هدّد مستثمرون مصريون وعرب بتصفية استثماراتهم في مصر، حال رفض مجلس النواب لقانون الطعن على عقود الحكومة والذي كان الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور قد أصدره في 2014 في ظل جدل كبير حيث حذر اقتصاديون آنذاك من أن القانون سيفاقم الفساد ويشرد المزيد من العمال.
وأكد مصدر برلماني لـ"العربي الجديد" أن رفض هذا القانون ليس نهائياً وأنه تمت إحالته للجنة الشكاوي والمقترحات وسيعاد للبرلمان لمناقشته مرة أخرى والمقرر أن يبت فيه، اليوم الأربعاء، ويتوقع الموافقة عليه في النهاية.
وأكد رجال أعمال دهشتهم من تعطيل البرلمان قانون العقود الحكومية رغم تمريرهم لأكثر من 300 قانون خلال أسبوع واحد.
ووصف مؤسس حزب المصريين الأحرار ورجل الأعمال البارز نجيب ساويرس، قرار مجلس النواب برفض قانوني تنظيم الطعن على عقود الدولة والثروة المعدنية بأنه "عودة للفوضى".
وكتب ساويرس على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي تويتر قائلاً: "من يستثمر في مصر عندما تصبح العقود غير ملزمة وأي كائن تحت أي مسمي يطعن عليها.. إهدار لمبدأ العقد شريعة المتعاقدين وعودة للفوضى".
وجاءت نتيجة التصويت في البرلمان الأحد الماضي، بموافقة 199 على القانون، مع رفض 159 نائباً، وأكد رئيس البرلمان أنه بهذه الطريقة تم رفضه وعلينا إعادته مرة أخرى للجنة المختصة بهذا الأمر، وتشترط اللوائح موافقة ثلثي الأعضاء لتمرير القوانين.
إلى ذلك قال رئيس واحدة من أكبر المجموعات العقارية في مصر، لـ"العربي الجديد"، "إن رفض البرلمان لهذا القانون ارتداد للخلف لسنوات طويلة، ولن يقبل أي مستثمر على توقيع عقد مع الحكومة وهو يعلم أن أي فرد يقدم طلباً بجنيه واحد يمكنه الادعاء ببطلان هذا العقد لأي سبب كان".
وأضاف رئيس المجموعة العقارية البارزة، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن هذا القانون المهم يجب على البرلمان تمريره لأنه يحمي الدولة والمستثمرين ويشجع على الاستثمار، ورفضه يعني أن الدولة تقول للمستثمر عفواً عدْ من حيث أتيت، مشيراً إلى أن شركته كانت قد بدأت في التفكير بجدية في إبرام عدة عقود عقارية مع الحكومة من تلك التي عرضت في شرم الشيخ، لكن الآن وبعد موقف البرلمان الذي يتجه لرفضه، تم إلغاء هذا التوجه وبدأنا نفكر جدياً في تقليص وربما سحب استثماراتنا من السوق.
اقرأ أيضاً: مؤسسة دولية تتوقع تباطؤ اقتصاد مصر في 2016
وتابع "لا نعلم غداً ماذا سيحدث؟ الدولة تصدر القانون وبعد شهر تلغيه، هذا ليس معقولاً، كيف للحكومة المصرية على سبيل المثال إقناع الجانب الصيني خلال زيارة لرئيسها إلى القاهرة التي بدأت أمس، بتوقيع عقود على مشروعات يمكن لأي مواطن الطعن عليها".
وأوضح أنه لن يضخ مستثمر دولاراً واحداً، في ظل رفض هذا القانون، بل سيخشى أصحاب العقود الموقعة مع الحكومة مؤخراً على ضخ استثمارات في تلك المشروعات وربما يرجئوها، مؤكداً أنه في الوقت الذي يبحث فيه الرئيس عبد الفتاح السيسي عن وسائل لتنشيط الاقتصاد نجد البرلمان يصفع الاقتصاد بهذا الموقف.
وخلال الفترة الانتقالية قبل تولي السيسي السلطة، أصدر الرئيس المؤقت عدلي منصور، في أبريل/نيسان 2014، قراراً بقانون لتنظيم بعض إجراءات الطعن على عقود الدولة، يمنع أي طرف ثالث من الطعن في العقود المبرمة بين الحكومة والمستثمرين، وكان رجال أعمال خليجيون طالبوا بتحصين عقودهم التي وقعوها مع الحكومة بعد أن قضت المحاكم المصرية ببطلان العديد من عقودهم.
ولاقي القانون ردود أفعال غاضبة عقب إصداره العام قبل الماضي، حيث أكد محللون وقيادات نقابية أنه سيؤدي إلى تفاقم الفساد وتشريد مزيد من العمال، وسيؤدي إلى خسارة النقابات العمالية للقضايا المرفوعة أمام المحاكم لإعادة عدد من شركات قطاع الأعمال التي تم بيعها بعقود فاسدة إلى الدولة.
وكان مجلس النواب المصري قد شهد مناقشات حادة في جلسة الأحد الماضي على القانون، وطالب بعض النواب بضرورة أن يسقط القانون لأنه يرسخ الفساد في جنبات الدولة، انتهت برفضه من المجلس وقرر رئيس المجلس إرجاعه للجنة الخاصة لكتابة تقرير عنه مرة أخرى.
أما عضو مجلس النواب ووزير الخارجية الأسبق، محمد العرابي، قال لـ"العربي الجديد"، إن الاقتصاد المصري في حاجة إلى تمرير هذا القانون، لأنه يحمي الدولة من الدخول بمواجهة خاسرة في التحكيم الدولي، بالإضافة إلى أنه يحمي مقدرات الدولة في نفس الوقت، وحتى لا يقوم أي شخص بالطعن على عقود الحكومة.
وأضاف أن القانون يسهم في تهيئة المناخ المناسب للاستثمار، ملتمساً العذر لمن رفضوه نظراً لقلقهم من أن يؤدي مثل هذا القانون إلى تقنين الفساد في البلاد.
اقرأ أيضاً:
مصر تعود لخصخصة المصارف
خبراء يتوقعون استمرار تراجع إيرادات قناة السويس