وقدمت رئيسة مكتب منظمة يونيسيف بتونس، ليليا بياترز، تشخيصا بشأن تنامي ظاهرة العنف المسلط على الأطفال في تونس بمختلف أشكاله المادية والنفسية، وفي مختلف الأوساط التربوية والعائلية، وفي الشارع، داعية إلى الاستثمار في التربية والتعليم والصحة.
وشددت ممثلة مكتب منظمة يونيسيف بتونس في مداخلة بمناسبة ملتقى دراسي برلماني انتظم أمس الإثنين حول "المنظومة المؤسساتية والتشريعية لحقوق الطفل: "الواقع والآفاق"، أن نسبة تعرض الأطفال للعنف النفسي في تونس بلغت 80 في المائة بما يعنيه ذلك من تأثير على مستقبل الطفولة.
وأظهرت تقارير المنظمات غير الحكومية في تونس، أنّ 9 من 10 أطفال يتعرضون يوميا إلى أشكال مختلفة من العنف، أي ما يناهز نسبة 90 في المائة من مجموع الأطفال التونسيين.
كما كشفت التقارير أن 64 في المائة من الأطفال يتعرضون للعنف داخل العائلة والأسرة التي من المفترض أن تكون المصدر الأول للحماية، بالإضافة إلى أن 40 في المائة من الآباء يعتبرون العنف وسيلة تربوية أساسية.
وأكد الوزير لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان، محمد الفاضل محفوظ، أن مصالح الوزارة شكلت لجنة "ملائمة التشريعات مع الدستور والمنظومة الدولية لحقوق الإنسان" معتبرا أن هذه الملائمة تقتضي محاكاة الواقع ودرس بعض العقليات والممارسات.
وبين الوزير أنه ستجري مأسسة هذه اللجنة بعد إشراك المعنيين من نواب وخبراء في عدة ميادين،
مشيرا إلى مشروع بصدد الدراسة مع منظمة يونيسيف يخص تحقيق "كرامة الطفل" من خلال توفير دخل أدنى للطفل من ساعة ولادته، ويكون الدخل تحت رقابة والديه وقاضي الطفولة.
من جانبها، قدمت وزيرة المرأة والأسرة والطفولة، نزيهة العبيدي، الخطوات التي قامت بها الوزارة لتقييم الوضع العام للطفولة، مشيرة إلى أهم الإصلاحات التي وضعتها في سنة 2018 في قطاع الطفولة، وتفعيل الأشعار بالنسبة للانتهاكات الواقعة على الطفولة والتكثيف من عدد رياض الأطفال التابعة للدولة في المناطق الفقيرة والنائية.
وقالت النائبة عن الائتلاف الحكومي، ابتسام الجبابلي، رئيسة مجموعة "برلمانيون من أجل حقوق الطفل"، أنّ تسليط الضوء على حقوق الطفل في تونس يجب أن يتعرض لجميع جوانبها المؤسساتية والتشريعية، داعية لعدم الاكتفاء بالطرح السطحي والاعتباطي بعيدا عن السياق العملي والمستجدات الوطنية التي دفعت الجميع من برلمانيين ومفكرين في هذا المجال إلى إعادة النظر في مسألة إصلاح منظومة الطفولة ككل.
واستغربت الجبابلي من تفاقم الانتهاكات وتطور الظواهر الإجرامية في علاقة بالطفل، وما رافقها من تعقيدات تحتاج اليوم إلى تشخيص دقيق وتدارك القائمين والفاعلين في هذا المجال حتى يتم إصلاح شأن الطفولة.
ودعت في هذا السياق، إلى ضرورة مراجعة بعض النصوص التشريعية على غرار القوانين المتعلقة بمجلة حماية الطفل حتى تكون ملائمة للتعقيدات التي تكتسي عالم الطفولة.
ودعا النواب إلى أهمية عقد شراكات فعلية مع المجتمع المدني، إلى جانب إحداث هيكل موحد يمكن أن يكون لجنة أفقية تضم جميع الأطراف المعنية بمجال الطفولة لتجنب تشتت الجهود وتحقيق الفاعلية في مجال حماية حقوق الطفل.
وتعرضت مستشارة وزير التعليم، إلهام بربورة، إلى ضرورة دعم سلك مندوبي حماية الطفولة نظرا لأهمية الدور الذي يلعبونه في حماية الطفولة، إضافة إلى ضرورة الاهتمام بالجانب النفسي خاصة في ظل تفاقم حالات الانقطاع المدرسي المبكر بسبب حالات الاكتئاب العميق لدى الأطفال.
كما دعت بالمناسبة إلى ضرورة مأسسة التعهد بهذه الشريحة وتوضيح المفاهيم من قبل التربية الولدانية والجنسية.
واعتبر خبراء في مجال حقوق الطفل، أن الصعوبات التي تتعلق بالجانب التشريعي والقانوني للطفل نتيجة تشتت جهود الأطراف المتدخلة في هذا المجال مما أدى في معظم الحالات إلى انتهاك حقوق الطفل بدرجة جسيمة.
ودعا الخبراء إلى ضرورة تفعيل المجلس الأعلى للطفولة المكلف بالتنسيق بين مختلف الفاعلين في هذا المجال حتى يتم رفع الأحكام التمييزية بين الأطفال، إلى جانب ضرورة تشريك الأطفال في كل ما يخصهم عبر استشارتهم في الفضاءات التلمذية وعلى مستوى برلمان الطفل وفي مجالس البلدية للطفولة.
وطالب ممثلو عدد من الجمعيات، الدولة بالتكثيف من البرامج التوعوية والتثقيفية لفائدة الأسر، إلى جانب تشريك الجمعيات عند صياغة التشريعات المتعلقة بالطفولة، والحاجة إلى رسم استراتيجية واضحة للتصدي للعنف ضد الأطفال.