في منتصف شهر يونيو/حزيران الماضي، أغلقت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في الأردن مدرسة جبل عمّان الإعدادية المختلطة، فكان مصير نحو 160 طالباً وطالبة من اللاجئين الشارع.
قرارُ إغلاق المدرسة التي تستأجر الوكالة مبناها منذ عام 1967، والتي كانت قد أعلنت أكثر من مرة خلال السنوات الماضية نيتها إغلاقها بسبب تآكل المبنى، تزامن مع بدء بحثها مدى إمكانية تطبيق خطة ترمي إلى تقليص الكادر التعليمي ودمج المدارس التابعة للوكالة، بهدف خفض كلفة خدمة التعليم وتقليص العجز في موازنتها للعام الجاري، البالغ مائة مليون دولار.
ورفض أهالي التلاميذ الذين أغلقت مدرستهم مبررات الوكالة، لافتين إلى أن التقارير الهندسية التي أوصت بإخلاء المبنى على الفور هي مجرد مبررات لتنفيذ خطة الوكالة بإغلاق المدرسة، كخطوة أولى لإغلاق غيرها من المدارس. هؤلاء الأهالي الذين اعتصموا رفضاً لقرار إغلاق المدرسة يواصلون الضغط على إدارة الوكالة لتحمل مسؤولياتها، وخصوصاً أنهم سيجدون أنفسهم أمام معاناة حقيقية في حال لم تحل المشكلة. ويقول عضو لجنة أولياء الأمور، إبراهيم درويش، إن "مستقبل التلاميذ بات في الشارع الآن".
يتابع درويش لـ "العربي الجديد" أن "مدارس الوكالة الأخرى بعيدة جداً، ويحتاج الوصول إليها الانتقال من وسيلة نقل إلى أخرى. بالتالي، يستحيل أن نرسل أبناءنا إليها. أما المدارس الحكومية القريبة، فأخبرتنا أنها لا تستطيع استيعاب أي تلميذ جديد".
في المقابل، تؤكد الأونروا أن الإخلاء جاء لأسباب فنية وهندسية فقط، نافية أن يكونَ جزءاً من خطة لإغلاق مدارس أخرى، وتعهدت البحث عن بدائل مناسبة في المنطقة القريبة من المدرسة التي أغلقت.
إغلاقُ مدرسة جبل عمّان، وتنامي الحديث عن خطط الوكالة لإنهاء خدمات التعليم، أثارت الرعب في نفوس اللاجئين الفلسطينيين في الأردن، البالغ عددهم حوالى 2.1 مليونَي لاجئ، وخصوصاً أن نسبة كبيرة منهم تعتمد بشكل كامل على مدارس الوكالة.
في السياق نفسه ، يقول اللاجئ، يوسف الطويل، المقيم في مخيم الوحدات للاجئين الفلسطينيين، وهو أب لأربعة أطفال يدرسون في مدارس الوكالة الموجودة داخل المخيم، إن "إغلاق المدارس سيكون بمثابة مصيبة تحل على اللاجئين". يضيف أن "التعليم أهم شيء في حياة الفلسطينيين، كما أن غالبية الشعب الفلسطيني في دول اللجوء متعلمة". ويرى أن أي توجه لإغلاق المدارس أو العبث بالتعليم من قبل الأونروا هو بمثابة "خطة لتجهيل الشعب الفلسطيني. وفي حال إغلاق المدارس، سيكون صعباً على اللاجئين إرسال أبنائهم إلى المدارس الحكومية البعيدة في غالبيتها عن المخيمات، كما يستحيل إرسالهم إلى المدارس الخاصة بسبب كلفتها المالية العالية".
وتقضي الخطة بزيادة الطاقة الاستيعابية في الفصل الدراسي إلى 50 طالباً، بعدما كانت 41 طالباً، ما يستوجب بالضرورة وفقاً للخطة تقليل عدد الفصول الدراسية كخطوة أولى لدمج المدارس وإغلاق بعضها، وتقليص الكادر التعليمي.
كرينبول، الذي وجد نفسه، خلال اجتماع اللجنة الاستشارية والدول المانحة المنعقد في عمّان منتصف يونيو/حزيران الماضي، محاطاً بعشرات الأسئلة حول مستقبل خدمة التعليم المقدمة للاجئين الفلسطينيين، نفى أي توجه لدى الوكالة لتقليص الخدمة أو إلغائها، موضحاً أن "لا شيء أهم من التعليم للاجئين الفلسطينيين لأنه يشكل مستقبلهم".
في السياق ذاته، تقول الناطقة باسم الأونروا في الأردن، أنوار أبو سكينة، إنه "لا توجد أية نية لدى الوكالة لإرجاء العام الدراسي المقبل كما تناقلت وسائل الإعلام"، لافتة في الوقت نفسه إلى لجوء الوكالة "لاتخاذ قرارات صعبة متعلقة ببرنامج التعليم الذي يستفيد منه حوالى نصف مليون لاجئ فلسطيني".
تضيف أن "الوكالة تعكف على تنفيذ تدابير تقشفية صارمة لمعالجة عجزها، كما تعمل على مضاعفة جهودها لتأمين الموارد". وترى أن الإجراءات التقشفية في برنامج التعليم تهدف إلى ضمان استمرار الأونروا بتقديم خدماتها المنقذة للأرواح، مثل خدمات الصحة والإغاثة والخدمات الاجتماعية وبرامج الطوارئ.
من جهته، يؤكد مصدر في الأونروا، رفض الكشف عن اسمه، لـ "العربي الجديد"، أن خطة الوكالة الخاصة بالتعليم ستؤدي إلى تقليص الكادر التعليمي في الأردن بنحو 300 وظيفة، نتيجة عملية دمج الصفوف، على أن يستغنى عن المزيد من الكادر التعليمي والمدارس بشكل سنوي. ويضيف أن "إدارة الوكالة بدأت تشجع العاملين فيها على الحصول على التقاعد المبكر، في الوقت الذي أعلنت فيه تجميد التعيينات".
ويشير المصدر إلى أن خطة "تصفية برنامج التعليم" يحتاج تنفيذها إلى خمس سنوات، تنسحب خلالها الوكالة بشكل تدريجي من دورها في البرنامج، على ألا يؤدي انسحابها المباشر إلى انتفاضة في مجتمع اللاجئين، أو صداماً مع حكومات الدول المضيفة".
اقرأ أيضاً: الأردن: وقفة احتجاجية لعاملي "أونروا" بسبب تقليص الخدمات