مساومات تشكيل الحكومة العراقية: كركوك تترقب مصيرها

30 يوليو 2018
كركوك أصبحت محوراً للمساومات السياسية (أحمد ديب/فرانس برس)
+ الخط -

دخلت كركوك شمالي العراق، الغنية بالنفط، خانة المساومات السياسية، في مشاورات تشكيل "الكتلة الكبرى" في البرلمان التي تتولى تأليف الحكومة المقبلة، بعد أن قدّمت الكتل في بغداد وعوداً بشأنها إلى الأحزاب الكردية، ما يضع المحافظة على حافة مصير مجهول، وسط مخاوف مكوناتها.

وقال مسؤول سياسي رفيع المستوى، لـ"العربي الجديد"، اليوم الإثنين، إنّ "الكرد وضعوا شروطاً على الكتل السياسية في بغداد لأجل الحوار والتحالف معها"، مضيفاً أنّ "الشروط ركزت على عودة قوات البشمركة والأسايش الكردية إلى كركوك، وأن يعاد منصب المحافظ إلى الكرد".

ولم تصدر بعد النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية العراقية التي جرت في 12 مايو/أيار الماضي، حيث أُعيد العد والفرز اليدوي للأصوات، بعد الاتهامات بحدوث مخالفات وتزوير، لكن الأطراف السياسية بدأت حراكاً لتشكيل "الكتلة الكبرى" في البرلمان الجديد، التي يضعها الدستور شرطاً قبل الشروع في اختيار رئيس الوزراء المقبل.

وأضاف المسؤول أنّ "الجانب الكردي اشترط أيضاً، حسم موضوع المناطق المتنازع عليها، وفق المادة 140 من الدستور"، مشيراً إلى أنّ "الجهات السياسية في بغداد، تساوم اليوم الجانب الكردي من أجل كسبه إلى صفوفها".

وأوضح أنّ "الحوارات التي أجراها تحالفا نوري المالكي وهادي العامري مع الكرد، ركزت على هذا الموضوع، وقد حصل الكرد على تعهدات من قبلهما لتنفيذ أغلب شروطهم، مقابل التحالف معهم"، مشيراً أيضاً إلى أنّ "رئيس الحكومة حيدر العبادي الذي يحاول التقرب إلى الكرد، قبِل ببعض شروطهم، خوفاً من خسارتهم وانضمامهم إلى خصومه".

وأكد أنّ "كركوك اليوم أصبحت محور المساومات السياسية بين الكرد من جانب، والكتل السياسية في بغداد من جانب آخر، الأمر الذي قد يدفع باتجاه عودتها إلى سلطة الكرد من جديد، وما يترتب على ذلك من تداعيات".

وتضم "المناطق المتنازع عليها"، جميع المدن والبلدات المختلطة قومياً ودينياً، وتقع غالبيتها في شمال وشرق العراق، ضمن محافظات كركوك وصلاح الدين ونينوى (شمال) وديالى (شرق) وواسط (جنوب شرق).

ونشأ الخلاف على تلك المناطق بعد إقرار الإقليم الكردي شمالي العراق، بسلطات وصلاحيات ذاتية شبه كاملة بعيداً عن بغداد. وبسبب هذا الخلاف، أخضعت بغداد تلك المناطق ضمن مادة دستورية عُرفت باسم المادة 140 أو "مادة المناطق المتنازع عليها"، بين بغداد وأربيل، وتقضي بتنظيم استفتاء عام لأهالي تلك المناطق، لتخييرهم بين البقاء مع بغداد ضمن السلطة الاتحادية للدولة أو الالتحاق بالإقليم.

وعلى الرغم من أن أربيل أدخلت تلك المناطق في الاستفتاء الذي نظمته للانفصال عن العراق في عام 2017، إلا أنّ الحملة العسكرية التي أطلقتها بغداد، بمشاركة عشرات الآلاف من الجنود وبغطاء جوي، أدت إلى طرد القوات الكردية (البشمركة)، منتصف أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي، من غالبية تلك المناطق، وعودتهم إلى حدود عام 2003.

وفرضت بغداد سلطتها على هذه المناطق، بعد أربع سنوات من سيطرة أربيل، إثر اجتياح "داعش" للعراق، عام 2014.



من جهته، أكد فرهاد الجاف، القيادي في "الحزب الديمقراطي الكردستاني" (يرأسه مسعود البارزاني)، لـ"العربي الجديد"، اليوم الإثنين، أنّ "الحزبين الكرديين (حزبه وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني) اتفقا على أن يكون هدفهما واحداً خلال المفاوضات مع بغداد"، مشدداً على أنّ "كركوك لا يمكن التخلي عنها بسهولة، وهي الشرط الرئيس في مفاوضاتنا".

وأكد "لقد حصلنا على الضوء الأخضر من الكتل السياسية في بغداد، لإجراء حوارات واتفاقات بشأن كركوك، وأنّ الوفد الكردي الممثل للحزبين يستعد لزيارة بغداد قريباً، لمناقشة هذا الموضوع الحيوي".

في المقابل، يحذّر أهالي المكونات الأخرى في كركوك، من خطورة عودة قوات الأكراد إلى المحافظة، الأمر الذي قد يؤثر على استقرارها.

وقال القيادي التركماني عن محافظة كركوك، فوزي أكرم ترزي، في تصريح صحافي، إنّ "الكرد يحاولون السيطرة على كركوك ومناطقها، واستغلال نفطها وتصديره"، مؤكداً أنّ "الكرد يعملون حالياً على إعادة قواتهم إلى المحافظة، والمناطق المتنازع عليها من جديد".

واعتبر أنّ "عودة القوات الكردية تعني عودة القلق وعدم الاستقرار إلى كركوك"، مضيفاً أنّ "أهالي كركوك والمناطق المتنازع عليها، يرفضون عودة القوات الكردية إلى مناطقهم".

ودعا إلى أن "تكون للتركمان قوة ماسكة للأرض في كركوك، بدلاً من جلب قوات من خارج المحافظة"، مشدداً على "ضرورة عدم استمرار تهميش دور التركمان".

وأكد "ضرورة جعل المصلحة الوطنية العليا فوق كل اعتبار، والابتعاد عن الشروط المسبقة في كل الاتفاقيات، حيث إنّ البلاد في مأزق، وعلى الجميع الابتعاد عن حقوقهم القومية من أجل مصلحة العراق".

يُشار إلى أنّ عدم حصول أي كتلة سياسية على مقاعد برلمانية تؤهلها لتشكيل "الكتلة الكبرى" وحدها، أو بالتحالف مع كتلة أخرى، دفع الكتل الساعية لتشكيل الحكومة إلى محاولة كسب الجانب الكردي، والقبول بشروطه.