مساعد المبعوث الأممي في صنعاء: محاولة لإحياء المفاوضات في قلب التصعيد

07 يناير 2018
وصل مساعد المبعوث الأممي إلى صنعاء أمس(محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -
بعد الجمود الذي ساد جهود الأمم المتحدة لحل سلمي في اليمن عام 2017، تعود هذه المرة المساعي، مدفوعة بمعطيات جديدة على الساحة اليمنية، إذ وصل نائب مبعوث الأمم المتحدة، معين شريم، إلى العاصمة صنعاء، أمس السبت، في زيارة هي الأولى من نوعها، عقب التطورات الكبيرة التي شهدتها البلاد، وأبرزها مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح على أيدي الحوثيين، وفي ظل تصاعد وتيرة الدعوات الدولية المنادية بالعودة إلى طاولة التفاوض لحل سياسي في البلاد، أو الاتفاق على ترتيبات تسمح بوصول المساعدات الإنسانية والشحنات التجارية على الأقل. 

وأكدت مصادر سياسية يمنية في صنعاء، في حديث مع "العربي الجديد"، أن زيارة معين شريم، جاءت بالتنسيق مع جماعة أنصار الله (الحوثيين)، التي أظهرت رغبة بالتعاطي مع جهود الأمم المتحدة الرامية لاستئناف المشاورات في البلاد، بعد أن كان موقف الجماعة الرافض لمقترحات المبعوث الأممي، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، من أبرز مظاهر فشل الجهود السياسية للعام المنصرم. إلا أن الحوثيين، وبعد أن باتوا يمتلكون الكلمة الأولى والأخيرة في مناطق سيطرتهم بما فيها صنعاء، أبدوا في رسائل تواصل مع الأمم المتحدة في الأسابيع الأخيرة، رغبتهم بالتعاطي الإيجابي مع الجهود الأممية. 

ووفقاً للمصادر، فإن الزيارة، كانت قد تأجلت منذ منتصف ديسمبر/كانون الأول المنصرم، ثم تأجلت مرة أخرى، في نهاية الشهر نفسه. وأشارت المصادر إلى أن على رأس المواضيع التي سيبحثها مساعد المبعوث الأممي، الوضع في صنعاء، بما في ذلك الاعتقالات والملاحقات التي يقوم بها الحوثيون لأعضاء حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي يترأسه صالح، بالإضافة إلى النقاش حول المقترح الأممي الخاص بتسليم ميناء الحديدة، إلى طرف ثالث، كمدخل للتهدئة والعودة إلى طاولة المشاورات الهادفة للوصول إلى حل سياسي في البلاد. 

وكان الحوثيون، خلال العام 2017، رفضوا أكثر من مرة، مجرد الدخول في نقاشات حول تسليم ميناء الحديدة، المرفأ الذي يعد الشريان الرئيسي للواردات إلى اليمن، والوحيد الواقع تحت سيطرة الجماعة. ويبدو أن الأخيرة بعد أن تمكنت من القضاء على حليفها (صالح)، الذي دعا للانتفاضة عليها، مطلع الشهر الماضي وقُتل بعد مواجهات لأيام قليلة، تسعى للانفتاح على مقترحات الحل السياسي، في مواجهة التصعيد العسكري، الذي، دشنته قوات الجيش اليمني الموالية للشرعية، بدعم من التحالف بقيادة السعودية والإمارات، في أكثر من جبهة بالبلاد. وتكبد الحوثيون خسائر، خلال الأسابيع الماضية، في أطراف محافظة شبوة الجنوبية، كما خسروا مديرية "الخوخة" في الحديدة، بالإضافة إلى مديرية على الأقل في البيضاء، فيما تواصل قوات الشرعية حشد صفوفها لمزيد من التصعيد في الفترة المقبلة. 



واستبق نائب رئيس الوزراء اليمني، وزير الخارجية، عبدالملك المخلافي، وصول نائب المبعوث الأممي إلى صنعاء، بالقول يوم الجمعة الماضي، إن أي مشاورات مع من وصفها بـ"المليشيا" مرهونة بـ"التوقف عن الجرائم بحق السياسيين والمدنيين والإفراج عن كل المعتقلين بلا استثناء"، بالإضافة إلى وقف إطلاق الصواريخ (باتجاه السعودية)، والاستعداد الواضح والصريح للالتزام بالمرجعيات الثلاث (المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وقرار مجلس الأمن الدولي 2216.

واعتبر المخلافي، في التصريحات التي نقلتها صفحة وزارة الخارجية على موقع تويتر، أن الحديث عن مشاورات يعد نوعاً من التمني، لأن سلوك الحوثيين في الواقع لا يؤيد ذلك. 

يبقى أن زيارة نائب المبعوث الأممي إلى صنعاء تأتي بعد حراك دبلوماسي، شهدته العاصمة السعودية الرياض، الفترة الماضية، أبرزها لقاءات جمعت الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، بسفراء ودبلوماسيين معتمدين لدى اليمن، من كل من، أميركا، وبريطانيا، وفرنسا، تناولت في الغالب، الأوضاع الإنسانية المتدهورة، وتمسك الرئيس اليمني، بـ"المرجعيات الثلاث"، كأسس لأي حل سلمي في البلاد. كما شهدت، الأسابيع الأخيرة جملة تصريحات أميركية وبريطانية، ركزت على الوضع الإنساني المتفاقم نتيجة قيود التحالف على وصول المساعدات، وأكدت أن الحل السياسي هو الخيار الوحيد لإعادة الاستقرار إلى اليمن. 

وفي تطور لافت، اجتمع يوم الأربعاء الماضي سفراء دول التحالف، في مقر وزارة الخارجية السعودية بالرياض، وأصدروا بياناً، حمل للمرة الأولى بعد التطورات التي شهدتها صنعاء وبعد الصواريخ التي أطلقها الحوثيون باتجاه الرياض، دعماً لجهود السلام. وأكد المجتمعون "دعمهم لجهود المبعوث الأممي لليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، الرامية إلى بلوغ الحل السياسي القائم على المرجعيات الثلاث، المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني الشامل وقرار مجلس الأمن 2216"، لكنهم شددوا على" ضرورة استمرار التعاون والتنسيق بين دول التحالف لدعم الشرعية في اليمن والمبعوث الأممي بما في ذلك مقترحه الخاص بميناء الحديدة وفي إطار الحل السلمي المنشود"، على حد تعبير البيان. 

وللمرة الأولى يعود الحديث في اليمن، عن جهود لإحياء مسار التسوية، بعد الجمود الذي لف مسار المفاوضات طوال العام الماضي. وسبق أن طالب الحوثيون في فبراير/شباط 2017 بتغيير مبعوث الأمم المتحدة ورفضوا التعامل مع أي من مقترحاته بعد انهيار جهوده والمقترحات التي قدمها تحت مسمى "خارطة الطريق" المبنية على مبادرة وزير الخارجية الأميركي السابق، جون كيري (أواخر 2016).

 وكانت آخر زيارة للمبعوث الأممي إلى صنعاء، في مايو/أيار الماضي، حيث تعرض موكبه لإطلاق نار في العاصمة اليمنية لم ينتج عنه أي إصابات. ولاحقاً أعلن ولد الشيخ عن مقترحات خاصة بوضع ميناء الحديدة وآلية لتسليم مرتبات الموظفين الحكوميين المنقطعة في مناطق سيطرة الحوثيين منذ أكثر من عام، إلا أن مقترحاته واجهت رفضاً من الحوثيين.