وتسبّبت الانشقاقات التي شهدها الحزب في تراجع كتلته في البرلمان إلى المرتبة الثانية، كما خسر الانتخابات البلدية الأخيرة.
وزادت خلافات مديره حافظ قايد السبسي مع رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، من مصاعبه، بعدما أعلن عدد من نوابه عن رفضهم لإبعاد الأخير وتغيير حكومته.
ومع نهاية التوافق مع حركة "النهضة"، شرع قياديو الحزب في محاولة الاجتماع من جديد، خصوصا أن الانتخابات البلدية الأخيرة التي فازت بها الحركة بيّنت أن تفرقهم زاد من ضعفهم جميعا وأضرّت بهم وبحظوظهم في الاستحقاقات القادمة نهاية العام المقبل، الرئاسية والتشريعية.
وكان أول العائدين للحزب رضا بلحاج، الذي كان شغل في السابق رئيس ديوان الرئيس الباجي قائد السبسي ومدير "النداء"، قبل أن يغادر ليؤسس حزب "تونس أولا"، ليقرر في نهاية الأمر تجاوز خلافاته مع حافظ قايد السبسي ويعود للحزب.
وتتواصل المساعي لإقناع منشقين آخرين، إذ التقى أول أمس حافظ قائد السبسي ورضا بلحاج بالقياديّ السابق في "النداء"، الطاهر بن حسين، الذي أسس بدوره حزب "المستقبل".
وأفاد الحزب بأن "اللقاء تناول التشاور حول إمكانيات الائتلاف السياسي والانتخابي في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة"، مشيرا إلى أنه سبق هذا اللقاء لقاءات مع كل من الأمين العام لحزب "مشروع تونس" محسن مرزوق، والأمين العام لحركة "بني وطني" سعيد العائدي، حول الموضوع نفسه، وكلاهما من القياديين السابقين في "النداء".
وعقد "نداء تونس" منذ أيام اجتماعا موسعا لهيئته السياسية، اعتبر خلاله أن "الانتخابات البلدية أثبتت أن النداء يبقى القوة الرئيسة للمحافظة على التوازن السياسي بالبلاد"، ووجه دعوة "لكل الأطياف الندائية إلى استرجاع مكانتها في الحزب، وتجميع كل القوى والطاقات الضامنة لتثبيت حركة "نداء تونس" كقوة سياسية رئيسية ومحددة للتوازن السياسي المطلوب في البلاد، في تطلع أكيد للمساهمة في تجميع أوسع ائتلاف للقوى الوطنية الحداثية في تونس".
وبدوره، اعتبر حزب "مشروع تونس"، الذي يرأسه مرزوق، أن "الأزمة الوطنيّة الحاليّة هي أزمة حكومة وحكم، أصلها سياسي، ويتطلّب حلّا سياسيا يتمثل في تجميع كافة القوى الوطنيّة على أساس الاعتبار من أخطاء الماضي، وإيثار الوطن على الذوات الشخصيّة، حتى تتوفّر القيادة السيّاسية الوطنيّة القويّة القادرة على إدارة دفة الحكم بكفاءة وفاعليّة وحلّ الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، وتخفيف عبء الأزمة على المواطنين، ووضع خارطة طريق للإنقاذ والنهوض".
وأكد الحزب، في بيان له، أنّ "الحكومة الحاليّة فقدت صفتها كحكومة وحدة وطنيّة، وأصبحت موضوعيّا رهينة عند حركة "النهضة"، ممّا عمّق الأزمة السياسية حولها وداخلها، وشغلها عن لعب دورها لحلّ كل المعضلات الاقتصادية والمالية والاجتماعيّة، وجعل حروب البقاء في السلطة تتغلّب على منطلق معارك بناء الوطن، وهو ما يتطلّب مراجعتها بتغيير شامل على مستويات طبيعتها السيّاسية ومكوّناتها وأهدافها".
وتفيد هذه المواقف المختلفة بأن هناك إجماعا لدى "العائلة الندائية" المشتتة على ضرورة الالتقاء من جديد وتجميع القوى في أفق الاستحقاقات القادمة، أي الالتقاء من جديد في مواجهة صعود حركة "النهضة"، غير أن هذه النوايا تصطدم بمعطيات موضوعية قد تعيق هذا الاجتماع أو تشوّش على أهدافه ونتائجه.