يحاول أهالي صنعاء التأقلم مع الواقع الجديد المفروض من قبل "عاصفة الحزم" التي ينفذها تحالف عربي يدعم شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، في مواجهة جماعة أنصار الله (الحوثيين) والرئيس السابق علي عبدالله صالح، المسيطرة على مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية.
ولا يذهب كثير من الأهالي إلى أعمالهم في النهار، خوفاً من استهداف المؤسسات وهم بداخلها، ويستغل بعضهم هذه الإجازة الإجبارية في النوم، ليسهروا ليلاً مع الظلام وعلى دوي الانفجارات وأصوات مضادات الطيران التي تنتشر في السماء تبحث عن طائرة، مكونة لوحة مضيئة باللونين الأصفر والأحمر، بحسب الشاب محمد حسين الذي يحرص على مضغ القات في سطح منزله ليتابع.
يقول محمد لـ "العربي الجديد"، "اشتري القات يومياً، وأخلد للنوم بعد العصر، كي أمضغ القات ليلاً"، مشيراً إلى أنه يصعد على سطح منزله يومياً لمضغ القات على أصوات المتفجرات (القوارح) وهو يرى قذائف "مضادات الطيران" وهي تحاول إصابة الطائرات لإسقاطها.
ويرى محمد بأن مثل هذه اللحظات ربما لن تتكرر في حياته، ولهذا يحاول مشاهدة عمليات القصف طوال الليل، وهذا يغنيه عن متابعة فيلم أكشن بحسب قوله.
ويتابع "عندما أشاهد مضاد الطيران ينطلق من كل مكان في صنعاء ويقترب من الطائرات، أتفاعل معه وكأني أشاهد مبارات كرة قدم، أو ألعب لعبة اصطياد الطائرات".
وفي السياق ذاته، يؤكد صالح الأنسي بأنه لم يعد يتمتع بنبتة القات إلا وهو يسمع أصوات الانفجارات، لأنه تعوّد عليها. ويقول:"أعرف جيداً إن كانت الانفجارات التي أسمعها ناتجة عن القصف أو مضادات الطيران، قد تصيب يمنيين بضرر أو تقتلهم، لكني قد تعودت على الأصوات"، مشيراً إلى أنه قد ترك عادة مضغ القات في فترة بعد الظهر والعصر، مقابل بدء المقيل من بعد صلاة العشاء.
ولا يمنع الخوف الكثير من الشباب من الخروج إلى الشوارع الفرعية والحارات ليتبادلوا أطراف الكلام والتحليلات والتفسيرات السياسية، رغم الإطلاق الكثيف للمضادات وأصوات الانفجارات المتكررة.
النوم هرباً
أما غالبية النساء في صنعاء، فيلجأن هذه الأيام إلى النوم باكراً في محاولة يائسة للهرب من الخوف الناتج عن أصوات القصف والانفجارات. ولا تتردد الناشطة الحقوقية إلهام عمر من الإشارة إلى خوفها من القصف الشديد كل ليلة. تقول: "أنتظر كل لحظة سقوط القذائف على منزلنا، لأني أسمع صوت الانفجارات وهي قريبة جداً وهذا مخيف". ولفتت إلى أنها تحرص على النوم مبكراً، لكن مع ذلك، تصحو عند الفجر ويكون الضرب بالطائرات ما يزال على وتيرته. وتتمنى إلهام أن "يتوقف قصف التحالف العربي على اليمن، كون اليمن لا يستحق هذه الحرب" بحسب قولها.
ومع التراجع الكبير في حركة السير داخل المدينة، خصوصا في الليل، استغنت أغلب التقاطعات المعروفة عادة بالازدحام، عن رجال المرور كي ينظموا حركة السير، ويعتبر بعض سائقي سيارات الأجرة أن تخفيف الازدحام هو الحسنة الوحيدة لهذه الأجواء المثخنة بالخوف.
ولا يوجد تفسير واضح للزيادة الحاصلة في انقطاع التيار الكهربائي ليلاً عن مناطق واسعة في صنعاء، رغم عدم تعرض أبراج نقل الطاقة الكهربائية من مأرب لأي اعتداء، وتأتي التفسيرات العفوية بأن ثمة أهدافاً أمنية وقائية وراء قطع التيار.
إلى ذلك أجبرت طلعات التحالف ومضادات الطيران، الكثير من الأعراس على تأجيل مواعيدها أو إقامتها بصورة مصغرة بدون صالات ولا خيام بالشوارع.
اقرأ أيضاً:نساء على أرصفة صنعاء عرضة للتحرش والابتزاز