وأصدر مجلس الأمن، أمس الجمعة، قراره السنوي بشأن ملف الصحراء، والذي نص على تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة "المينورسو" إلى الصحراء سنة إضافية تصل إلى 30 إبريل/نيسان 2017، تكون الأطراف المعنية بالنزاع قد أخذت علماً بما لها وعليها في هذا الملف.
ومن جهة المغرب، لم تخف الرباط موقفها المثمن لما ورد في قرار مجلس الأمن بخصوص ملف الصحراء، واعتبرت وزارة الخارجية المغربية أنّ القرار "يشكل انتكاسة صارخة لجميع مناورات الأمانة العامة للأمم المتحدة"، مبرزة أنّ "المناورات تهدف إلى تحوير معايير الحل السلمي، وإحياء خيارات متجاوزة"، في إشارة إلى مطلب الاستفتاء الذي تدعو إليه جبهة "البوليساريو".
واعتبر المستشار الدبلوماسي، قرار مجلس الأمن أنه "انتصار دبلوماسي"، إذ تعرض المغرب لضغوط عدّة، منذ بداية شهر مارس/آذار، والخلاف غير مسبوق بين الرباط والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، مشيراً إلى أن تصويت الأوروغواي وفنزويلا ضد القرار، والبيانين اللذين ألقيتاه خلال اجتماع مجلس الأمن لتعليل تصويتهما، خير دليل على أن القرار جاء "مخالفاً لتطلعاتهما".
وعلّل بنيس، أنّه "باستثناء الفقرات الأربع التي تمت إضافتها بخصوص أهمية رجوع المينورسو، كانت أهم نقطة في القرار هي أنه احتفظ تقريباً بلغة تقرير السنة الماضية نفسها، كما أن القرار لم يحمل تدابير قسرية ضد المغرب بخصوص عودة المكون المدني للمينورسو، بل ترك الباب مفتوحاً للمفاوضات بين المغرب والأمم المتحدة".
ورأى بنيس أن "المغرب خرج من هذه المعركة الدبلوماسية السنوية داخل أروقة الأمم المتحدة، من دون الوقوع في أي انتكاسة، وأن المملكة ناورت بذكاء خلال الـ 7 أسابيع الماضية، إذ كانت الأمور قد تكون أسوأ لو لم يقم المغرب بالتصعيد ضد الأمم المتحدة، ورفع سقف مطالبه والتعامل بحزم مع تصريحات بان، عما أسماه "احتلال الصحراء".
واستطرد الخبير، قائلاً إنّ "المغرب كان يدرك أنه سيكون من الصعب جداً أن يقبل مجلس الأمن الدولي سابقة تتمثل في قيامه بطرد البعثة الأممية إلى الصحراء، وكان على علم أنه سيكون مطالباً بإرجاعها، ومع ذلك أبدى حزماً غير مسبوق في تعامله مع الأمم المتحدة".
وأكمل أنّه "عندما أدلى بان بتصريحاته تلك في الجزائر، كانت نيته تتمثل في دعوة مجلس الأمن لإعادة النظر في معايير المفاوضات التي حددها القرار 1754، وبمعنى آخر إرجاع الأمور إلى نقطة الصفر، وضرب الجهود التي قام بها المغرب منذ 2007".
ولفت بنيس إلى أنّه في تقريره المقدم إلى مجلس الأمن في 2014، دعا بان مجلس الأمن إلى إجراء مراجعة شمولية للعملية السياسية التي بدأت في 2007، إذا لم يتم إحراز أي تقدم بحلول إبريل/ نيسان 2015، وبالتالي، كانت تصريحاته بمثابة مؤشر واضح على نيته في محاولة إدخال تغيير جذري على العملية السياسية وإضعاف موقف المغرب.
واعتبر بنيس، أنّ القرار القوّي الذي اتخذه المغرب لإدانة ما وصفه بـ"تحيز بان لجبهة البوليساريو"، عبر طرد العنصر المدني للمينورسو، فاجأ الأمين العام ووضع النقاش على أسس مختلفة بعيداً عن أي محاولات من قبل الأمم المتحدة للدعوة إلى إنشاء آلية لرصد حقوق الإنسان في الصحراء.
وأضاف أنّه "من خلال طرد العنصر المدني للمينورسو، نجح المغرب في إعادة تركيز النقاش وفقاً لأجندته ولشروطه الخاصة، ومن تم وبغض النظر عن القرار، فسيكون للمغرب سنة أخرى لإعداد خطة جديدة للتعامل مع آخر التطورات في انتظار انتخاب أمين عام جديد للأمم المتحدة ورئيس أميركي جديد".
وخلص الخبير ذاته، إلى أن "المسؤولين المغاربة أدركوا منذ فترة طويلة أنه لا يمكن أن تتوقع المملكة الكثير من الأمين العام الحالي أو الإدارة الأميركية الحالية، ومن هنا كانت الحاجة لكسب الوقت والانتظار حتى انتخاب الأمين العام الجديد والرئيس الأميركي الجديد"، وفق تعبير بنيس.