بدأها كوشنر، إذ ما تمت إطاحته من البيت الأبيض، وهو ما قد يحدث خلال الشهور القليلة المقبلة.
A6B2AD19-AA7A-4CE0-B76F-82674F4DCDE4
خليل العناني

أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة جونز هوبكنز الأميركية. عمل كبير باحثين في معهد الشرق الأوسط، وباحثاً في جامعة دورهام البريطانية، وباحثاً زائراً في معهد بروكينجز.من كتبه "الإخوان المسلمون في مصر ..شيخوخة تصارع الزمن".